«عروض خيالية»، للمرة الأولى تقريبا يكون التوصيف صحيحا للعروض التى ظهرت بها محال الملابس الجاهزة بعد عودتها للعمل مرة أخرى، بالتزامن مع موسم الأوكازيون الشتوى، عقب نحو ثلاثة أسابيع من التوقف بسبب أحداث ثورة 25 يناير، وحالة الانفلات الأمنى التى نتجت عنها أعمال نهب وسلب، وتطبيق حظر التجول لساعات طويلة لعدة أيام. «قفلنا من يوم الجمعة اللى بدأ فيه حظر التجول»، يقول محمد مصطفى مدير فرع لأحد المتاجر الشهيرة والمعروفة بارتفاع أسعار منتجاتها، بينما يتابع تدفق خجل للزبائن فى أول أيام العرض الذى بدأه المتجر «أسعار موحدة ب50 و100 فى جميع الفروع» والذى وصل إلى المواطنين عبر رسائل نصية بالمحمول. ويوضح مصطفى أن هذا العرض وإرساله للهواتف المحمولة يهدف إلى إعادة الزبائن للسوق، وتعريفهم أن المحل عاد للعمل مرة أخرى، مضيفا أن الشركة ترغب فى تعويض رأس المال على الأقل بعد الخسائر التى تحققت خلال الفترة الماضية، التى يتوقع أن تصل إلى 90%. ويبدو أن هذه الفكرة نجحت إلى حد ما، ففى متجر آخر، كان قد بدأ عرضه بتخفيض 70% من قبل الأحداث واستأنفها عقب هدوء الأوضاع، تقول مها (20 سنة) إنها فوجئت بأن المحال عادت للعمل بالفعل أثناء وجودها بالصدفة فى الشارع. «كان معروف أن المحال كلها اتكسرت،» بحسب مها التى فوجئت بالهبوط الكبير فى الأسعار «مش عارفة ليه الأسعار نازلة أوى كده، الواحد مكنش متعود على كده، اللى كان ب700 جنيه بقى ب200 مثلا»، مؤكدة أنها ستواصل التسوق فى الأيام القادمة بعد أن شجعتها الأسعار على شراء ما كانت تريده. ورغم هذا يقول نارد أسعد، مدير أحد فروع متجر حرق فرعه بأركيديا مول بعد سرقة محتوياته إن الإقبال أقل من الطبيعى فى هذه الفترة من العام، وهو ما يفسره بأن «الناس لسه خايفة تنزل الشوارع»، مشيرا إلى أن أكثرية من يقوم بالشراء حاليا من الذكور الذين قد يكونون أكثر جرأة من الفتيات فى ظل الوضع الأمنى غير المستقر حاليا. ومن جانبه يؤكد رئيس جمعية منتجى الملابس والمنسوجات، يحيى زنانيرى، أن «الوضع مأسوى وتاريخى بالنسبة لصناعة الملابس فى مصر»، موضحا أن التوقيت لعب دورا فى تعقيد الوضع لأنها فترة التخلص من البضائع الشتوية وبداية فصل الصيف. «الراكد من الأصل كان 70% من حجم المعروض سواء إنتاجا محليا أو مستوردا، وكان الأمل فى الأوكازيون لبيع جزء كبير منه بين 60 و70% إلا أن الأحداث جاءت فى نفس الوقت»، بحسب زنانيرى الذى يخشى من أن الوقت المتبقى من الشتاء لن يكون كافيا لتصريف الراكد كله، متوقعا خسائر قد تصل إلى 50%. ويصف زنانيرى عروض التخفيضات الكبيرة بأنها «ترجمة حقيقية للوضع»، فالراكد كبير، والفترة الزمنية المتبقية قصيرة «مضطرون لتضحيات للتخلص من أكبر قدر ممكن، أفضل من بقاء الملابس للعام القادم»، على حد قوله. ويضيف رئيس جمعية منتجى الملابس والمنسوجات إن هناك مشكلة جديدة هى الحاجة إلى البدء فى إنتاج وعرض الملابس الصيفية، إلا أن الشركات أغلبها منشآت صغيرة تمول نفسها بنفسها، ومع ضعف المبيعات فى الشتاء «فلا نعرف كيف سيكون موسم الصيف». كما يشير زنانيرى إلى مشكلة التصدير التى توقفت خلال الفترة الماضية بسبب التوقف شبه الكامل للموانئ والنقل، مما سينتج عنه تأخيرات وغرامات كبيرة، بالإضافة إلى تذبذب ثقة المستوردين والمستثمرين فى السوق المصرية. وعما يمكن أن تقدمه الحكومة لمنتجى الملابس المصريين فى الفترة الحالية، يرى زنانيرى أن الأولوية حاليا «لتحقيق الاستقرار والأمان، وتوقف الاحتجاجات والإضرابات العمالية، وفتح البنوك كلها لتحصيل الشيكات والكمبيالات المستحقة»، موضحا أن الحكومة دائما ما تكون منحازة للتصدير، حيث تقدم الإعانات للمصدرين، مشيرا إلى أن المنتجين المحليين يمرون بظروف صعبة أيضا. ويتساءل «لماذا لا تقدم الحكومة مساعدات للمنتجين ايضا، مثل نسبة معينة من ضرائب المبيعات على فاتورة نقدمها أو على الأقل إعفاء الصناعة من ضرائب المبيعات لمدة شهرين؟». وعلى المدى الطويل يتمنى زنانيرى توفير مزيد من إجراءات الحماية للصناعة الوطنية ومنع التهريب الذى يؤثر سلبا على الإنتاج المحلى.