«يعز من يشاء، ويذل من يشاء.. وهو على كل شىء قدير». بعد فضيحة الانتخابات البرلمانية الأخيرة كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء، الذى أعلن يأسه من أى أمل فى الإصلاح، لأن أحمد عز وفريقه أحكم قبضته على كل شىء فى مصر، ولم يكن ينقصه حسب هذا الصديق إلا إعلان نفسه رئيسا للجمهورية. فى هذا الوقت قلت للصديق.. إن كل ذلك مؤقت وسينهار إن آجلا أو عاجلا.. والسياسة لا تعرف الجمود، والشعب لا ينسى ولا يغفر لمن خدعه أو سرقه أو سخر منه، والأهم أنه إذا كان الاحتكار لا يصح فى سلع استراتيجية مثل الحديد، فإنه من باب أولى لا ينفع فى السياسة. مساء الخميس الماضى وعقب قرار النائب العام بحبس أحمد عز وأحمد المغربى وزهير جرانة وحبيب العادلى 15 يوما، اتصلت بهذا الصديق لأذكره بالحوار القديم بيننا فى بداية شهر ديسمبر. الصديق قال إنه سعيد بأنه أخطأ، طالما أن نتيجة هذا الخطأ هى أن كل مصر تغيرت بصورة لم يكن يحلم بها. الإنسان لا ينزل النهر مرتين كما يقال وفى اللحظة التى كان فيها عز والعادلى والمغربى وجرانة يستعدون لتناول طعام الغداء فى السجن، كان الشيخ يوسف القرضاوى يخطب الجمعة فى أكثر من مليون شخص فى ميدان التحرير.. ونفس الصحف الحكومية أو القومية التى نشرت خبر حبس هؤلاء الأربعة هى التى نشرت خبر وصورة القرضاوى فى صفحاتها الأولى. هل هناك تراجيديا أكثر من ذلك؟! «اللهم لا شماتة».. لكن ما يحدث يؤكد لكل المتعجلين وضعاف النفوس أن الله كبير وعظيم فعلا فهو يمهل ولا يهمل. الأربعة المحبوسون على ذمة القضية متهمون بالتربح والرشوة والفساد وغسل الأموال.. هم حسب القانون لايزالون أبرياء إلى أن تتم إدانتهم، ونطلب لهم محاكمة طبيعية عادلة مثلما كنا نطلب لضحاياهم من قبل. لكن الشعب أدانهم سياسيا جراء ما فعلوا فى هذا البلد طوال السنوات الماضية. لا أعرف كيف قضى هؤلاء الأربعة ليلتهم الأولى فى السجن؟ أتشوق لمحاورة حبيب العادلى كى أسأله ماذا فعل فى الزنزانة.. هل تذكر ضحاياه، هل استمع ذات يوم لأنين الأبرياء وهم يتعرضون للتعذيب.. هل أدرك الآن أنه كان يحمى شخصا واحدا ونظاما مكروها ضد شعب بأكمله، كيف تجرأ وسحب قواته يوم جمعة الغضب.. كيف.. وكيف؟! أتشوق أيضا لمحاورة أحمد عز كى أسأله هل نفعته كل المليارات لتحميه من غضبة الناس، ما قيمة كل فلوس الدنيا مقابل البيات فى مكان مغلق من الخارج والاستيقاظ على صوت السجان سواء كان زنزانة أو حتى غرفة فى مستشفى مكيف؟! هل اتعظ الآن بأن تأميم واحتكار كل شىء من الحديد إلى السياسات قد تسبب فى انهيار مستقبله هو وليس مستقبل منافسيه من بقية التجار؟! أتمنى أن يتعظ بقية الفاسدين، أو الذين يحلمون أن يكونوا فاسدين.. إلى كل لص أو مجرم أو طاغية صغير.. تذكر ماذا حدث للكبار.. تذكر ماذا حدث قبل ذلك لهشام طلعت مصطفى..الدنيا فانية والدائم هو الله.. المجرمون ينتهى مصيرهم فى معظم الأحوال فى الزنزانة والأحرار يملأون ميدان التحرير وبقية الميادين.