اختارت دول منابع النيل أن يكون الوفد التنزانى هو المعارض دائما لمواقف مصر والسودان، وأن تتخذ باقى الدول مهمة تهدئة المواقف للوصول إلى نقطة اتصال بين دول المنابع والمصب، ففى اجتماع أديس آبابا تولى الوزير التنزانى مهمة الاعتراض على المواقف المصرية والتأكيد على موقف حاد من دول المنابع بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية حتى لو لم تحظ بالموافقة المصرية السودانية، وهو الموقف الذى التزم به الوفد التنزانى فى اجتماعات نيروبى أيضا. رغم هدوء نغمة الاجتماع إلا الكلمة التى ألقاها الوفد التنزانى نيابة عن وزير الرى التنزانى الذى غاب عن الاجتماع لأسباب غير معلنة، كانت الأكثر حدة وتصلبا فى المواقف بالتأكيد على عدم التراجع فى التوقيع على الاتفاقية الإطارية التى اعتبروها السبيل الوحيد للحوار والتفاوض حول مياه النيل. وأوضحت الكلمة أنه بالنسبة لدولة تنزانيا فإن التوقيع على اتفاقية تقر الحقوق المتساوية والعادلة لكل دول حوض النيل من مياه النيل هو قرار حاسم للحكومة والشعب التنزانى ولا تراجع عنه، لأنه يعد نوعا من سيادة الدولة على مواردها الطبيعية لذلك فلها الحق الكامل فى استغلالها لصالح شعبها. وقال الوفد إن تنزانيا على دراية كاملة بأن حسن إدارة مياه النيل ستكون بمثابة محرك أساسى لتحقيق التكامل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل دول حوض النيل. «الشروق» التقت أحد أعضاء الوفد التنزانى رفض ذكر اسمه والذى تحدث بلهجة قوية مؤكدا عدم تراجع بلده عن التوقيع متخذا مواقف حادة من الجانب المصرى، مؤكدا أن مصر هى السبب فى تأجيل الاجتماع الاستثنائى رغم دعوتها إليه منذ اجتماع أديس آبابا العام الماضى، وموافقة دول المنابع الكاملة على عقد الاجتماع ولكنة لن يكون بمثابة إعادة النظر أو التفاوض فى الاتفاقية الإطارية ولكن لإيجاد حلول فى كيفية التعامل مع دول المصب بعد رفضهم الانضمام إلى الاتفاقية. المجاعة والجفاف كانت الحجة الأقوى التى أكد عليها الوفد التنزانى فى أحقية دول المنابع فى استغلال مياه النيل لعدم الوقوع فى فخ المجاعة الذى يتعرض له القرن الأفريقى. وكان عدد من الاجتماعات المنفردة التى قام بها الوفد التنزانى أثناء انعقاد الجلسة المغلقة للاجتماع الوزارى بنيروبى لتنسيق مواقف للرد على الاعتراض المصرى على أجندة المؤتمر، كما دعا الوفد إلى عقد اجتماع لدول المنابع سبق الجلسة المغلقة ولم تحضره مصر والسودان. كان الوفد المصرى التى شارك بعشرة أعضاء وهو العدد الأكبر بين باقى الوفود الذى ضمت ثلاثة أعضاء فقط قد ضم أربعة خبراء من وزارة الخارجية على رأسهم السفير رضا بيبرس مساعد وزير الخارجية لشئون حوض النيل، و4 خبراء من وزارة الرى يمثلهم وزير الموارد المائية والرى، هشام قنديل، لم يلتقوا فى اجتماع للتنسيق إلا عقب الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس الوزارى. وفى تصريح ل«الشروق» أكد هشام قنديل، أن الرسالة التى توجهت بها مصر خلال الاجتماعات لاقت قبولا كبيرا بين باقى الوفود المشاركة من دول حوض النيل والتى تضمن تعهدا من مصر عقب ثورة 25 يناير باعترافها وإقرارها مبادئ العدالة الاجتماعية، ومراعاة حقوق كل الدول فى مياه النيل، ودعمنا للتنمية لنهضة دول حوض النيل، واعتراف مصر الكامل بوجود مشاكل قد تعوق العمل مع دول حوض النيل ولكن نسعى إلى مواجهتها. وقال قنديل إن الاجتماع ليس لإثبات المواقف لأن المواقف واضحة ومعلنة ولكن لطرح الرؤى والبدائل لكيفية التعامل والآليات للتحرك المستقبلى، ولابد أن تراجع الدول موقفها أو تظهر مواقفها ورؤيتها لاستكمال التعاون. ونفى قنديل انسحاب مصر من مبادرة حوض النيل أو التفريط فيها مؤكدا أنها ملك لجميع دول حوض النيل، وليس لدول المنابع فقط أو الدول الموقعة على اتفاقية عنتيبى وإذا كانت هناك نية لإنشاء كيان إقليمى آخر دون المبادرة فيجب أن يحظى بقبول كل دول الحوض. «إثيوبيا ستخسر 100 % فى حالة استمرار دعمها لاتفاقية عينتيبى ومطالبتها بإنشاء المفوضية بدلا من مبادرة حوض النيل» هذا ما أكده الخبير القانونى وأحد أعضاء الوفد السودانى، أحمد المفتى، الذى أوضح أن مشاركة إثيوبيا فى مفوضية مع دول الهضبة الاستوائية ستفرض عليها التزامات تجاه دول ليست شريكة معها فى الحوض، ولن يعطيها أى حقوق، مؤكدا أن جميع مصالح إثيوبيا المائية ترتبط بمصر والسودان التى تشترك معهما فى حوض النيل الشرقى، كما أن مصر والسودان لم يتركا مبادرة حوض النيل لأنها ملك لهما.