تعيش المخرجة مفيدة تلاتلى فى حيرة شديدة منذ تنصيبها وزيرة للثقافة فى تونس، حيث قوبل قرار تنصيبها برفض شديد من المثقفين، بدعوى أنها كانت من المنادين لمنح الرئيس المخلوع زين العابدين بن على ولاية جديدة فى 2014، وهو ما جعلها تفكر جديا فى الاستقالة، ولم تمر ساعات حتى تراجعت مره أخرى وقررت استكمال المسيرة وقبول المهمة. ●كيف استقبلت خبر تنصيبك وزيرة للثقافة فى تونس؟ فى البداية سألونى: هل أنت مستعدة لخدمة الوطن فى ظل الظروف، التى تمر بها تونس حاليا؟، والحقيقة أننى طلبت منهم فرصة للتفكير فى الأمر، ورغم أن حال تونس لا يحمس لقبول المهمة فإننى لم أقدر على الرد بلا، لأن عشقى لبلادى يمنعنى من رفض الوقوف إلى جانبها وخدمتها بكل طاقتى فى هذا الوقت. وقد استشرت كثيرا من أصدقائى وأسرتى والجميع شجعنى على تولى المهمة، وربنا معى. ●وكيف تعاملت مع حملات الاعتراض الكبيرة التى ترفض وجودك فى الوزارة؟ نعم هناك مجموعة من السينمائيين والمثقفين تجمهروا فى وزارة الثقافة بتونس، ومن هؤلاء كثيرون فعلوا ذلك من باب حبهم لى وخوفهم علىّ، لكنى رفضت الاستقالة حتى إذا لم أكن أصلح لهذا المنصب، لأنه لا يصح أن أرفض خدمة تونس فى الوضع الحالى. ●ولكنك استقلت بالفعل من الوزارة ثم تراجعت مرة أخرى لماذا؟ فكرت فى الاستقالة لأننى شعرت و«قلبى قاللى» إننى لن أستطيع خدمة بلادى، وتراجعت عن هذا القرار سريعا، لأننى أردت أن تسير الأمور فى البلاد فى نصابها الصحيح، وليتحقق الهدف من الثورة، ولا يضيع دم الشهداء الذى سال. وأنا إنسانة نظيفة وليس عندى ما يسىء إلىّ، لذلك كنت أتمنى خدمة بلادى فى وقت أفضل، وليس فى هذا «الجو الخائب». ●ولكن الاعتراض على تنصيبك لأنك كنت ضمن القائمة التى ناشدت الرئيس المخلوع «بن على» على قبول الترشح لولاية جديدة فى 2014؟ لا أنكر ذلك.. ولكنى وقعت الورقة وقت أن كان الشعب التونسى كله يعانى من القمع، ولم يكن هناك من يستطيع قول لا.. أو يعصى أوامر السلطة، لأن من يعترض على ما يريدون أو يقول لا، سيفقد عائلته أو أولاده، فوافقت على الانضمام إليهم حتى لا يؤذون أسرتى وأحافظ عليها. كما أننى لم أكن بمفردى التى وافقت على التصديق على المطالبة بترشح «زين العابدين» لولاية جديدة، كنا كثيرا والكل وافق رغما عنه، لأنه لم يكن لدينا خيار آخر. ●وماذا تتوقعين ل«ثورة الياسمين»؟ أعتقد أن جميع التونسيين فى حالة تأمل لحال البلاد وما سيحدث، وجميعنا نأمل أن تنتهى المظاهرات وحالات الشغب، وأن يعود الناس لخدمة تونس بجد، لأن البلاد صغيرة وفقيرة، ولا نريد أن تضيع و«تبرك». ●وهل تخشين الرحيل المفاجئ؟ أولا يجب أن أبدى احترامى الشديد لكل من وافق على الخدمة فى هذه الوزارة، وأنا تحدثت مع كثير ممن أثق بهم فى الوزارة، ووجدت أنهم مثلى ليس لديهم مشكلة فى أن يتقدموا باستقالتهم فى أى وقت، حين يستقر الحال بالبلاد، حتى إذا جاء هذا الوقت غدا أو بعد غد. وجميعنا يعلم أن هذه الوزارة انتقالية لمدة 6 أشهر فقط، وهناك من يريدها أن تستمر لتخدم تونس ونصل إلى شىء، وهناك آخرون أيضا يرغبون فى رحيلها، ويتولى غيرنا المهمة، فكل شىء مطروح هذه الأيام، ويضع كل من وافق على الخدمة فى الوزارة المؤقتة فى حيرة. وأعتقد أنه سيستمر فيها من يحب تونس حقيقة ويرفض أن يضيع دم الشهداء الذى سال، وتخرج البلاد لبر الأمان. ●هل تشعرون أن من يعترض على الوزارة الجديدة لا يحب تونس؟ لا أحد يستطيع قول ذلك، ولكن نقول إن لهؤلاء أفكارا يريدون إقناع الشعب بها، وهذه هى حرية التعبير، التى كنا نفتقدها فى تونس، والديمقراطية التى كنا ننتظرها. فنحن نفعل ونقدم ما نراه صحيحا لصالح البلاد، وهم يفهمون ويعملون ما يشعرون أنه صحيح، وهذه هى قمة الديمقراطية التى كنا نحلم بها. ●تونس كانت تعيش فى قمع 23 عاما فكيف تتصورين حالها خلال الفترة المقبلة؟ لا أحد يستطيع رؤية المستقبل، ولا أحد يستطيع تصور ما سيحدث لتونس، ولكن الكل يتأمل وينتظر ماذا سيحدث؟. ونحن دورنا كوزارة انتقالية أن نخدم بكل ما نستطيع من قوة، وأن نحصر كل مشاكل تونس سواء الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية فى الفترة التى سنتولى فيها الوزارة، حتى لا نعود للوراء مرة أخرى.