تشهد إسرائيل منذ أسبوع حركة احتجاج مطلبية ضد ارتفاع أسعار الشقق فيها تحولت إلى اعتصامات ونصب خيم بدأت فى ساحة روتشيلد فى تل أبيب وسرعان ما انتقلت عدواها إلى أكثر من مدينة إسرائىلية أخرى. وقد بلغت هذه الحركة ذروتها يوم الأحد الماضى (24/7/2011)، إذ بلغ عدد المشاركين فى التظاهرة التى دعا إليها المحتجون فى تل أبيب 400 ألف متظاهر أغلبيتهم من الشباب، الذين طالبوا بحل سريع لمشكلة المساكن وباستقالة رئيس الحكومة. وقد أثارت حركة الاحتجاج جدلا فى الصحف الإسرائيلية بين مؤيد يراها بداية ولادة حركات سياسية جديدة، وبين منتقد يعتبرها وسيلة يستخدمها اليسار فى إسرائيل لمهاجمة الحكومة وإضاعفها. ففى صحيفة «هاآرتس»، (24/7/2011) رأى المعلق جدعون ليفى أنه على الرغم من الشعارات المطلبية، التى رفعها المحتجون، فإن هذه الحركة تخفى برأيه بعدا سياسيا، وكتب ما يلى: «على بنيامين نتنياهو أن يشعر بالقلق، فالاحتجاجات التى حدثت تحمل فى طياتها تيارات عميقة تتقدم ببطء لتنفجر فى اللحظة الأقل توقعا، وربما بسبب موضوع قد لا يبدو مصيريا، مثل إيجار شقة، فتندلع الثورة وتتحول إلى تسونامى، ففى تونس أحرق شاب نفسه بسبب مصادرة الشرطة بسطة خضار يملكها، فكان الشرارة التى أشعلت الثورة. ويبدو أن ميدان التحرير فى القاهرة أيقظ تل أبيب، إذ إن ما يحدث فى مصر شجع على قيام حركة الاحتجاج ضد غلاء الأسعار فى إسرائيل فكان احتجاج الكوتج (نسبة إلى الجبنة التى تحمل هذا الاسم) الذى بدوره كان المحرك للاحتجاج على ارتفاع أسعار الشقق». وفى صحيفة «يسرائيل هيوم» (25/7/2011) اعتبر السياسى المخضرم عوزى برعام أنه على الرغم من لا سياسية الحركة المطلبية للاحتجاج على ارتفاع أسعار المساكن فى إسرائىل، إلا أنها تحمل فى طياتها قدرة على إيجاد حركات سياسية جديدة، وكتب التالى: «أعتقد أن حيوية حركات الاحتجاج ستؤدى إلى ولادة حركات جديدة وشخصيات جديدة تحمل أجندة اقتصادية اجتماعية. والسؤال هو: هل ستتمكن هذه الحركات من تحقيق النجاح انتخابيا؟». وشنت أوساط اليمين حملة على التحرك المطلبى، فاعتبره الصحفى إيلى ساهر فى «يسرائيل هيوم» (25/7/2011) تحركا «أحاديا» لا يشمل المتدينين وكتب: «ما هو سبب غياب جمهور المتدينين عن خيم الاحتجاج؟ يبدو أم منظمى الاحتجاج لا يحبونهم كثيرا وإلا لماذا حددوا موعد التظاهرة قبل ساعتين من بدء يوم السبت بحيث لا يمكن لأى متدين المشاركة فيها؟!»، وتابع «لماذا على الدولة أن تساعد كل شخص بلغ الواحد والعشرين من العمر فى شراء مسكن؟ ولماذا لا يتذمر المتدينون من سكان بتاح تكفا بعد الانتهاء من خدمتهم فى الجيش، وإنما يعودون إلى الدراسة والعمل ويسكنون فى ضواحى بتاح تكفا وأريئيل واللد؟». أما المعلق فى صحيفة «معاريف» (25/7/2011) شموئيل روزنر فقد قلل من أهمية التظاهرة الاحتجاجية واتهم اليسار الإسرائيلى باستغلالها معتبرا أن الحكومة فعلت ما فى وسعها من أجل حل أزمة السكن، وكتب: «إن العلاقة بين الاحتجاج وبين الحلول المطلوبة هى علاقة ضعيفة، لقد قامت الحكومة بكل الخطوات المطلوبة منها من أجل التخفيف من أزمة السكن، ومن المؤسف أن يصار إلى تخريب الاستقرار الاقتصادى الإسرائيلية فى عالم يعانى أزمة اقتصادية، وذلك بسبب مطالب سياسية أو شعبوية». واتهم الكاتب قادة التحرك برفع شعارات سياسية، لافتا إلى أن الأطراف التى خسرت فى الانتخابات وفشلت على الصعيد السياسى تنتقل الآن إلى الصعيد الاقتصادى، وتلجأ إلى الشارع وإلى قطع الطرق، وختم قائلا: «فى إسرائيل لا يحتاج المواطنون إلى استرجاع السلطة لأن هذه السلطة هى لهم طوال الوقت. وفى إسرائيل لا يمكن تغيير الحكومة بواسطة التظاهرات». وقد نفى قادة التحرك المطلبى ضد ارتفاع أسعار الشقق، من جهتهم، أن يكون لتحركهم أهداف سياسية، وقال أحد هؤلاء لمراسل صحيفة «هاآرتس» (25/7/2011): «إن الهدف من التحرك هو إيجاد حل لأزمة المساكن، وكى يعرف المواطن أن لديه القدرة على تحقيق ذلك. وعلى المسئولين العاجزين عن تقديم الحلول التنحى عن مناصبهم». وعندما سئل هل سيتحول التحرك إلى «ميدان تحرير جديد»، ويشهد كل أسبوع تظاهرات حاشدة، رد بأنه من الصعب عليه توقع ما سيحدث، ورفض المقارنة بميدان التحرير، فالهدف فى رأيه هو مشكلة السكن.