تبنى عدد من رجال الفكر والسياسة والقانون ثلاث أوراق خاصة بمبادئ الدولة المصرية وجدول المرحلة الانتقالية وشكل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. «المقترحات» الثلاثة صدرت عما عرفت بلجنة «الحكماء» التى تشكلت فى أثناء الثورة وتوسعت لاحقا لتضم شخصيات من ائتلاف شباب الثورة وعددا من مرشحى الرئاسة وأعضاء الأحزاب الجديدة. الوثيقة الأولى وحملت اسم «إعلان مبادئ الدولة المصرية» تطرح تصورا لشكل ومبادئ الدولة بعد ثورة يناير وجاءت فى 9 بنود رئيسية، يسعى القائمون عليها كما يقولون لإيجاد مساحة من التوافق تكون «ملزمة معنويا» للجنة التى ستقوم لاحقا بوضع وصياغة الدستور الجديد ودون الانتقاص من صلاحياتها. وهى بالمقابل، ليست «مبادئ فوق دستورية» وإنما يمكن أن تكون «مقدمة» الدستور كما توافق المشاركون فى جلسات امتدت على مدى ما يقرب من شهر وتجاوزت فى مجملها 10 ساعات. وتطرح الورقة التى بدأت بعبارة «نحن مواطنى مصر وجماهير شعبها من كل بقعة من أراضيها»، الحرية والمساواة باعتبارهما المبدأ الأول، الذى يحول «دون التمييز» بالتمتع بالحقوق و«نرفض استبداد الفرد بالمجموع والأقلية بالأغلبية والأغلبية بالأقلية». «ونؤكد شراكتنا فى هذا الوطن بالتساوى»، كما ينص مبدأ «المواطنة وسيادة القانون». وتتحدث الورقة عن «الكرامة والعدالة الاجتماعية» و«حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية دون قيد أو شرط» مع استعادة نص المادة الثانية للدستور بأن «الإسلام هو دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». وتضيف وثيقة «المبادئ» إلى حرية الإقامة والتنقل والتجمع، «حرمة» المسكن والاتصالات وتخصص بندا «للأمن والأمان» تتطلع فيه إلى «دور جديد للشرطة تنتهى معه المراقبة على الأفكار والمحاسبة على التوجهات السياسية». «وثيقة بها سمات الثورة وتوقعاتنا منها»، هكذا أرادها الكاتب سمير مرقص خلال إحدى جلسات النقاش. نقاش سيطرت عليه أحيانا كلمات تقليدية ومداخلات مطولة ثم تطور ليطرح كلا من الحضور اقتراحا بمادة أو مبدأ إلى أن انتهى بنقاشات حول الصياغة واستبدال كلمة بأخرى. تمرين سياسى لفك التباس المرحلة الانتقالية أفرز عن الورقة الثانية والتى حصلت «الشروق» على مسودة منها ويقوم على صياغتها المحلل السياسى وحيد عبدالمجيد، مقترحا «بجدول زمنى تكميلى» يمتد من الانتخابات البرلمانية حتى الاستفتاء على الدستور الجديد. «التصور المبدئ» يقترح فتح باب الترشيح للانتخابات البرلمانية نهاية سبتمبر على أن تجرى الانتخابات نفسها على مرحلتين أو ثلاث نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر. ويقترح «الحكماء» أن ينتهى البرلمان الجديد من انتخاب الجمعية التأسيسية الخاصة بصياغة الدستور آخر يناير على أن تحسم أولا شكل النظام السياسى لمصر، رئاسيا كان أم برلمانيا. وهو إطار زمنى يسمح بالتالى بفتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة فى مارس بالتوازى مع عملية وضع الدستور الجديد. ووفق هذا الجدول الزمنى يتم انتخاب رئيس للجمهورية فى أبريل بينما تنتهى اللجنة من صياغة الدستور ويجرى استفتاء الشعب عليه فى أواخر يوليو. الورقة الثالثة ترتبط بهذا الدستور وتقترح بعض المعايير «لطريقة تشكيل» الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور والتى سيوكل إلى مجلس الشعب مهمة اختيار أعضائها المائة. تصور لجنة الحكماء أن يتم اختيار 35 عضوا من داخل البرلمان و65 من خارجه. المجموعة الأولى وفقا لتمثيل كل حزب داخل المجلس والمجموعة الثانية تضم ممثلين عن مختلف الهيئات والنقابات «تعكس تمثيلا لجميع أطياف المجتمع». ما يعنى حتمية إجراء انتخابات النقابات والاتحاديات فى الفترة الممتدة حتى انتخابات مجلس الشعب. ويأمل أصحاب الأفكار الثلاثة فى طرحها على الأحزاب والائتلافات للنقاش حولها والتوافق عليها وعلى المجلس العسكرى لتبنيها باعتباره السلطة الحاكمة. «نحن نسعى لتوحيد الجهود التى قام بها آخرون فى نفس الاتجاه»، يقول إبراهيم المعلم مضيف «الحكماء» ومدير الجلسات. المعلم يشير هنا إلى تصور من المستشار زكريا عبدالعزيز بتشكيل لجنة دستورية تدرس كل المقترحات بوضع مبادئ دستورية أو مواد محصنة صدرت من مجموعات أو تحالفات أخرى «وتصهرها فى ورقة واحدة». ولا ينزعج المشاركون فى جلسات النقاش من تعدد المقترحات «لا أرى علامة غير صحية لأن التعدد لا يعنى الانقسام»، يقول عمرو موسى. «نحن نريد تضييق الانقسام»، يضيف المرشح لرئاسة الجمهورية. «نحن هنا للتوافق حول مما يريده الشارع نرشد الخطاب لا أن نكون مرشدين»، هكذا يحدد الناشط السياسى جورج إسحق دور اللجنة. «وأن نشكل مجموعة ضغط»، يقول عمرو موسى. فجلسة أمس الأول طغى عليها نقاش حول أهمية ألا يظل الحديث رمزيا نخبويا والشارع «سابق النخبة». «لا نريد أن يتسرب إليه، كما حدث مع النظام السابق، ان كل ما يتحرك على المشهد الآن باطل»، يحذر مصطفى حجازى. وهو ما عبر عنه الشاب إبراهيم الهضيبى فى جلسة سابقة انتقد فيه «بدون مجاملة» معارك وهمية و«أطراف يحملون البلد خلافات من ماضيهم أو بسبب عملهم فى مجال من القمع وإهدار الحريات الفترات طويلة فأصبحوا غير قادرين على تصور مناخ مختلف». «حتمية الإلزام» لما طرحه «الحكماء» تم طرحه فى الجلسة الأولى واستمر فى كل الجلسات التالية بصياعات متنوعة ومن اطراف على تعدد توجهاتها أجمعوا فيه على ضمانة واحدة «الاستناد للشارع وللشرعية الثورية».