«أدب واحترام وتواضع».. تامر أمين عن سلوك أسامة الأزهري باحتفالية الأوقاف بالمولد النبوي    حقيقة تسمم مياه الشرب بمنطقة الزينية شمال محافظة الأقصر    اتحاد الغرف السياحية يكشف أرخص وأغلى رحلة عمرة لهذا العام (فيديو)    هبوط مفاجئ ب924 جنيهًا .. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 (تحديث)    عاجل - استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي    الكابينيت الإسرائيلي: إعادة سكان الشمال أصبح من أهداف الحرب    عاجل| غوتيريش: "لا تبرير للعقاب الجماعي للفلسطينيين"    حزب الله يستهدف ثكنتين عسكريتين لجيش الاحتلال بصواريخ كاتيوشا    بلينكن يزور مصر للمشاركة في رئاسة الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي    الزمالك يرفع راتب عبد الواحد السيد ومجدي بنسبة 100%    محمد عبدالله: مباريات القمة مولد النجوم الجدد.. وهذه رسالتي لجوميز    أحمد سليمان: الزمالك يدعم فتوح.. وحسم موقف اللاعب من المشاركة في مباراة السوبر    وفاة أربعيني غرقًا في بحيرة زراعية بالوادي الجديد    عاجل- الأرصاد الجوية تعرلن حالة الطقس اليوم    محامي نقض يكشف تطورات قضية أحمد فتوح لاعب الزمالك    نزار الفارس يكشف حقيقة رفض آيتن عامر الحضور في برنامجه الجديد    احتجاج آلاف الإسرائيليين بعد تقارير إقالة "جالانت" من وزارة الدفاع    خاص.. غزل المحلة ينجح في ضم "بن شرقي" خلال الميركاتو الحالي    كرة نسائية - رغم إعلان الأهلي التعاقد معها.. سالي منصور تنضم ل الشعلة السعودي    محسن صالح: كنت أتجسس على تدريبات المنافسين لهذا السبب    "ريمونتادا" رايو فاليكانو تهزم أوساسونا في الدوري الإسباني    «بعد زيارة مدبولي».. عمرو أديب: العلاقات المصرية السعودية دائما قوية مبهرة وجبارة    الشرطة الفنلندية توقف 3 أشخاص يشتبه بتورطهم في أنشطة لتنظيم داعش    استبعاد مدير مدرسة اعتدى على مسئول عهدة في بورسعيد    إصابة شخصين إثر تصادم دراجة نارية وسيارة فى بنى سويف    المجلس القومي للشباب ببني سويف يحي ذكرى المولد النبوي الشريف    محافظ المنيا يشهد احتفالية الليلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    الشوفان بالحليب مزيجا صحيا في وجبة الإفطار    أخبار 24 ساعة.. إتاحة رابط لتظلمات الدفعة الثانية بمسابقة 30 ألف معلم    محافظ البحيرة تشهد فعاليات مبادرة «شباب يدير شباب» بمجمع دمنهور الثقافي    بني سويف تدشن اليوم فعاليات المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"    حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني    سعر الزيت والأرز والسلع الأساسية بالاسواق اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    الإعدام غيابيا لمتهم تعدى على طفلة بكفر الشيخ    مصرع طالب سقط من قطار في منطقة العجوزة    ننشر صور ضحايا خزان الصرف الصحي بإحدى قرى المنيا    الفوري ب800 جنيه.