فاجئ الممثل والمخرج المغربي محمد نظيف جمهور مهرجان "وهران" السينمائي بتناول ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بطريقة كوميدية مغايرة للأفلام التي تناولت الظاهرة من قبل بطريقة مأساوية. وحرَّّك الفيلم مشاعر جمهور قاعة "السعادة" بوهران مساء أول أمس الجمعة ، ليفتتح المنافسة الرسمية لمسابقة "الوهر الذهبي" بالدورة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي، بعرض "الأندلس مونامور" وهو عنوان أول فيلم روائي طويل له.
وأثار المخرج كثيرًا من النقاش عقب عرضه؛ حيث قال إنه تناول من خلال فيلمه الجديد عن الهجرة غير الشرعية في شمال إفريقيا، بطريقة معالجة ورؤية مختلفة إلى موضوع ارتبط في المتخيل الجماعي بالموت والمأساة، ليقدِّمها في قالب كوميدي.
وأشار محمد نظيف إلى أنه رفض تقديم مشاهد إباحية في الفيلم، لأنه لا يتناسب مع قيمه وأخلاقه والرسالة التي يسعى لإيصالها للجمهور.
وأضاف " لست قادرًا على تقديم مشاهد إباحية في أفلامي، لكني أحيي المخرجين الآخرين على شجاعتهم وتمكنهم من تجسيد مثل هذا النوع من المشاهد" .
ورفض محمد نظيف أن يستغل اسمه "نظيف" من أجل ضرب مخرجين آخرين به، قائلاً "أنا ربما رُبط اسمي بتقديم الأفلام النظيفة، لكني لا أريد أن أُسْتَغَل لمهاجمة غيري من المخرجين .
وأضاف "ما يهمني أنا تحديدًا هو الجمهور الذي يشاهد فيلمي في قاعة السينما، ونحن بحاجة إلى الكوميديا الهادفة".
واعترف الممثل والمخرج المغربي، الذي أدى دور البطولة في الفيلم (المعلّم)، بأنه ليس راضيًّا كل الرضا على الفيلم، لغياب الإمكانات اللازمة لتجسيد العمل، وقال "لو كانت لي إمكانات أكثر لشاهدتم فيلمًا مغايرًا لهذا تمامًا، ولهذا أنا كلما شاهدت الفيلم أحس بنوع من الكبت".
ويروي الفيلم قصة شابين أمين وسعيد ، اللذين ينحدران من الدارالبيضاء بالمغرب؛ حيث حلمهما بالعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، وتحقيق هدفهما. يستقران في قرية شاطئية تطل على البوغاز في انتظار الفرصة السانحة للهجرة غير الشرعية.
ويتعرفان هناك على مدرس مغربي من أصول موريسكية مهووس بالأندلس، وتحدوه هو الآخر رغبة العبور، وعلى خلاف تحقيق السعادة والمال الذي يشغل بال الشابين، يريد هذا الموريسكي تجديد اللقاء بأرض الأندلس.
ويقدِّم المدرس نفسه للشابين على اعتباره وسيطًا من أجل النصب عليهما وتحقيق حلمه، ومع ذلك يتمكنان من الهجرة في مركب صغير سيغرق بهما لينتهي المآل بأحدهما هنا عند شاطئ بلده، ويصل الآخر إلى شاطئ تستغله المافيا التي يقف وراءها الساسة والأمن، لترويج المخدرات.
وتأتي مشاهد الفيلم بطريقة كوميدية، بمشاركة الممثل الجزائري هشام مصباح، كما يستحضر المخرج النجم الهندي "شاه روخ خان"، الذي تتعالى الضحكات كلما ذُكر اسمه، خصوصًا وأنه يحمل اسم عون الشرطة وكاتم أسرار محافظ الشرطة في البلدة الساحلية.
وصنع "شاه روخ خان" الحدث في المهرجان، وتمنى آخرون في قاعة السينما لو كان حاضرًا، كما فعلت إدارة مهرجان مراكش باستقدامه، وخصوصًا مع ولع الجمهور الجزائري بالأفلام الهندية والنجم الشهير "شاه روخ خان".
وعن اعتماده على عدد من المبدعين من تونس والجزائر وإفريقيا، قال محمد نظيف إنه يسعى دائمًا لتجسيد الأعمال المشتركة المغاربية، خصوصًا وأنه لا يتم الحديث عن هذه الأعمال والتعاون في صالونات المهرجانات من دون المرور للواقع.
وعن المصاعب التي لاقها المخرج أثناء التصوير، قال: "رفضت الانصياع لبعض الضغوط والمساومة التي فرضت عليَّ من طرف بعض صناديق دعم السينما في أوروبا، من أجل أن أبقى مستقلاً وأقدم العمل الفني بالرؤية التي أريد".