«المسحراتى فى شكله التقليدى، رجل يمسك بطبلة أو دف ويرتدى جلبابا ويتجول بين حارات وأزقة وممرات وشوارع العالم الإسلامى والعربى. هو غالبا ما يتمتع بحلاوة الصوت، والفصاحة، والبلاغة والحكمة، لأن مهمته ليست إيقاظ الناس فقط لتناول السحور، لكنه فى أحيان كثيرة يتولى أيضا إيقاظ الضمائر بما تحمله كلماته من دروس ومواعظ وعبر وحكم سواء كانت من بنات أفكاره أو نقلها عن أحد الشعراء أو الحكماء المعروفين. وهو شخص يظهر مع هلال رمضان ويختفى باختفائه. بلال بن رباح كان أول مسحراتى فى الإسلام وفى ذلك كان رسول الله سيدنا محمد يقول بلال ينادى فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن مكتوم وهو المؤذن الذى كان يتولى إقامة آذان الفجر وفى مصر أخذت مهنة المسحراتى بعدا فنيا بدأ على يد الفنان محمد فوزى ثم انتشرت بشكل أكبر على يد الفنان الكبير سيد مكاوى والشاعر فؤاد حداد. واللذين أعطياها بعدا سياسيا واجتماعيا. وبعد رحيلهما حاول البعض تقديمها وكان أكثرهم تأثيرا هو الموسيقار الكبير عمار الشريعى الذى قدمه العام الماضى مع الشاعر الكبير جمال بخيت. «الشروق» تقدم المسحراتى من خلال ما تركه فؤاد حداد وسيد مكاوى من كلمات. اليوم يقوم معنا الموسيقار الكبير عمار الشريعى بدور المسحراتى فى بر مصر من خلال هذا الحوار.. ● لمن يقول عمار الشريعى اصحى يا نايم وحد الدايم؟ أقولها لكل القائمين على الأغنية المصرية وأخص منهم الشعراء والملحنين والمطربين. ● لماذا اخترت هذه الفئة؟ أولا لأنهم أهل مهنتى. ثانيا لأنه آن الأوان لكى نقدم اغانى مصرية يلتف حولها كل المصريين. ● ولمن تقول «قول نويت بكرة ان حييت الشهر صايم والفجر قايم»؟ هذه الجملة اقولها لكل المصريين لأنها تخصهم جميعا وليس السلفيين فقط. الإسلام فى قلب كل المصريين. لأننا شعب فى الأساس يتمتع بتركيبة دينية. ● فؤاد حداد قال بعد الجملة السابقة رمضان كريم.. لمن توجهها؟ بالتأكيد لشباب الثورة المصرية. الذين جعلونا نعيش حياة جديدة بطعم ولون جديد وان شاء الله الثورة تتم على خير. ● فى رأيك ان الثورة لم تتم حتى الآن؟ لم تكتمل، كما ان القلق يحاوطها من كل مكان. ● شاعرنا فؤاد حداد استمر فى كلامه بقوله «الرجل تدب ما طرح ما تحب»؟ دى مصر وأنا لو عندى صحة كنت مشيت أسحر فى كل نجع وحارة بأخلاق الثورة لكن الإيد قصيرة والصحة فقيرة. ● وكل شبر وحتة من بلدى حتة من كبدى حتة من موال.. ما تأثير هذه العبارة عندك؟ يجب فى البداية هنا ان نترحم على عم فؤاد وعم سيد، لأن هذه العبارة شىء بديع ومثير للشجن بداخلنا، لأن مصر جوانا كده، كل شبر من ترابها جوانا. وهنا لابد ان اقول انهم اخذوا شعور كل المصريين نحو وطنهم مصر. ● اصحى يانايم دى ليالى سمحة نجومها سبحة اصحى يا نايم وحد الرزاق.. لمن تتوجه بهذه العبارة؟ شوف جميعنا كبر على حب رمضان لأنه شهر خير جميعنا ينتظره. والشياطين تسلسل والشرور تقل. هذا الحب نما فينا. لذلك اتوجة لعموم الناس بضرورة العودة إلى الطقوس التى ولدنا عليها أثناء هذا الشهر عندما كنا نتجول بين الأهل والأصدقاء والجيران بالفانوس أبوشمعة، الآن الفانوس الصينى اخترقنا. حتى الإعلام لم يعد يستقبل رمضان كما كان يستقبله بألف ليلة وليلة وأغانى الأصفهانى. ● هل معنى كلامك ان مشاعرنا تجاه رمضان اصبحت صينى؟ تجاه قدومه فقط. لكن مشاعر الفرح الداخلية مازالت موجودة. لكن الأولاد شايفين ان الفانوس الصينى لطيف لكن أنا لم أعد أشم رائحة فانوس الأسطى حسن السمكرى. ● فى إحدى الحلقات كتب شاعرنا الكبير فؤاد حداد كلاما يعبر عما نحن فيه الآن: حيوا الوطن فى الغيط أبو الفدادين وفى حصة العربى ودرس الدين حيوا الوطن فى الجبهة والميادين يوم الجهاد الكل مجتهدين كيف ترى تلك العبارات؟ ما اشبه اليوم بالبارحة، كتبت هذه الكلمات خلال حرب الاستنزاف. بين مصر واسرائيل. الآن ما فيش حرب، لكن هناك من يستحق ان تحاربه وبالتالى الكلام الذى قيل من 43 سنة ينبغى ان يطبق على الوضع الان. عمنا فؤاد قال الميادين وسط كلامه وكأنه يقرأ الغيب. ● دائما المسحراتى يتحدث عن قضية ما ويعظ الناس ويحذرهم من امور تخصهم.. ما القضية التى تختارها لكى تتحدث عنها؟ قضية الوحدة الوطنية مازالت تشغل بالى. خائف جدا منها، لأنها هشة جدا واى نفخة هتولعها. لذلك يجب ان نعود إلى النسيج الداخلى للانسان المصرى. لازم نصدق كلنا ان الدين لله والوطن للجميع. احنا ولاد وطن واحد مش اولاد دينين مختلفين.