كان ياما كان في سالف العصر والأوان موظف في أحدى المصالح الحكومية يدعى عبده أفندي ، مشهود له بنظافة اليد ومع نظافة يده مشهور عنه عدم الانتظام في العمل ، والكسل في إنهائه مصالح العباد ، وتنفيذه في التمسك بالروتين وفى تعطيل مصالح المواطنين ، ووصل الأمر أن استشاط المواطنين غضباً منه أكثر من غضبهم من الموظفين المرتشين اللذين ينهون الأعمال بسرعة وبدقه متناهية إذا ما عكموا المعلوم ، المهم إن عبده أفندي حينما يوجهه احد الموطنين بتعطيل العمل يصرح عبده أفندي في وجهه " يا حضرت أنا إنسان نظيف وموش مرتشي " وكأنه يعاقب الموطنين على نظافة يده ويعطل مصالحهم لنقمه على زملائه المرتشين الممتلئين بالثراء . وفى النهاية تمنى المواطنين رواد هذه المصلحة لو كان عبده أفندي مرتشي بدلا من تحميلهم تبعه عقده النفسية ونقمه على زملائه وحتى لا يمن عليهم طهارة يده نموذج عبده أفندي هذه هو نموذج مستنسخ في كل مصلحه أو هيئه وهو لا يقل خطرا على المجتمع من الموظف أو المستخدم المرتشي . وهذا النموذج نموذج عبده أفندي أتذكره دائما مع إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشئون البلاد ، ففي كل إشراقه شمس وغروبها يطل من يمن علينا بانحياز القوات المسلحة للثورة وحمايتها ، وكأن القوات المسلحة من بلد أخر أو من بلاد ألواق واق ، ولا علاقة لها بمصر وتنازلت وتكرمت لإنقاذ ثوره مصر. القوات المسلحة المصرية جزء من هذا الوطن ، وأبناء الجيش المصري هم أبناء المصرين ، ويجب ألا يمن احد على وطنه إذا ما أدى واجبه المكلف به تجاهه . فلقد سئمنا من أسلوب عبده أفندي الذي يحاسبنا ويمن علينا أدائه لواجبه ولم يعد في قوس الصبر منزع ، المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس هو القوات المسلحة المصرية ، واحسب أن المجلس لم يكن له خيار إلا بالوقوف مع الثورة المجيدة خاصة أن جل القادة الميدانيين أثناء الثورة كانوا ملتحمين ومساندين للثورة ، ولو وقف المجلس الأعلى مناهضاً للثورة لابتلعته الثورة كما ابتلعت الكثيرين . فرسالة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ألا يتخذ من انضمامه للثورة " شماعة " للتقصير أو التبأطئ وغض الطرف عن مطالب الثورة بقصد أو بدون . وأتمنى ألا تمنوا علينا بإحسانكم لأنفسكم ، ولتتذكروا أن الانضمام للثورة هو شرف لكم ، وعليكم أن تشكروا الشعب المصري أن منحكم هذا الشرف ، فاستحلفكم بالله ألا تمنوا علينا بإحسانكم لأنفسكم ، فان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فعليها ، وعليكم أن تحترموا الثورة ومطالبها ، ولا تخشوا شعب مصر فان شعب مصر شعب أصيل متسامح ينسى ويصفح عن مائة إساءة إذا ما تلتها فضيلة واحدة .