قبل ثلاث سنوات تقريباً، ومع تزايد كوارث السيول في السعودية خاصة في المنطقة الغربية من البلاد، ابتكر الشباب السعودي "كوميديا يوتيوب". يقوم الشباب -في هذا النوع من العمل الفني- بتسجيل مقاطع فيديو على الموقع العالمي المتخصص بمشاركات الفيديو المجانية "يوتيوب" لا تتجاوز في غالبها خمس دقائق، ويتبع بشكل عام في نهجها أسلوب ممزوج "بإستاند آب كوميدي مع توك شو " للتعليق على ما يحدث في المجتمع ما بأسلوب "ساخر ممتع".
وهذا النوع من "مقاطع يوتيوب" الكوميدية وإن بدأ في تجاربه الأولى بشكل "فني بسيط" غير احترافي، إلا أنه استطاع خلال فترات وجيزة استقطاب مشاهدين قدروا بمئات الآلاف، وهذا أسهم في جلب "رعايات" من كبريات الشركات المحلية، مما دفع العديد من شركات الإنتاج للتوجه نحو أبطال تلك البرامج الذين أضحوا "نجوما" في عالم الفن والتمثيل لإبرام صفقات فنية.
ومثلَّ الهروب من الرقابة التلفزيونية المحلية التي يفرضها الجهاز الرسمي على إنتاج أعماله عاملاً مهماً في إنتاج "مسلسلات يوتيوب" الكوميدية التي يبلغ ميزانية إنتاج الحلقة الواحدة عشرة آلاف دولار أمريكي، وفقاً لأحد المسؤولين عن إنتاج تلك المسلسلات.
تطور الفكرة
كما لعب استفحال المشاكل الاجتماعية ومنغصاتها، دوراً كبيراً في تطور "كوميديا يوتيوب" من برامج والتعليق عليها إلى طور جديد وهو صناعة "مسلسلات فنية كوميدية" خفيفة أغرى الإقبال المتزايد عليها عدداً من نحوم الكوميديا السعوديين في المشاركة فيها وفقاً لحديث مخرج مسلسل "قروشة" على يوتيوب عدنان حسان.
مسلسل "قروشة" الذي بث قبل خمس أيام على يوتيوب يستقطب يومياً أكثر من عشرة آلاف مشاهد، وهو الأمر الذي برره المخرج حسان في سياق حديثه إلى الجزيرة نت بقوله "الإحصائيات الأخيرة لنسب مشاهدة يوتيوب ومرتادي الإنترنت تساوت بشكل كبير مع المشاهدات التلفزيونية".
ويعطي حسان ما قال إنها "تحليلات فنية" في تطور أفكار الشباب السعودي في التعامل مع إشكاليات واقعهم الاجتماعي من برامج إلى مسلسلات، فيضيف" علينا الاعتراف أولاً أن الإنترنت حيز مفتوح بامتياز لا توجد فيه بيروقراطية أجهزة التلفزيون الرسمية، أضف إلى ذلك أن كثيرا من شركات الإنتاج الفني تهتم في أبجديات أعمالها الفنية بوجود النجوم الكبار، ولا تبدي اهتمامها بالمواهب الشبابية عموماً".
ويخلص في إفادته إلى نتيجة أن "يوتيوب تميز بفتح قنواته لجميع الفئات والمواهب لتعرض نفسها أمام الجمهور صاحب الكلمة الفصل ثم أمام النقاد، ثم أمام شركات الإنتاج".
قروشة تسعى "قروشة" وهو الاسم الرمزي لمجموعة من الشباب تمتلك الخبرة في المجال الفني والإعلامي على النطاقين التلفزيوني والمسرحي، إلى تعزيز معالجة القضايا الاجتماعية وفقاً لمعادلة أن الضغط على الجرح يزيد الألم، وبالتالي لا بد من البحث عن العلاج المناسب".
ويقول في ذلك الممثل وكاتب السيناريست بالمسلسل بندر باجبع في حديثه إلى الجزيرة نت "نعاني في مجتمعنا المحلي الكثير من المنغصات والإشكاليات الاجتماعية المؤرقة كارتفاع تكاليف الزواج على الشباب بطريقة تنذر بكارثة اجتماعية والتي كانت أولى حلقات المسلسل الذي سيعتمد بشكل في صناعة حلقات منفصلة لمشكلة محددة وتوقيت العشر دقائق".
الدعم الفني
أحمد السبيعي (ناقد ومنتج فني لدى إحدى الشركات) وصف حالة التطور التي تعيشها برامج يوتيوب في السعودية بأنها "تحمل في طياتها العديد من التحديات، خاصة أن تلك المسلسلات الكوميدية عموماً تمثل "جهداً شبابياً خالصاً من "خلال الدعم المعنوي والمادي الذاتي.
ويستشهد بأن حلقة واحدة تستنزف الكثير من الجهد النفسي والمعنوي" وقوة تلك المسلسلات الكوميدية وفق رأيه تكمن في الإيمان بالفكرة وبذلك تنافس كبريات المسلسلات الكوميدية على الشاشة الصغيرة التي تقدر ميزانيها بملايين الدولارات."
غير أن حديث الناقد الفني لم يخل من جملة "انتقادات فنية" لأداء "النصوص" التي تعتمد عليها في عرض الإشكاليات الاجتماعية المحلية بطريقة تحتاج إلى عمق أكثر، بالإضافة إلى غياب العنصر النسائي في تلك المسلسلات.