خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها 66 فى نيويورك الشهر الماضى، رحبت الدول المجتمعة بسقوط الطاغية وجددوا دعمهم للمجلس الوطنى الانتقالى، وقد أثنت معظم الدول وأكبرها عما أنجزه الليبيون فى ثورتهم فقد ذكر الرئيس الأمريكى باراك أوباما «أن ما حدث فى ليبيا من انتصار للثوار يعد درسا للمؤسسات الدولية يجب أن تستخلص منه العبر» وفى الحقيقة يعد تواجد المجلس وممثليه فى الأممالمتحدة مكسبا سياسيا كبيرا للمجلس فقد أوضحت وزيرة الخارجية الإسبانية «أن تواجد المجلس الوطنى الانتقالى فى الأممالمتحدة يمثل اعترافا دوليا به» ولكن الفرحة الليبية لم تكتمل بعد، فلا تزال هناك مدينتان تحت الحصار سرت وبنى وليد ولا يزال هناك العقيد الفار وأبناؤه. فالحرب مع فلول القذافى ما زالت قائمة فى المدينتين السابقتين، وأعلن عن تشكيل الحكومة المؤقتة القصيرة العمر، والناتو يجتمع الخميس (الخامس من أكتوبر) فى بروكسل ويعلن عن لسان «راسموسن» إن نهاية قريبة فى مرمى النظر وقوات القذافى تحارب فى معركة خاسرة، والمنتخب الليبى يستعد للعب فى زامبيا والظهور فى عالم الرياضة واثبات الذات، ومظاهرات احتجاجية الجمعة (السابع من أكتوبر) على فتح المعبد اليهودى فى طرابلس ورفض أى معابد مماثلة، وعودة الخوف من الإسلاميين المتطرفين، اذا نفى الجمعة ايضا عبدالحكيم بالحاج القائد العسكرى فى طرابلس وجودهم بقوله «لا توجد بيننا قاعدة ولا قواعد.. نحن مسلمون معتدلون منهجا ومعتقدا». وفى مدينة زليطن نظم أطفالها الجمعة كذلك مظاهرة ناشدوا فيها إنقاذهم من الالغام التى زرعها القذافى والتى قضت على عدد كثير منهم الفترة الماضية، كما اجتمع الجمعة أيضا أعضاء التجمع الوطنى الذى حل منذ قدوم القذافى للعودة للعمل من جديد فى الحياة السياسية، ولا تزال قائمة النشاطات والأحداث طويلة عما يحدث فى ليبيا، فالهدم والبناء يسيران فى نفس الوقت هدم اركان نظام قديم، وبناء النظام الجديد، فهذا يعرقل ذاك، وذاك يعمل على تسريع هذا، مهمة شاقة كبيرة وتحتاج لهمم كبيرة لإنجازها، والخروج منها بسلام، فعادة ما يحدث فى الثورات الهدم أولا ثم يأتى البناء، وفى ليبيا يحدث الاثنان معا متزامنين، ولكن الهمة الليبية عالية والعزم الليبيى مشهود له، فقسم من شبابها يحاربون، والقسم الآخر يعملون على بناء الدوله الجديدة، والكل يضحى بطريقته بالدم حينا، والجهد والفكر أحيانا أخرى، ولكن العزم موجود ويشهد على ذلك المقابر الجماعية التى تكتشف فى كل اسبوع والتى وصل عددها إلى الآن إلى 8 مقابر، فى طرابلس وحدها 3 مقابر تحوى 900 جثة من الشباب الليبى، فإن كانت هناك مخاطر وعقبات فهى شىء طبيعى، لطبيعة ومخاطر المهمة هذا أمر مفهوم ومسموح، ولكن غير المسموح هو سرقة الثورة وتغيير المسار عن الحرية والديمقراطية التى دفع ولا يزال يدفع شبابنا الدم لأجلها، يقولون إن الهدم سهل والبناء صعب، وفى ليبيا الهدم كان كارثيا ليس صعبا فقط ولا يزال، والبناء صعب، والأصعب منهما معا هو الاتفاق على شكل البناء ولكنى أقول لن يكون أصعب من الانتصار على القذافى، حفظ الله ليبيا وحفظ أهلها وحفظ ثورتها من كل مَن يحاول أن يعبث بمصيرها.