كتب مايكل أوسلين تقريرا استراتيجيا عن الأمن فى منطقة الإندو باسفكيك (وهى الممتدة من المحيط الهندى إلى المحيط الهادئ) قائلا إنه سوف يمثل واحدا من أهم تحديات السياسة الخارجية بالنسبة للولايات المتحدة والدول الليبرالية خلال العقدين المقبلين. وفى حالة النجاح فى تحقيق هذا الهدف، فسوف تتوافر فرص اقتصادية وسياسية عظيمة فى الربع قرن المقبل. وعلى العكس من ذلك، سوف يؤدى الفشل فى الحفاظ على استقرار تلك المنطقة وفى دعم النظم الليبرالية بها وإقامة علاقات تعاون بين دول الإقليم، وكذلك الفشل فى تعزيز معايير السلوك الدولى، إلى المزيد من فقدان الاستقرار والأمن فى تلك المنطقة وفى العالم. وفى ظل القوة الاقتصادية والعسكرية والديناميكية السياسية لدى دول منطقة المحيط الهندى الهادى، فسوف تصبح تلك المنطقة أهم منطقة فى العالم فى العقود المقبلة. ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، استطاعت تلك المنطقة التحول إلى قوة اقتصادية. لكنها فى الوقت نفسه شهدت صراعات بين تيارات ليبرالية ومستبدة، بل وشمولية أيضا. ونتيجة للجغرافيا الفريدة التى تتمتع بها هذه المنطقة، يبدو توازن الأمن الإقليمى ضعيفا للغاية فى القواسم المشتركة التى تجمع المنطقة، وهى البحار المفتوحة، والخطوط الجوية، وشبكات الإنترنت التى تربط المنطقة ببعضها البعض وبالعالم. وبالنظر إلى تلك «المشتركات» إن صح التعبير، وإلى حالة الرخاء والاستقرار الدائمة فى منطقة الاندو باسفيكى، يجب أن تكون أهداف السياسة الأمريكية وحلفاؤها فى تلك المنطقة كما يلى: ضمان وصول جميع الدول بحرية إلى المواقع والامور التى يشتركون فى حق الاستفادة منها. ردع أو احتواء النزاع فى «المشتركات». ضمان توافر قدرات عسكرية موثوق بها يمكنها ردع أو مقاومة التحديات الأهم التى تواجه الاستقرار الإقليمى. التشجيع على تطوير المعايير الديمقراطية الليبرالية التى سوف تساعد على تعزيز الحريات والتعاون فى المجالات المشار إليها وتكمن مصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها وشركائها فى حماية «المشتركات» فى منطقة المحيط الهندى المحيط الهادى من أى اضطراب سياسى. لكنه فى ظل التوسع العسكرى الصينى خاصة، لم يعد بوسع الولاياتالمتحدة وحلفائها ضمان الحفاظ على تفوقهم العسكرى إقليميا، سواء من حيث الكم أو الكيف. ويجب النظر إلى التوسع الشامل للقوة العسكرية الصينية باعتباره أداة للتوسع الجيوبوليتيكى للنفوذ الصينى. وفى الوقت نفسه، لا يجب اختزال الأمن فى منطقة الإندو باسفيكى فى مجرد التحوط ضد الصعود الصينى، أو محاولة تعديل سلوك الصين، بل يجب التركيز على المشتركات ككل فى هذه المنطقة. ومن ثم، يجب أن تتكون الإستراتيجية الأمريكية من ثلاثة أجزاء، هى تعزيز الوجود الأمريكى الأمامى فى المنطقة، والتوصل إلى نهج جديد تجاه الحلفاء والشركاء، والمساعدة فى جعل تلك المنطقة أكثر ليبرالية. ويجب أن ترتكز إستراتيجيتنا الإقليمية على قدرة القوات الأمريكية على الحفاظ على وجودها الفعال فى تلك المنطقة. ومن أجل القيام بذلك، يجب تركيز بنية القوة العسكرية فى المحيط الهادى على القدرات المرتبطة بإسقاط القوة، ونظم التسلح القادرة على هزيمة مواطن القوة لدى الخصوم المحتملين. كما يجب العمل على تعزيز الوجود الفعال للولايات المتحدة فى منطقة الإندو باسفيكى فى وقت السلم ووقت الحرب على حد سواء. ويشمل ذلك ضمان السيطرة على أعماق البحار عبر قوة غواصات الهجوم الأمريكية، مما يعنى زيادة عدد مقاتلات الدفاع الصاروخى الباليستية على السطح، وزيادة وجود القوات الجوية الأمامية فى المنطقة، وزيادة قدرات المراقبة والاستطلاع والقدرات الاستخباراتية. لكن القدرة العسكرية تُعتبر جزءا واحدا من أجزاء الإستراتيجية فى «مشتركات» منطقة المحيط الهندى المحيط الهادى. ولذلك يجب على الولاياتالمتحدة تبنى إستراتيجية سياسية جديدة تربط شركاءها القريبين والدول المهمة إستراتيجيا بالنسبة إليها والتى أصبح لديها مصادر مشتركة للقلق. ويجب أن تركز الخطوة الأخيرة فى هذه الإستراتيجية على البيئة السياسية العامة فى تلك المنطقة. وليس الهدف الأساسى لتلك الإستراتيجية الأمنية الجديدة فى مشتركات المنطقة هو تعزيز الديمقراطية والليبرالية وأجندة الحريات، بل ضمان الاستقرار وتأمين مصالح الدول التى تسهم فى رخاء المنطقة، بما فيها الولاياتالمتحدة. ومن ثم، يُعتبر العمل على جعل منطقة الهندي- الهادى أكثر ليبرالية هدفا سياسيا وإستراتيجية فى الوقت نفسه.