بينما تبدأ البورصة المصرية العمل اليوم، لاتزال مشكلات 30 يوما من الإغلاق، ومخاوف عدم الاستقرار فى الأيام القادمة، تخيم على توقعات المحللين حول أداء السوق، إلا أن التوصية الرئيسية التى يقدمها المتخصصون هى عدم الاندفاع للبيع، بل الاحتفاظ بالأسهم، لأنها مرشحة للزيادة بقوة خلال الأشهر الستة المقبلة. وبينما ستكون بعض القطاعات أكثر تأثرا بقضايا الفساد الموجهة ضد رجال أعمال مرتبطين بالنظام السابق، مثل العقارات، ستكون قطاعات أخرى آمنة نسبيا مثل الصناعات الغذائية والأسمدة والكيماويات والاتصالات. «بغض النظر عن كل الحسابات فإن الحالة النفسية ستكون العامل الأكثر تأثيرا على السوق اليوم» برأى مصطفى سعد، المحلل المالى بشركة اتش سى لتداول الأوراق المالية، متوقعا أن تشهد السوق مبيعات قوية مع بدء التداول، إلا أنه لا يستطيع أن يتوقع المستوى الذى سيتحرك فيه المؤشر خلال الفترة القادمة «لأننا لم نمر بثورات من قبل» على حد تعبيره. وأرجع سعد أسباب النزول المتوقع إلى مخاوف المستثمرين المصريين والأجانب من عدم الاستقرار السياسى، والمساءلة القانونية لرجال أعمال، مسئولين بشركات كبرى مدرجة بالبورصة. ومن جهة أخرى فإن انخفاض أسعار شهادات الإيداع الدولية عن مستوياتها فى يوم 27 يناير، قبل إغلاق السوق المحلية، يؤثر على الأسهم المناظرة لها فى هذه السوق، تبعا لسعد. «إلا أن المستثمر ليس مضطرا لبيع أسهمه، طالما لا يوجد لديه حاجة ملحة للبيع، بل عليه أن يحتفظ بها، لتقليل خسائره، خاصة أنه من المتوقع أن ترتفع السوق خلال ستة أشهر أو سنة مع إجراء الانتخابات، واستقرار الحالة الأمنية» يقول سعد. وكان النائب العام قد أصدر قرارا بإحالة كل من أحمد عز، أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى ورئيس مجلس إدارة مجموعة حديد عز، ووزير الإسكان السابق، أحمد المغربى، المساهم بشركة بالم هيلز، ثانى أكبر شركة عقارية فى البورصة المصرية، للمحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنايات، كما أحال مكتب النائب العام رجل الأعمال ياسين منصور، الرئيس التنفيذى لبالم هيلز، إلى محكمة الجنايات، وذلك لإدانتهم فى قضايا فساد، على خلفية التحقيقات التى يتم إجراؤها مع رموز النظام السابق. وعدلت المجموعة المالية هيرمس توصياتها بشأن مجموعة حديد عز من «محايد» إلى «بيع»، كما عدلت توصياتها تجاه شركة بالم هيلز من «شراء» إلى «محايد». ويتوقع عيسى فتحى، العضو المنتدب لشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، أن يكون انخفاض المؤشر الرئيسى اليوم فى حدود 5%، مشيرا إلى أن السوق ستشهد تفاوتا فى اداء القطاعات بحسب توقعات المخاطر فى كل قطاع، «أعتقد أن الرؤية الخاصة بالقطاع العقارى ستكون سلبية نظرا لكل ما يثار حول الفساد فى توزيع الأراضى على الشركات، ولكن هناك قطاعات أخرى ستكون بعيدة عن المشاكل مثل قطاع الصناعات الغذائية والاسمدة والكيماويات والاتصالات». وكان النائب العام قد أصدر عدة قرارات بالتحفظ على الأموال النقدية والمنقولة والعقارية الخاصة بالمتهمين السالف ذكرهم، دون أموال الشركات التى يساهمون فيها حرصا على استمرار نشاط تلك الشركات وحفاظا على حقوق العاملين والمساهمين فيها. ويرى سعد أن السوق بحاجة لتوضيحات حول الآليات المطروحة للتعامل مع أصول الشركات التى أدين مسئولون بارزون فيها، بحيث يدرك المستثمرون إمكانية الوصول لحلول تحفظ المال العام، ولا تؤدى لانهيار الشركات. فيما يرى فتحى أن إعادة فتح السوق اليوم لم يكن مناسبا فى ظل ضبابية الرؤية حول شركات العز وبالم هيلز، علاوة الخسائر التى حققتها شركات السمسرة مع غلق البورصة لهذه الفترة الطويلة. وفيما يطالب مستثمرون بالغاء التعاملات فى جلستى 26 و27 يناير لما تحقق فيهما خسائر فادحة، يرى فتحى أن هذه المطالب غير مبررة نظرا إلى أن خسائر البورصة خسائر دفترية. إلا أن فتحى يرى أن السوق تحتاج إلى إنشاء صندوق استثمارى ضخم، طويل الأجل، يتيح للمستثمرين شراء الأسهم بسعر جلسة يوم الخميس بما يضمن عدم انخفاض السوق مجددا، وهى التجربة التى تم تطبيقها بنجاح فى ماليزيا أثناء الأزمة الاقتصادية عام 1997. وذكر تقرير لوكالة رويترز الاخبارية أن البورصة المصرية قد يتم استبعادها من مؤشر الأسواق الناشئة، نظرا لطول فترة إغلاقها، وهو ما يهدد بخروج المزيد من الاستثمارات الأجنبية منها، حيث يراقب القائمون على المؤشر السوق المصرية منذ إغلاقها وسيستمرون فى هذه المراقبة لنحو 40 يوما. وكان المؤشر الرئيسى EGX30 قد تراجع بنسبة 6.1% فى اليوم التالى لبدء المظاهرات المطالبة بتنحى الرئيس السابق، ثم تراجع 10.5% فى الخميس السابق لجمعة الغضب فى الثامن والعشرين من يناير، قبل أن يتم إغلاق البورصة. وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية قد أعلنت اتخاذها لعدة تدابير للحد من التقلبات الحادة فى الأسعار عند بدء التداول، ستطبق لمدة أسبوع من تاريخ إعادة التداول على أن يعاد تقييم استمرارها فى نهاية الأسبوع، ومنها تقصير ساعات التداول إلى ثلاث ساعات، ووضع حد سعرى على المؤشر العام للبورصة (EGX100) بحيث يتم تعليق التداول لمدة نصف ساعة إذا تجاوز التغير فيه 5%، ويتم وقف التداول للمدة التى يحددها رئيس البورصة إذا تجاوز 10%.