●● تيار جارف تختلط فيه الأشياء، تختلط فيه شرعية الثورة بمن ينتهزون حالة الثورة، تختلط فيه الحقيقة بالشائعة، والقيمة بالفضيحة، والسمعة الحسنة بتشويه السمعة.. إن التيار الجارف، الذى تعيشه مصر الآن يزحف، ولا ينصت، ولا يصدق، ولا يلتقط أنفاسه، ولا فارق بين أفظع الاتهامات وبين أتفه الاتهامات. وسأعتبر ما حدث يوما فى موضوع تصنيف المنتخب الوطنى وحصوله على المركز التاسع فى تصنيف الفيفا من أتفه الأمور التى لا تعنى أحدا، لكنها كانت تعنينى.. فكما قلت من قبل بنصوص هنا، والفساد عندى يمتد من عدم دقة المعلومة إلى عدم دقة الموعد، والفساد يمتد من نهب الأموال، إلى تغييب العقول.. وهو ما حدث فى شهر يوليو من العام الماضى يوم حصل منتخب مصر على المركز التاسع، وكان هناك يومها تيار جارف احتشدت فيه مراكب ومواكب النفاق، وقال من يمتطيها إنه انتصار تاريخى للكرة المصرية، ويجب تكريم الجهاز الفنى.. والواقع أن حسن شحاتة وجهازه يمكن تكريمهم ألف مرة على البطولات التى حققوها. لكن الادعاء بأن هذا التصنيف من بطولاته كان يعنى أن نحاسبهم اليوم بعد حصول المنتخب على المركز الخامس والثلاثين فى تصنيف الفيفا.. ●●أذكركم بعنوان: «أيها المهرجون كفى تهريجا» كان ضمن موضوعه ومن نصه مايلى: «إن تصنيف الفيفا ليس تصنيفا للمستويات، وهذا التصنيف يخضع لعمليات حسابية خاصة، وهو أمر طيب أن يحتل منتخب مصر المركز التاسع باعتبار أن الفيفا يستند على هذا التصنيف فى توزيع المجموعات فى البطولات.. لكن معنى تلك الفرحة بالمركز التاسع أن نعاقب كل مسئول مستقبلا حين يتراجع تصنيف المنتخب إلى مركز متأخر، يعنى لو تراجع تصنيف الفريق فلابد من إقالة رئيس الاتحاد وجهاز المنتخب، فمن يطلب جائزة التقدم من المنطق أن يعاقب حين يتأخر، وقد كان من قبل فى المركز الثلاثين مثلا.. ثم أن يصل الأمر إلى الاحتفال والادعاء بأن «الله سبحانه وتعالى» أنصفنا لأننا لم نصل إلى كأس العالم ولكننا حصلنا على المركز التاسع فى مشروع «العتبة الخضرا» الخاص بالفيفا، فهذا منتهى الظلم لعقولنا.. وهل حين يتراجع تصنيف المنتخب يكون ذلك عقابا من الله سبحانه وتعالى؟!». ●● كان ذلك تهريجا، وترتيبا وتركيبا معتادا لبطولة، ليست ببطولة. فالتصنيف لا يعنى المستوى.. ولعل الثورة، تتحول إلى ثورة فى السياسة والاقتصاد والرياضة والحياة المصرية كلها، فكفانا إلصاق صفة التاريخ والتاريخية بكل حدث، حتى لو كان قص شريط كوبرى، كفانا وكفى تهريجا، وضحكا على النفس وعلى الناس، حتى أصبح لعبنا حروبا وحروبنا فى شتى المجالات لعبا. بدءا من 25 يناير انتهى زمن اللعب والتلاعب، وبدأ عصر العلم والجد فى كل مكتب وموقع.. انتهت أيام التهريج والمهرجين..