يأخذ معرض (المدن) في نسخته الثالثة هذا العام تحت عنوان (ما بين عيبال وجرزيم) زائريه في جولة داخل أزقة وحارات البلدة القديمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية لمشاهدة ثلاثة عشر عملا فنيا متنوعا لفنانين فلسطينيين وأجانب موزعة على عدد من الاماكن التاريخية. ويستمر المعرض الذي افتتح أمس السبت، خمسة أيام في مدينة نابلس قبل نقله للافتتاح مرة اخرى في مبنى متحف جامعة بيرزيت.
وقالت فيرا تماري مديرة متحف جامعة بيرزيت الذي ينظم هذا المعرض للسنة الثالثة على التوالي، خلال تجولها في البلدة القديمة من مدينة نابلس، "اخترنا هذا العام مدينة نابلس لإقامة معرض المدن في نسخته الثالثة بمشاركة ثلاثة عشر فنانا منهم ستة اجانب لكسر العزلة المفروضة على هذه المدينة التي تضم كنوزا في فن العمارة والتراث الأصيل."
وأضافت "أردنا أن نعرّف الناس على كثير من الأماكن التي يجهلونها داخل البلدة القديمة حتى من سكان المدينة انفسهم، وذلك إما لأن هذه الأماكن تغيرت وتغير استخدامها، إضافة إلى التغيير الحاصل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة وقد تركنا لكل فنان أن يختار العمل الفني الذي يتناسب مع المكان الذي يعرض فيه ليشكلا معا عملا فنيا واحدا."
واختارت الفنانة الألمانية انجيليكا بويك أن تعيد رواية جزء من ذاكرة أهل المدينة على لوحات منقوشة على الرخام علقتها على جدران منازل وأزقة حارة الياسمينة في البلدة القديمة تروي فيها ما سمعته من السكان حول ذكرياتهم الجملية في المدينة.
وقالت انجيليكا "هذه طريقتي في العمل أحاول الاستماع إلى الناس فقد سبق وأن قمت بأعمال فنية مشابهة في ايطاليا طلبت من أناس قابلتهم ان يخبروني عن اسرار في حياتهم وحولتها الى لوحات فنية دون ذكر اسمائهم وفي سويسرا طلبت منهم أن يخبروني عن أماكن لها ذكريات خاصة في حياتهم وهنا في مدينة نابلس طلبت منهم أن يخبروني عن ذكريات حلوة كانت في حياتهم."
وأضافت "استمعت إلى كثير من القصص عن الحياة في البلدة القديمة كيف كان في الماضي التعاون بين الناس وعلاقات الحب وكان السبب في بحثي عن الماضي محاولة مني لاخراجهم من حالة الحزن التي شعرت انهم يعيشون فيها، ورغم ذلك كان البعض يروي جزءا من قصة المدينة الحزينة." ومما كتبته انجيليكا بالعربية على قطعة رخام ملصقة على جدار قديم في حارة الياسمينة "أنا الآن رجل عجوز أشعر بكبري عندما أكون خارج محيط المدينة، ولكنني حالما أدخل البلدة القديمة أشعر كأنني شاب من جديد."
كما يمكن قراءة جزء من حكاية المدينة خلال الانتفاضة على لوحة أخرى "كلما أقف عند قبر صديق شهيد افكر في كتابة رواية هي قصة حب حمل فيها الشباب خلال الاجتياح الاول والثاني بنادق قديمة، ولكن رغم ذلك كانوا حصنا للمدينة انتابنا شعور بالاحباط لتوقفهم عن المقاومة هذا شيء مفهوم اذ ان لهؤلاء الشباب عائلات أرداوا حمايتها، ولكنني توقفت عن كتابة الرواية عندما سلم الشباب بنادقهم."
وأوضحت الفنانة الالمانية انها ستترك هذا العمل الفني هدية منها للمدينة التي احبت سكانها فضلا عن إضافة رواية أخرى الى تلك التي وضعتها كي تكون جزءا من الذاكرة الجماعية.
ويجسد الفنان الفلسطيني ناصر سومي في عمله الفني (نابلس جبل النار) ما تعنيه له هذه المدينة "النابضة بالحياة" حيث اختير مبنى لمصبنة قديمة لصناعة الصابون اعيد ترميمها لتكون مركزا لاحياء وتنمية التراث الثقافي في المدينة لعرض العمل المتمثل في صندوق خشبي كبير وضعت داخله شموع مضيئة على شكل نجمة ثمانية تفوح منها زيت الزيتون الذي يصنع منها الصابون الذي تشتهر به المدينة.
وتنتشر الأعمال الفنية الاخرى ما بين الرسم وافلام الفيديو والاعمال الانشائية في مواقع تحتاج الى يوم كامل للتنقل بها والتمتع في احدى محطاتها بمشاهدة طريقة إعداد الكنافة النابلسية وتذوقها وصولا الى عمل فني يعيد الذاكرة الى خط سكة الحديد الذي كان يربط المدينة بالمدن الفلسطينية الاخرى وبعدد من الدول العربية.
ووزع الفنانان اياد عيسى وسحر القواسمي على جمهور المعرض نشرة تتحدث عن عملها الفني (قطارات فلسطين) قبل اخذ الجمهور الى جو انتظار توقف القطار باحدى محطاته من خلال استخدام تقنيات الفيديو والصوت، بحيث يشاهد الجمهور صورا للقطار يحمل اسم (فلسطين) على شاشة عرض كبيرة في احدى المحلات القديمة التي تشبه الى حد كبير محطات انتظار القطار.
وكتب الفنانان في النشرة "تحتفل قطارات فلسطين بالذكرى المئوية لانشاء محطة نابلس كما يسر قطارات فلسطين ان تعلن عن افتتاح خط سكة جديد الخط الاخضر الذي يربط مدينة نابلس بمدينة القدس بزمن قياسي لا يتجاوز الثلاثين دقيقة."