جلس جمال مبارك فى المقعد قبل الأخير على المنصة التى تصدرها صفوت الشريف وزكريا عزمى وجلس صديقه وحليفه أحمد عز على الطرف الآخر تماما، فى مؤتمر الحزب الوطنى قبل أيام. المشهد يجد بعضا من تفسيره، فى تلك الرغبة غير المعلنة، فى كسر حالة «الديو» التى تربط الرجلين والذى ارتبط صعودهما معا إلى الصفوف الأولى فى الحزب الوطنى. المشهد الثانى كان فى كلمة أحمد عز الذى أغفل فيها عمدا أية إشارة أو تحية إلى أمين السياسات. والسبب غير خفى «حتى لا يرتبط اسم جمال بانتهاكات حدثت فى الانتخابات»، كما يقول أحد رجال الوطنى، فى لحظة تم تصدير أمين التنظيم إلى الواجهة، «بل تمت شيطنته» ليتحمل وحده جميع الاتهامات التى كيلت للوطنى. فنتائج الانتخابات والجدل المستمر حولها لا يخدم «ملف التوريث»، ولا يساعد «رغبة أو طموح» نجل الرئيس فى التقدم خطوة أخرى صوب المقعد الرئاسى. مشهد المنصة جزء من نص التزم به جمال مبارك طيلة أيام المؤتمر واكتفى، وعلى غير عادته، بصورة اقل تألقا، وبغياب إعلامى مدروس. وتوارت معه مجموعة الجيل الجديد، ليسيطر على المشهد الرئيسى أمين عام الحزب صفوت الشريف. الانسحاب كانت له دلالته كما كان للمؤتمر الصحفى الذى عقده أمين السياسات واختار أن ينهى على نغمته المؤتمر السنوى. لكنه أنهاه على نغمة أخرى من الغموض، تترك كل الأوراق مطروحة على طاولة الرئاسة. فى المؤتمر الصحفى الذى تجاوز الساعة، راوغ جمال مبارك فى الإجابات حول ترشحه لانتخابات العام القادم واختار إجابات تحمل الكثير من الدبلوماسية، لكنها «تخدم» أن يكون مرشحا فى سبتمبر القادم. سئل جمال مبارك عما إذا كان الفوز الكاسح للوطنى فى الانتخابات التشريعية يعد خطوة فى سيناريو ترشحه لرئاسة الجمهورية فاكتفى بالقول إنه وفقا للوائح الحزب فإن «اختيار مرشح الحزب ينبغى أن يتم فى مؤتمر خاص يدعى لهذا الغرض». وردا على سؤال آخر حول ما إذا كان طامحا فى الرئاسة قال «الحالة الوحيدة التى ستعرفون فيها من هو مرشح الحزب للرئاسة ستكون عندما يجتمع الحزب ويتخذ قراره الأخير فى وقت ما بالتأكيد قبل يوليو». لكن، فى الوقت نفسه جدد نجل الرئيس مبارك نفيه الذى صدر قبل 5 سنوات، لوجود أى «طموح أو نية أو رغبة» له فى منصب الرئاسة، قائلا «إجابتى لم تتغير، ولو سئلت بعد 3 أو 4 شهور هاقول نفس الإجابة، مع الأخذ فى الاعتبار التوقيتات». إجابات لا تخفى رغبة فى ترك الأطراف الأخرى خارج الوطنى مرتبكة وحائرة حول مستقبل الرئاسة، لكنها تكشف، بلا شك، عدم حسم الملف لصالح جمال، داخل الحزب نفسه. أما الأزمة الآنية التى سيحتاج الوطنى التعامل معها مباشرة بعد أن لملم أوراق مؤتمره، فهى «المرشحون المنافسون». فالحزب الحاكم، سواء دفع مجددا بالرئيس أو بنجله يحتاج إلى مرشحين «لهم ثقل» من الأحزاب التى لها شرعية خوض الرئاسة. والوفد كان هو الوحيد المؤهل للعب هذا الدور.