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وكيفية تجديدها من المنزل    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    شيرى عادل عن الانفصال: أهم شىء أن يتم باحترام متبادل بين الطرفين.. فيديو    قرار من نقابة المهن التمثيلية بعدم التعامل مع شركة عمرو ماندو للإنتاج الفني    أحمد موسى: إحنا بلد ما عندناش دخل مليار كل يوم.. عندنا ستر ربنا    3 علامات تدل على أن الرجل يحبك أكثر مما تتوقعين    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    وكيل صحة الإسماعيلية تبحث استعدادات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    حدث بالفن| خطوبة منة عدلي القيعي ومصطفى كامل يحذر مطربي المهرجانات وعزاء ناهد رشدي    أسعار سيارات جاك بعد الزيادة الجديدة    «أمرها متروك لله».. شيخ الأزهر: لا يجوز المفاضلة بين الأنبياء أو الرسالات الإلهية (فيديو)    حصر نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بمستشفى أبوتشت المركزي بقنا لتوفيرها    هيئة الدواء: ضخ 133 مليون عبوة دواء في الصيدليات    وحدة الرسالة الإلهية.. شيخ الأزهر يؤكد عدم جواز المفاضلة بين الأنبياء    تقي من السكري- 7 فواكه تناولها يوميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توثيق ذاكرة العالم العربى
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 05 - 2009

جاء صيف القاهرة حارا رطبا يجعل الضيق ملتصقا بالبدن والنفس ولا يفارقهما حتى تخرج لتلقاه النيل تلتمس عند جوانبه نسمات تذهب هم النفس الذى زاده الجو هما على هم. فما أعجب سحر النيل فبرغم ما يعانيه إلا أن سحره لا ينفذ ينثره حوله على كل عشاقه. وتمر عبر كوبرى قصر النيل وهو أيضا له فى نفسى أثر جميل لا أدرى سببه لعلها وقفات المحبين وعيونهم إلى النيل وقد بنى سترا بينهم وبين ما يجدون حولهم من ضجيج وصخب. استجمعت قواى المالية وقررت الخروج مع رفاق إلى المقهى على النيل مقهى جديد بأسعار جديدة ولكنه الحر ورفيقته الرطوبة. وجاءت جلستنا بجوار خليط من الناس على منضدة كبيرة وفد من دول عربية تلمح عقالا وغطرة وجلبابا أبيض مع بشرة سمراء يشعان ضياء وترى عيونا جملية وشعرا فاحما مسدلا مع لهجة مغربية لا تستطيع لها تمييزا، المغرب، تونس، الجزائر لا تدرى ووجوه بيضاء ناصعة بلهجة شامية وكأن الأمة العربية على موعد.
بدأ حديث جيراننا هادئا ضاحكا وبعدها تغير الحال احمرت الوجوه وعلت الأصوات ولم يستجيبوا لنداءات الجمال التى يبثها النيل واسترقنا السمع آه من السياسة هى وراء هذه المعركة. ويأبى النيل إلا أن يفرض سطوته فمر مركب للمحبين انزويا فى مؤخرة المركب التصقت الأيدى وسرى بين الأعين همس رقيق تحسه وتشعر معناه ولا تسمع له صوتا ويعينهم المراكبى وكأنه يخشى أن يسمع الناس هذا الهمس فيرسل جهاز التسجيل عبدالوهاب «خايف أقول اللى فى قلبى». وكانت القاضية لشجار جيراننا نزلت الأغنية بردا عليهم فتسمع من يردد «تتقل وتعند» بلهجة خليجية وينتشى الباقون كل بلهجته وكأن الأغنية نشيد مدرسى نحفظه جميعا ونحلق معا فى سماء اللحن. وتحول نقاش السياسة إلى عبدالوهاب وفيروز ونجاة نفس الأغنية ما أبدعها مع فيروز وما أرقها مع نجاة. ما أوهن السياسة وأهونها صار خلافها نسيا منسيا مع ما وحدنا. نعم هناك ما يجمعنا وهو قابع فى تراثنا العربى يجمع ويوحد ولا يلغى ثراء التنوع والتعدد فى خصوصية كل قطر عربى.
