حققت أربع نساء فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الكويتية ، لتدخل بذلك المرأة مجلس الأمة للمرة الأولى في هذا البلد المحافظ منذ انطلاق الحياة البرلمانية في 1962 ومنذ إعطاء النساء حقوقهن السياسية في عام 2005. وفي مقابل هذا الانتصار ، تراجع الإسلاميون بشكل ملحوظ هذا العام ، وحقق الشيعة تقدما لافتا ، مضاعفين تقريبا حضورهم في البرلمان ، فيما بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع بحسب تقديرات وكالة الأنباء الكويتية حوالي 58%. وأظهرت النتائج الرسمية فوز كل من أسيل العوضي ورولا دشتي وسلوى الجسار ، إضافة إلى معصومة المبارك التي حلت في المركز الأول في دائرتها الانتخابية ، بين عشرة فائزين. وقالت أسيل العوضي بعد الإعلان عن فوزها "إنه انتصار للمرأة الكويتية وللديمقراطية الكويتية". وأضافت أسيل - 40 عاما - التي تدرس مادة الفلسفة السياسية في جامعة الكويت والتي درست في جامعة تكساس الأمريكية : "إنها خطوة جبارة إلى الأمام". وحلت أسيل العوضي في المرتبة الثانية بين الفائزين العشرة في الدائرة الثالثة ، بينما حلت رولا دشتي في المرتبة السابعة بين الفائزين في الدائرة نفسها. وبحسب النظام الانتخابي الكويتي ، فإن الكويت يتم تقسيمها إلى خمس دوائر لكل منها عشرة نواب. وكان الكويتيون قد اقترعوا يوم السبت في انتخابات مبكرة لاختيار برلمانهم الثاني في عام بعد أن قرر الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير البلاد في مارس الماضي مجلس الأمة للمرة الثالثة منذ مايو 2006 بسبب خلافات متكررة بين الحكومة ونواب وتقديم نواب طلبات لاستجواب رئيس الوزراء. وتمثل النساء حوالي 3,54% من الناخبين البالغ عددهم حوالي 385 ألف شخص ، وقد شاركن في الانتخابات مرتين في السابق (2006 و2008) بعد أن حصلن على حقوقهن السياسية في 2005 ، إلا أن أيا منهن لم تفلح في دخول مجلس الأمة في الدورتين السابقتين. وخاضت 16 امرأة الانتخابات الأخيرة من إجمالي 210 مرشحين. وقالت معصومة المبارك - وهي ناشطة ليبرالية أصبحت عام 2005 أول وزيرة في تاريخ الكويت – إن هذا "يثبت أنه لا يوجد شيء مستحيل .. إنه انتصار للكويتيين ولعزمهم على التغيير". وأضافت معصومة المبارك وهي تحتفل بالفوز مع مناصريها "لقد فزت بثقة ثلاثة أمراء (عبر مشاركتها في ثلاث حكومات) ، واليوم فزت بثقة الشعب الكويتي". وتشغل امرأتان حاليا منصب وزيرة في الحكومة الكويتية. وفضلا عن أنهن يشكلن أكثر من نصف عدد الناخبين ، فإن النساء يمثلن 44% من القوة العاملة الكويتية ، وهي أعلى نسبة بين دول الخليج العربي. من جهتها قالت الجسار ، وهي أستاذة جامعية ، إن الانتخابات "لحظة تاريخية". أما دشتي التي تحمل دكتوراه في الاقتصاد من جامعة جون هوبكنز الأمريكية ، فهي رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية ، وكانت من أبرز الوجوه التي ناضلت من أجل حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية. وتلقت المجموعتان الرئيسيتان بين الإسلاميين السنة صفعة قوية مع خسارة معظم المقاعد التي كانتا تسيطران عليها في البرلمان المنحل. وفاز التجمع السلفي الإسلامي بمقعدين مقابل أربعة مقاعد كان يسيطر عليها في البرلمان السابق ، بينما فازت الحركة الدستورية الإسلامية المنبثقة عن الإخوان المسلمين بمقعد واحد مقارنة بثلاثة مقاعد في البرلمان السابق. وبشكل عام ، تراجعت قوة الإسلاميين السنة ومؤيديهم من 21 مقعدا في البرلمان السابق إلى 11 في المجلس المنتخب. وفي المقابل ، عزز الليبراليون حضورهم في البرلمان وفازوا بمقعد إضافي وباتوا يسيطرون على ثمانية مقاعد. أما الشيعة الذين يمثلون ثلث المواطنين في الكويت ، فقد ضاعفوا تقريبا حضورهم وفازوا بتسعة مقاعد مقارنة بخمسة مقاعد في البرلمان المنحل. وبشكل عام ، يضم المجلس الجديد 21 وجها جديدا من أصل 50 نائبا ، وهم خصوصا من المناطق القبلية ، وفاز مرشحو القبائل التي ينتمي إليها نصف المواطنين ب25 مقعدا ، وبعض الفائزين القبليين مقربون من الإسلاميين. وفي القاهرة ، أشادت الجامعة العربية يوم الأحد بفوز أربع سيدات في الانتخابات البرلمانية بالكويت ، ووصفت ذلك بأنه علامة ديمقراطية بارزة ومميزة سيسجلها التاريخ السياسي في الكويت للمرأة هناك ونضالها السياسي. وقال السفير على الجاروش مدير الإدارة العربية في الجامعة تعقيبا على هذا الفوز : "إن المرأة في الكويت منذ زمن بعيد تناضل لنيل حقوقها السياسية ومشاركتها الرجل في بناء الكويت ونهضته في ضوء أن الكويت لها علامتها في الممارسة الديمقراطية في المنطقة والتي أثمرت مؤخرا عن هذا الإنجاز الهام للمرأة العربية". وأكد الجاروش أن ابتعاد المرأة عن صنع الحياة السياسية هو ابتعاد منقوص ونقطة سلبية يجب معالجتها في مجتمعاتنا العربية دون استثناء مشيرا إلى أنه لا يجوز حرمان المرأة التي تمثل نصف المجتمع من دورها في تحقيق التنمية والنهضة لبلادها.
