يرى المدير التنفيذى لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) نهاد عوض أن أفعال الرئيس أوباما لا ترتقى إلى مستوى أقواله الكثيرة عن ضرورة تحسين العلاقة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين، معربا عن رفضه للكثير من سياسات الإدارة تجاه الأقلية المسلمة. عوض يتوقع فى حواره مع «الشروق» الأسوأ لمسلمى أمريكا خلال 2011، بعد انتزاع الجمهوريين السيطرة على مجلس النواب، وينبه العالم الإسلامى إلى أن ما يحدث فى دولة يؤثر على أوضاعهم فى الولاياتالمتحدة. وفيما ينتقد مسلمين يرون فى الأعمال الإرهابية فتوحات إسلامية، يصف «الحرب على الإرهاب» بالفاشلة، مرجعا انتشار ظاهرة الإرهاب إلى الاختلال فى موازين القوة فى العالم. وهذه هى تفاصيل الحوار. • بداية.. مع اقتراب ولاية أوباما من منتصفها.. ما الذى تحقق من وعوده؟ أعتقد أننا فى «كير» كنا من أكثر المنظمات الإسلامية، التى لم تبالغ فى توقعاتها، فالكثيرون بالغوا فى توقعاتهم من أوباما وعلقوا آمالا كبيرة على وعوده بسبب خلفيته ومستواه الفكرى، لكن التغيير فى واشنطن ليس فرديا، بل مجتمعيا. المعارضة ضد أوباما قوية من الجمهوريين، والحزب الديمقراطى ليس لديه استعداد للانتقال بواشنطن إلى مستوى جديد فى العلاقات الخارجية، فالتغيير الذى جرى فى واشنطن كان تغييرا فرديا، وليس مؤسسيا على مستوى صناعة القرار. • وهل أوفى أوباما بوعوده عن تحسين العلاقات مع الإسلام والمسلمين؟ حتى الآن لم ترق أفعاله إلى مستوى أقواله الكثيرة، لا سيما فى خطابيه بالقاهرة وبالعاصمة الإندونيسية جاكرتا. • وما تداعيات ذلك على أوضاع المسلمين؟ ما زال العداء للإسلام فى تصاعد، فقد أظهر استطلاع حديث للرأى أجراه مركز «بيو» الأمريكى أن 45% من الأمريكيين يرفضون قيم الإسلام، وهذه نسبة تزيد 30% عن الأعوام الماضية، ما يدل على تدهور نظرة غير المسلمين فى أمريكا للإسلام.. ف«الإسلاموفوبيا» فى تزايد، ما يظهر جليا فى أعمال العنف ضد المسلمين. لكن على المسلمين أن يتفاءلوا، وأن يعتزوا بهويتهم الإسلامية، ويقدموا أنفسهم إلى غير المسلمين عبر القيم الوسطية للإسلام رغم كل هذه المشكلات. • وما هو أبرز ما يواجهكم كأقلية من مشكلات؟ إلقاء اللوم، فالكثيرون دائما ما يلقون باللوم على الأقلية المسلمة (نحو ستة ملايين من أصل أكثر من 300 مليون نسمة)، وغيرها من الأقليات الدينية والعراقية، فى الكثير من الأزمات، مثل اتهامهم للأقليات بالمسئولية عن الأزمة الاقتصادية.. ولكون المسلمين فى مقدمة الأخبار السلبية، فدائما ما يكون لهم نصيب الأسد فى ردود الأفعال السلبية. • هل تتوقع تزايد الصعوبات أمام المسلمين بعد أن انتزع الجمهوريون الهيمنة على مجلس النواب وقلصوا أغلبية الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ؟ بالطبع أتوقع ذلك.. وتاريخ الجمهوريين يجعلنى أقول إنهم صريحون فى عدائهم للإسلام، وأبرز مثال على هذا هو اليمينية المتشددة (المرشحة السابقة للرئاسة عام 2008) سارة بالين، التى قالت إن الإسلام يمثل أحد التحديات الكبرى فى الولاياتالمتحدة، وإن المسلمين هم أعداء الولاياتالمتحدة. وبالين من الشخصيات المؤثرة داخل منظومة الحزب الجمهورى ولأفكارها صدى واسع. • مقابل تخوفكم من الجمهوريين.. ما هى طبيعية علاقتكم مع الإدارة الديمقراطية؟ يوجد خلاف كبير بين المؤسسات الإسلامية وبين إدارة أوباما، فنحن نرفض سياسات الإدارة فى العديد من المسائل، مثل: زراعتها لجواسيس ومحرضين على العنف داخل المساجد والمراكز الإسلامية.. فهذا اختراق للمسلمين يخالف الدستور الأمريكى، ويضيع على السلطات فرصة القبض على المحرضين الفعليين. • وما توقعاتك لأوضاع مسلمى أمريكا فى عام 2011؟ للأسف أتوقع الأسوأ.. أتوقع أن تتصاعد وتيرة العداء للإسلام، وعلى المسلمين أن يشدوا الأحزمة، وأن يعتمدوا على أنفسهم لمواجهة الرافضين لبناء مسجد جراوند زيرو (قرب موقع هجمات 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك)، ويتجاهلوا الوعود السياسية. فالواقع يقول إن المسلمين الأمريكيين يملكون قوة فى التنظيم والأداء، وعليهم أن يعتزوا بهويتهم الإسلامية وقوميتهم الأمريكية. • كيف ستواجهون هذه الأوضاع المتوقعة؟ سنحاول تعزيز حريات المسلمين التى باتت مهددة بسب موجة الكراهية والعنف ضدهم، وسنطلق حملات توعية للرأى العام الأمريكى بالإسلام، فضلا عن عقد مؤتمرات تدريبية للشباب المسلم وتوعيته حول كيفية التعاطى مع التحديات، كما سنحاول فتح خطوط جديدة للحوار مع جميع الجهات. وأريد هنا أن أوجه رسالة إلى المسلمين فى العالم الإسلامى والعربى مفادها أن ما يجرى فى بلدانهم ينعكس على صورة الإسلام ووضع المسلمين فى الولاياتالمتحدة كأقلية.. إن الذين يرون أن الأعمال الإرهابية هى فتوحات إسلامية لا يفهمون المعنى الحقيقى للإسلام، بل ويمنحون مبررات لمن يستهدفون الإسلام والمسلمين ضمن ما يسمونه حربا على الإرهاب. • وهل حققت هذه الحرب هدفها المعلن بالقضاء على الإرهاب؟ لا لقد فشلت.. فالسياسات الخارجية الفاشلة للدول الكبرى، وشنها حروبا مثل حربى أفغانستان (أكتوبر 2001) والعراق (مارس 2003) تؤدى أحيانا إلى ردود أفعال سلبية.. هذا بالطبع ليس تبريرا للإرهاب، فالحرب على الإرهاب حملة فاشلة، والإرهاب أساسا ظاهرة انتشرت بسبب اختلال موازين القوة فى العالم، وما ترتب عليه من ظلم. هناك أخطاء استراتيجية ارتكبت، وعلى قادة العالم أن يفيقوا من سباتهم للتعاطى مع هذا المأزق العالمى.