يرفع كل المرشحين الى الانتخابات الرئاسية في فرنسا شعار "اشتروا منتجات فرنسية من اجل دعم الانتاج الفرنسي!" الذي يمكن ان يبعث على الخشية من عودة الحمائية، لكنه يدل على ادراكهم لتراجع التصنيع في البلاد وفقدان قدرتها على المنافسة خارجيا. وكان مرشح الوسط فرانسوا بايرو الذي تفيد الاستطلاعات تقدمه في التوقعات، اول من اطلق الشعار عندما قال ان "الدعوة الى شراء منتجات فرنسية ليست كلمة مبتذلة بل طريقة مدنية" وسرعان ما انضم اليه معظم المرشحين الكبار بمن فيهم الرئيس نيكولا ساركوزي.
ومن "الميثاق الانتاجي" الذي يدعو اليه الاشتراكي فرانسوا هولاند الى السياسة الحمائية المتشددة التي يدعو اليها اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، وردت اعادة دفع قطاع التصينع في كافة الخطابات.
واعرب بيار غتاز رئيس مجموعة الاتحادات الصناعية عن ارتياحه مؤكدا انه "من الاساسي ان يدرك رجال السياسة، من اليسار واليمين على حد سواء، مجددا اهمية الصناعة والوظائف والتنمية والابتكار والفرص التجارية".
واصبح كل مصنع في حالة حرجة، مثل مصفاة مجموعة بتروبلوس السويسرية في بيتيه كورون (غرب)، يرمز الى ضرورة انقاذ القطاع الصناعي الذي يمثل اليوم نحو 10 في المائة من الوظائف والثروة المنتجة.
وفي حين لا يعتبر الموضوع جديدا في الحملة الانتخابية، لا سيما في زمن الازمات، يرى استاذ الاقتصاد في "ليكول دي مين باريتيك" جيل بلان في الخطابات "تحولا من مفهوم الصناعة الى مفهوم الانتاج".
واعلن رئيس الوزراء فرانسوا فيون الخميس ان فرنسا "يجب ان تظل بلد انتاج".
وبامكان مفهوم الانتاج ان يشمل الخدمات التجارية او قطاعات الصيد البحري بينما غالبا ما يقتصر مفهوم الصناعة على صناعة الانتاج ويحتفظ ببعد عاطفي ورمزي قوي.
ويبدو ان الموضوع يلقى اهتماما كبيرا لدى الفرنسيين حيث تفيد الاستطلاعات ان معظمهم مستعد لدفع المزيد من المال لشراء منتج فرنسي، وتؤكد شركات التوزيع الكبيرة تزايد اهتمام المستهلكين بالمنتجات المحلية.
لكن وضع الصناعة الفرنسية ليس مرضيا حيث افادت دراسة من مرصد "تريندو" لصحيفة "ليزيكو" ان 100 الف وظيفة صناعية اختفت خلال ثلاثة سنوات واغلق نحو 900 مصنع مقابل انشاء 500 فقط.
ومقارنة بجارتها الالمانية القوية والمثيرة للغيرة، تبدو عيوب الصناعة الفرنسية معروفة وتتمثل في شبكة شركات مشتتة وقلة استثمارات وابتكار وتكاليف عمل مرتفعة جدا وقلة تخصص ومنتجات وطنية مشهورة جدا، وباتت فرنسا بذلك سوقا تزداد ضيقا.
وفي هذه الظروف، استرد ساركوزي من سلة الافكار القديمة فكرة "ضريبة القيمة المضافة الاجتماعية" الرامية الى خفض التكاليف التي ترمي بثقلها على العمل والحؤول دون نقل الشركات الى الخارج.
ويهدف الاقتراح الى تمويل الحماية الاجتماعية بتخفيف التكاليف المفروضة على رواتب الموظفين وبالتالي على المؤسسات لنقلها الى الاستهلاك عبر زيادة ضريبة القيمة المضافة عدة نقاط.
وبذلك تحظى الشركات التي تنتج في فرنسا بامتيازات لان تخفيف الضرائب عليها سيعوض ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، في حين ستتضرر المنتجات المستوردة بما انها لن تخضع الا الى ارتفاع الضريبة.
