أكد ناشطون، اليوم الجمعة، أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد قتلت ثمانية أشخاص في أنحاء متفرقة من البلاد خلال الليل في حملة متواصلة لقمع الاحتجاجات الشعبية ضد حكمه، والتي تشجعت بسقوط العقيد الليبي معمر القذافي. وذكر الناشطون أن غالبية القتلى سقطوا نتيجة هجمات على متظاهرين في الشوارع يطالبون بنهاية حكم أسرة الأسد المستمر منذ 41 عاما، والتي تنظم بشكل يومي بعد صلاة التراويح في رمضان. وخلال مسيرة مطالبة بتنحي الأسد في بلدة الكسوة التي يعيش فيها آلاف النازحين من سكان هضبة الجولان السورية المحتلة إلى الجنوب من العاصمة دمشق حمل المحتجون لافتات تهنئ الشعب الليبي. وفي بلدة الزبداني الساحلية غربي دمشق قرب حدود لبنان هتف المتظاهرون "الله معنا"، والثورة توحد الأحرار. وأي تغيير في السلطة في سوريا سيكون له أصداء قوية على المستوى الإقليمي. لكن الأسد الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية في سوريا تربطه تحالفات مع طبقة التجار السنية المؤثرة، وله ولاء قوي في الجيش وأجهزة أمنية لا تلقى مقاومة تذكر، وهي تقمع المحتجين في أي مكان من البلاد. وتبنى الرئيس السوري (45 عاما) الذي ورث السلطة من والده الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 2000، سياسات متوازية لتعزيز الروابط مع إيران ومع حزب الله اللبناني في الوقت الذي سعى لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل، وقبل مبادرات أوروبية وأمريكية كان لها دور في إعادة تأهيله على المسرح الدولي. وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي، يوم الأحد الماضي، قال الأسد: إن الاضطرابات تحولت إلى أعمال مسلحة، وإنه لن يرضخ للضغوط الغربية لأن الإصلاح في الغرب لدى الدول الاستعمارية يعني أن تعطيهم كل ما يريدون، وتبيع كل حقوقك. وتنحي السلطات باللائمة في أعمال العنف على "جماعات إرهابية مسلحة" تقول إنها قتلت عددا غير محدد من المدنيين فضلا عن 500 من جنود الجيش والشرطة. وقال الناشطون، اليوم الجمعة، إن سبعة محتجين قتلوا في مدينة حماة التي يحاصرها الجيش منذ أول رمضان الموافق الأول من أغسطس، وفي مدينة حلب إلى الشمال، وفي محافظة أدلب الشمالية الغربية، وفي حمص مسقط رأس أسماء زوجة الأسد. وقال المعارض أديب الشيشكلي، حفيد أحد رؤساء سوريا الأوائل بعد استقلال البلاد عن فرنسا عام 1946، إن أفضل رد على الأسد هو احتجاجات الشوارع السلمية التي تشهدها البلاد مع سقوط حاكم شمولي آخر في ليبيا. وقال ناشطون إن القتيل الثامن هو سائق شاحنة تركي قتلته ميليشيا موالية للأسد على الطريق السريع المؤدي إلى تركيا في بلدة الرستن إلى الشمال من دمشق، والتي شهدت هجمات يومية لإنهاء الاحتجاجات. وطردت سوريا معظم الصحفيين المستقلين، مما يجعل من الصعب التحقق من الروايات على الأرض من السلطات والنشطاء. وتعتبر سوريا الممر البري الرئيسي بين أوروبا والشرق الأوسط، لكن التجار قالوا إن عدد الشاحنات التركية المتجهة إلى سوريا انخفض بشدة بعد أن انتقدت أنقرة التي كانت من كبار مؤيدي الأسد الحملة التي يشنها على الاحتجاجات المندلعة منذ خمسة أشهر، والتي قالت الأممالمتحدة إنها أسفرت عن مقتل 2200 شخص. وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، إن من المرجح أن تفرض حكومات الاتحاد حظرا على واردات النفط السوري بحلول نهاية الأسبوع القادم لزيادة الضغط على الأسد، غير أن العقوبات الجديدة ربما تكون أخف وطأة من تلك التي فرضتها واشنطن. وتصدر سوريا أكثر من ثلث إنتاجها من الخام الذي يبلغ 385 ألف برميل يوميا لأوروبا، خاصة هولندا وإيطاليا وفرنسا وأسبانيا. وستقطع هذه الخطوة مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية لسوريا، والتي تساعدها على تمويل جهازها الأمني، كما ستقيد الأموال المتاحة تحت تصرف الأسد لمكافأة الموالين له ومواصلة حملته ضد المحتجين. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا): إن "عصابات إرهابية مسلحة" قتلت ثمانية جنود عندما نصبت كمينا لعربتين عسكريتين قرب بلدة الرستن في ثاني هجوم من نوعه خلال يومين. ويقول ناشطون إن قوات تابعة للأسد اشتبكت مع جنود منشقين في البلدة التي تقطنها غالبية سنية. ومنذ بداية شهر رمضان في الأول من أغسطس دخلت الدبابات مدن حماة التي نفذ الجيش مذبحة فيها عام 1982 ودير الزور واللاذقية على ساحل البحر المتوسط في محاولة لإخماد المعارضة بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية. وذكرت جماعة معارضة، أمس الخميس، أن رسام الكاريكاتير الشهير علي فرزات الذي كان ينتقد الأسد تعرض للضرب في دمشق على يد مجموعة من المسلحين ثم ألقوا به في الشارع. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن فرزات نقل إلى مستشفى مصابا بكدمات في الوجه واليدين. وقالت متحدثة باسم الخارجية الأمريكية إن "شبيحة النظام ركزوا على يدي فرزات وضربوها وكسروا إحداها في رسالة واضحة على أن عليه أن يتوقف عن الرسم". وانتقد فرزات الذي كثيرا ما تسخر رسومه من القمع والظلم في العالم العربي، قمع الأسد للاحتجاجات. وقال لقناة العربية قبل ثلاثة أسابيع إنه للمرة الأولى تحدث ثورة حقيقية في سوريا.