فى السنة المقبلة سنضطر إلى مواجهة تحديات صعبة؛ فالولاياتالمتحدة ستغادر العراق، وسيزداد نفوذ إيران فيه والذى سيصبح من الصعب تصنيفه بين الدول العربية المعتدلة. كما سيبدأ الجيش الأمريكى بالخروج من أفغانستان، ومن المحتمل أن يطرح تقسيم هذا البلد بين الأقاليم الخاضعة لنفوذ طالبان، وبين الأقاليم الأخرى، وسيكون هذا هو الحل الاسوأ بالنسبة إلى هذه الدول التعيسة. فى مطلع يناير سيجرى استفتاء عام فى جنوب السودان، نتائجه معروفة سلفا فعلى الأرجح ستؤيد الأغلبية انفصال الجنوب، لكن من الصعب أن يقبل شمال السودان بهذه النتائج، ومن المحتمل أن تتجدد الحرب الأهلية هناك. أما فى لبنان فإن الجميع ينتظر صدور القرار الظنى للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمكلفة بالتحقيق فى اغتيال رفيق الحريرى، والذى من المنتظر أن يتهم مسئولين كبارا فى حزب الله ومن المحتمل أن تندلع حوادث عنف فى هذا البلد بعد صدور القرار، والأخطر وهو أن يؤدى ذلك إلى سيطرة حزب الله على لبنان. وستواصل إيران نشاطاتها النووية من أجل التوصل إلى وضع تكون فيه قادرة على تصنيع القنبلة، وربما لن تقوم بإنتاج القنبلة حتى لو كانت قادرة على ذلك، إلا أنها لن توقف نشاطها النووى. من ناحية أخرى ستطالب الولاياتالمتحدة بتشديد العقوبات على إيران، لكن من الصعب أن تشارك الصين فى هذه العقوبات، لأنها بحاجة ماسة إلى النفط. وسيكون من الصعب أن تتعرض إيران لضربة عسكرية. وفى أوروبا ستزداد حدة الأزمة الاقتصادية، الأمر الذى سيضعف من قدرتها السياسية، ويؤدى إلى تراجع دورها فى الساحة الدولية. وستواصل البرازيل وروسيا والصين فى جذب المستثمرين فى العالم، وسيستمر النمو الاقتصادى فى هذه الدول، لكن ذلك لن يجعلها قادرة على قيادة العالم. ويمكن للولايات المتحدة أن تطمئن، فهى ستبقى القوة العظمى الوحيدة فى العالم فى سنة 2011. أما بالنسبة إلى إسرائيل فمن المنتظر ألا يصمد الائتلاف الحكومى فى السنة المقبلة، بسبب الخلافات الداخلية الآخذة فى التفاقم، فالجمود فى العملية السياسية سيدفع حزب العمل إلى الاستقالة، بينما قد يدفع أى تقدم فى العملية السلمية حزب «إسرائيل بيتنا» إلى الخروج من الحكومة وسيبذل نتنياهو جهده كى يعطى الانطباع بحدوث تقدم سياسى، لكنه سيرفض بشدة تقديم خطة مفصلة للحل، لأنه يعلم أن أى خطة سيقدمها لن تحظى بموافقة الأمريكيين، وأن الخطة التى قدمها أبومازن قريبة جدا من الخطة التى قدمها كلينتون فى سنة 2000، والتى حظيت آنذاك بموافقة العالم أجمع، وستقوم دول أخرى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967، لأن هذا لا يتطلب منها جهدا كبيرا، كما أنه يمنحها وهم المشاركة فى العملية السياسية. هل سيقرر أوباما بعد فشل المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين تقديم خطته الخاصة، كما لمحت إلى ذلك هيلارى كلينتون؟ من المحتمل أن يحدث ذلك لكن هل ستساعد خطة كهذه فى تقريب السلام؟ الاحتمال ضئيل، وهل تقوم الولاياتالمتحدة بعد نشر الخطة بتنفيذ المرحلة الثانية من خريطة الطريق، أى إعلان عن دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة؟ هذا محتمل.