أثار الدور المتنامى لأمين تنظيم الحزب الوطنى أحمد عز والذى برز خلال انتخابات مجلس الشعب الماضية ومؤتمر الحزب السنوى الأخير، جدلا حادا فى الساحة السياسية، فبينما ذهب البعض إلى أن سيطرة عز على "الوطنى" تمهد ل "مشروع التوريث"، رأى آخرون أن الأمر قد يتعدى التمهيد للتوريث، فإدارة عز للعملية الانتخابية أساءت إلى الرئيس مبارك، فيما دافع قيادى ب "الوطنى" عن موقف أمين التنظيم، مؤكدا أنه قام بتنفيذ دوره بالتنسيق مع قيادات الحزب. قال جمال زهران النائب بمجلس الشعب السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس لجريدة الشروق إن "عز رمز لتجمع الفكر الجديد داخل الحزب الوطنى، وإنه أهم رمز فى عملية التحول التى تتم داخل الحزب لترسيخ فكرة سيطرة جمال مبارك ورجاله على مقاليد الأمور داخل الحزب على طريق الوصول إلى مقعد الرئاسة". وأشار زهران إلى أن عز يأخذ هذه التسهيلات لدعم جمال مبارك شخصيا، وهو يسعى لأداء وظيفتين: مقاومة التيار القديم داخل "الوطنى"، ورموزه المتمثلة فى صفوت الشريف وفتحى سرور ومفيد شهاب، والذين يمثلون بدورهم الرئيس مبارك الأب، كما يسعى لتغيير بنية الحزب بحيث يتقدم الصفوف جيل جديد يصبح قاعدة جمال مبارك باعتباره الرئيس القادم. وأضاف زهران أن عز رمز لتداخل السلطة والثروة من خلال موقعه كرئيس للجنة الخطة والموازنة، مشيرا إلى أنه يتدخل فى التشريعات لتصب فى مصالحه، مثلما حدث خلال مناقشة قانون منع الاحتكار حين غير مسودة القانون لتعاقب الشاهد المبلغ عن الممارسات الاحتكارية بعد أن كان القانون يعفيه من العقوبة. وأكد زهران أن الانتخابات البرلمانية السابقة عكست طريقة تعامل عز مع المشهد السياسى كشركة من شركاته مارس خلالها أكبر عملية احتكار سياسى بعد أن مارس الاحتكار الاقتصادى باحتكاره لصناعة الصلب فى مصر. وتابع: "عز حقق أهدافا تمثلت فى استبعاد الإخوان المسلمين، ووأد المعارضة كلها، وأنا واحد منهم، ولم يترك رمزا واحدا يستطيع أن يجمل صورة البرلمان". وأضاف: "عز يمثل صورة من صور التوحش السياسى القادم.. أنا أفهم أن الفكر الجديد يأتى بالتسامح، بنزاهة العملية الانتخابية بتداول السلطة لكنه أتى بأفكار أسوأ مما كانت سائدة من قبل". من جهته قال ضياء رشوان، نائب رئيس مركز الأهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية: "لا يكاد يوجد محلل سياسى واحد أو سياسى، أو حتى مواطن لا يتكلم عن دور أحمد عز، فى الانتخابات الماضية بشكل لم يحدث من قبل مع أحد فى كل الانتخابات التى مرت على مصر، لم يكن هناك إلقاء الاتهام إلى شخص بعينه مثلما هو الحال مع أحمد عز". ويضيف رشوان: "يقول المثل الشعبى لا توجد نار بدون دخان، وحدث سباق فى التكهنات حول من وراء ما حدث إلى أن كتب المهندس عز بنفسه يؤكد أنه أدار كل هذا، ويبدو أنه صدق نفسه بأن ما فعله هو الذى ساهم فى إنجاح البعض وإسقاط آخرين، دوره واضح تماما سواء بتكهنات الرأى العام أو باعترافه شخصيا". وقال رشوان: "إذا كان المهندس أحمد عز يعتقد أن ما فعله يصب فى صالح التوريث فلا اعتقد أن الصورة التى تكونت ستخدم أى حليف له حتى ولو كان جمال مبارك". ورأى رشوان أن ما فعله أحمد عز هو تصرف الغرض منه الإضرار بالرئيس مبارك، فلا يصح أن يتجرد البرلمان من إمكانيات الترشيح للأحزاب وينتهى الأمر إلى أن تمثل المعارضة 4 أحزاب متناهية الصغر. بالإضافة إلى السمعة السياسية السيئة التى أصابت النظام. وحول ما إذا كانت سيطرة أحمد عز على الحزب الوطنى استعدادا لأن يلعب الدور الأهم خلال الانتخابات الرئاسية قال: "مصر أكبر من ذلك بكثير، وياريت يكون بيفكر بهذا الشكل لكى نرى كيف سيدير هذه المعركة مع مؤسسات الدولة". وأضاف: "كان ظهور أحمد عز خلال الثلاثة شهور الماضية أكثر كثافة من جمال مبارك نفسه، فهل هو طامع لشىء أكبر من أن يكون صديق جمال مبارك، إذا كان يطمع لأكثر من ذلك فالأمر يدخل فى إطار اللامعقول، لكن أحيانا حين يحقق الشخص ويتخيل أن المساحة التى حوله تتمدد حوله يكمل تمدده، ولا يقدر أن يوقف نفسه، فقد كان يتحدث ويعطى دروسا للمعارضة وكأنه يصدق نفسه أنه بالفعل هناك انتخابات قد تمت". من جهته قال مجدى الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر وعضو أمانة التثقيف بالحزب الوطنى: "من يتصور أن المهندس أحمد عز يتصرف من بنات أفكاره، أو أنه الرجل القوى الوحيد كما يتصور البعض فهو تصور غير سياسى وغير دقيق وغير حزبى.. أحمد عز يعمل ضمن منظومة حزبية وضمن النظام الأساسى لدور أمانة التنظيم، ودور أمانة التنظيم معروف، وهو إدارة الحركة الداخلية والاتصال الداخلى للحزب بكل قواعده وأكد الدقاق أن الدور الذى يلعبه عز يتم بالتنسيق مع أكثر من جهة داخل الحزب، سواء مع الرئيس مبارك فيما يتعلق بالخط السياسى وفكر الحزب، أو مع هيئة مكتب الحزب المكونة من: صفوت الشريف وزكريا عزمى، ومفيد شهاب، وجمال مبارك، وعلى الدين هلال.