وتبقى أسئلة كيف نعرف نحن تراثنا، بما فيه من ثراء، نفخر به ونأخذ عبرة منه ليصبح منطلقا لمستقبل نرجوه مشرقا يعيد لنا أمجادا أغفلناها. فنظرة إلى تراثنا المخطوط لنرى ما وصل إليه العرب من تقدم فى مناحى العلوم والآداب والديانات. وفى تراثنا الشفهى من أمثال وحكايات شعبية ما يعكس وحدة فكرية بين الشعوب العربية. السؤال الثانى كيف نعرف الآخرين بهذا التراث؟ لتحقيق هذه الأهداف فلابد من استخدام وسائل حديثة تصل إلى الجمهور العريض فى العالم وأيضا فى متناول الجميع.
من هذا المنطلق ظهر مشروع ذاكرة العالم العربى والذى يستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتوثيق ونشر تراثنا العربى المشترك. ويقوم مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى التابع لمكتبة الإسكندرية والمدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالعمل كوحدة تنسيق مركزية تعمل مع الهيئات العربية والدولية المهتمة بالتراث فى تنفيذ المشروع. ويقع المشروع فى إطار مبادرة الجامعة العربية لتفعيل استخدام تكنولوجيا المعلومات فى الوطن العربى. وإيمانا بأهداف المشروع فقد وافقت كل من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وكذلك المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة برعاية المشروع ودعمه لتحقيق أهدافه.
للعمل فى مثل هذا المشروع كان لابد من تحديد إطار يكون دليلا حاكما عند تنفيذ المشروع. أولا تحديد ماهية المحتوى فى ذاكرة العالم العربى بحيث يعرض هذا المحتوى التراث المشترك بين الدول العربية وليس التراث الخاص لكل دولة بما يعكس وحدة هذا التراث وفى نفس الوقت يوضح تنوعه فهى وحدة وليس تكرارا لهذا التراث. ثانيا إن المشروع يخاطب المواطن العربى غير المتخصص فى المقام الأول مع التركيز على الشباب بما يحقق الفخر بهذا التراث وبما يؤكد وحدته. ثالثا صحة ودقة وحيادية المعلومات الموجودة فى الذاكرة لذا فلا بد من الاستعانة بالخبراء والمتخصصين فى كل محور من محاور التراث. رابعا أن يصل هذا التراث بسهولة ويسر للأجيال الجديدة ومن هنا كان هدف بناء بوابة على شبكة الإنترنت (Web Portal) تتيح الذاكرة لكل مستفيد ومن أى مكان.
يستغرق تنفيذ أهداف المشروع أربع سنوات من يوليو 2007. العام الأول للمشروع كان عام وضع الأسس والأطر المختلفة للمشروع كتحديد محاور التراث، المستهدفون، الأهداف التفصيلية للمشروع وتم تشكيل لجنة تنفيذية للمشروع من خبراء فى محاور التراث المختلفة وفى مجال توثيق التراث إضافة إلى خبراء فى تكنولوجيا المعلومات وأعضاء هذه اللجنة من كل الدول العربية. وعقدت اللجنة اجتماعها الأول فى إمارة الشارقة وأصدرت وثيقة المشروع الأساسية التى تعد إطارا عاما للمشروع والاجتماع الثانى فى دمشق.
مع دخول المشروع عامه الثانى بدأت مرحلة تنفيذ المشروع بتحديد أربعة محاور للتراث للانتهاء من توثيقها فى الستة أشهر الأولى من العام الأول وهى: التراث المخطوط، التراث المعمارى، التراث الشعبى (الأمثال الشعبية)، الخط الزمنى للمدن العربية التاريخية. تم الاتفاق فى الاجتماع الثالث للجنة التنفيذية للمشروع والذى عقد بمقر مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بالقرية الذكية فى يناير الماضى على قواعد البيانات الخاصة بكل محور وأسلوب جمع البيانات لهذه المحاور من عدد من البلدان العربية مثل مصر، السودان، المغرب، سوريا، لبنان، قطر، موريتانيا وغيرها. فى مقالات قادمة نعرض لكل محور من هذه المحاور بما فيه من عناصر وكذلك لبناء قواعد البيانات فى كل محور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.