دخل المعتصمون فى ميدان التحرير أسبوعهم الثالث أمس، واستعد المتظاهرون لنصب عشرات الخيام داخل الحدائق التى تتوسط الميدان كما وفروا مئات البطاطين، ودعوا إلى مسيرة مليونية جديدة اليوم الثلاثاء. الحدث الأبرز صباح أمس تمثل فى احتشاد الآلاف من المحتجين بالقرب من مسجد عمر مكرم للحيلولة دون وصول الموظفين والعاملين إلى حيث مقر عملهم بميدان التحرير. وقال غريب البنا الذى يصف نفسه بأحد ثوار 25 يناير «نحن نستخدم المجمع كأحد أوراق ضغطنا على النظام حتى يستجيب لمطالب مئات الآلاف برحيله الفورى»، مضيفا «المجمع هو عصب الحياة فى مصر لذا نحرص على ألا يتم تسيير أى أعمال بداخله». وردد الآلاف «ارحل.. ارحل» ووقف المئات من الموظفين على الجانب الآخر فى محاولة للدخول للمجمع والتى باءت بالفشل، وقال أحد الموظفين رفض ذكر اسمه قلوبنا مع المتظاهرين هنا ولكننا جئنا للاطمئنان على أوراق خاصة بنا داخل المجمع. من جهة أخرى أعلنت إذاعة داخل ميدان التحرير أن أمس هو يوم الوفاء للشهيد، وأعلنت إقامة نصب تذكارى لشهداء معركة الحرية، كما أعلنت عن إقامة معرض لصور الشهداء بالقرب من شارع عمر مكرم يشتمل على روايات كاملة لظروف وأماكن استشهاد هؤلاء، وبالقرب من الإذاعة نثر أهالى الشهداء مئات من الورود على المحتشدين. إلى هذا تناقل من وصفوا أنفسهم باتحاد شباب الثورة استعدادهم لتنظيم خطوات تصعيدية من قلب ميدان التحرير حتى لا تتحول ثورتهم لمجرد اعتصام مفتوح فى الميدان بحسب قول أحدهم ل«الشروق». كما تناقل آخرون عزمهم تنظيم يوم لتجميل الميدان تحت شعار «بنحب مصر» يقومون خلاله بتنظيم حملات لتنظيف الميدان، وصيانة الحمامات التى توجد فى شوارع جانبية فى الميدان. وفى مشهد مهيب شيعت أمس جنازة (رمزية) للشهيد أحمد محمد محمود الصحفى، فى صحيفة التعاون بمؤسسة الأهرام، الذى يعد أول شهداء «صاحبة الجلالة» فى «ثورة الغضب». تقدم المشيعين زوجته إيناس عبدالعليم، نائب رئيس تحرير جريدة المسائية، وعدد من أعضاء مجلس النقابة من بينهم جمال فهمى وعبير سعدى، ويحيى قلاش، وصلاح عبدالمقصود، وخلفهم، حمل المتظاهرون نعشا خاليا مغطى بعلم مصر، بعدما تم دفن الصحفى مساء الجمعة الماضى. وهتف مشيعو محمود: «الشعب يريد محاكمة السفاح»، و«يسقط يسقط حسنى مبارك». ولم تستثن الجنازة التى انطلقت من مقر النقابة حتى ميدان التحرير من التفتيش من قبل اللجان الشعبية الموجودة على مداخل الميدان. وحمل المشيعون لافتات كتب عليها «الصحفيون المصريون يؤيدون مطالب الشعب ويطالبون برحيل النظام ورموزه»، و«دماء الشهداء لن تجف إلا بمحاكمة القتلة والمجرمين وأنصار النظام»، كما حملوا صور الشهيد وهم يهتفون «بالروح بالدم.. نفديك يا شهيد». «صورة صورة صورة كلنا كده عاوزين صورة» وعلى أنغام عبدالحليم حافظ، استقبل متظاهرو التحرير جنازة الصحفى وحيت الإذاعة الداخلية المشيعين قائلة «هذه الثورة بدأت بذورها منذ سنوات على سلم نقابة الصحفيين والآن احتلت كل الميادين واختلطت دماء الصحفيين بدماء شهداء الثورة». وشن المتظاهرون هجوما حادا على الإعلام الحكومى المرئى والمكتوب وطالبوا العاملين فيه بالنزول لأرض الميدان لتصوير الحقائق. وقبل انطلاق الجنازة من مقر النقابة وفور دخول النقيب مكرم محمد أحمد، حاول أحد المحتجين مهاجمته والتفوا حوله غاضبين معلنين رفضهم التام لتصريحاته حول الثورة وتأييده للنظام وظلوا يهتفون «الشعب يريد إسقاط النقيب». وفى محاولة لتهدئة الموقف وجه مكرم حديثه لأرملة الشهيد قائلا «أنا هاكلم وزير الداخلية وهجيبلك حقك وهاتعهد بصرف أكبر تعويض ليكى»، وهو ما أثار استياء الزوجة والصحفيين الموجودين ونشبت بينهم مشادة كلامية وانتهت بهتاف «خائن خائن»، فاضطر النقيب للانسحاب بالصعود لمكتبه.