وقف الحاج «رمضان محمد» هو وزوجته وأولاده الثلاثة فى انتظار التاكسى الذى سينقلهم إلى لجنة الاقتراع بإحدى دوائر حلوان لاختيار مرشحه المفضل فى انتخابات مجلس الشعب 2010 عبر «صندوق الانتخاب». ورغم دعوات الزوجة والأبناء للأب بعدم الذهاب للانتخابات؛ «لأن الحكومة هتجيب اللى عاوزاه»، و«مش بعيد يمنعونا من التصويت»، بحسب ما ذكرته الزوجة «من مشاهد انتخابية سابقة»، إلا أن الزوج أصر على الذهاب. لكن سرعان ما تحول حماس الزوج والأبناء إلى صدمة وحالة إحباط، ليس فقط لمشاهد البلطجة والتجاوزات التى شاهدها بعينه وتحدثت عنها كل وسائل الإعلام فى دائرته، إنما أيضا لهزيمة مرشحه، وهو ما دفع الزوج إلى ترديد «توبة من دى النوبة» وهم فى طريقهم للعودة إلى منزلهم، وفقا لما رووه ل«الشروق». حالة الحزن تلك صنفها محمد المهدى الخبير الاجتماعى والنفسى بحالة «اكتئاب ما بعد الانتخابات». وأوضح المهدى ل«الشروق»: «هناك بالفعل حالة عامة من الحزن والإحباط واليأس تسيطر على مشاعر غالبية المصريين»، محذرا فى الوقت ذاته من أن «الإحباط مقدمة للغضب المكتوم، وهو ما يوحى بأن المخارج ستكون غير صحية أو سوية، بعد أن أغلق المخرج الصحى الوحيد». واستدرك قائلا: لكن حالة العنف ستخرج فى الأيام المقبلة فى صورة «عنف بينى سواء داخل الأسرة أو فى الشارع والمجتمع؛ حيث إن غالبية الناس حاليا تميل للاستسلام والسلبية». وللخروج الآمن من حالة الاكتئاب تلك، قال المهدى، هناك طريقان إما اليأس من التغيير، أو قيام قادة الرأى فى البلاد بفتح مسارات جديدة وغير عنيفة، حتى لا يضطر الناس للجوء للعنف، وابتكار وسائل جديدة للتغيير غير صندوق الانتخابات، والاستمرار أيضا فى توعية الناس لعدم السقوط فى هوة اليأس. واتفق أحمد عبدالله أستاذ مساعد الطب النفسى بجامعة الزقازيق مع المهدى، وقال: «الاكتئاب يحدث من تراكم الإحباط؛ لأن الانتخابات مناسبة يرجى من ورائها حدوث التغيير، لكن مع عدم حدوثه يحبط الناس». وأقر عبدالله بأن المصريين يعيشون حالة من «الفرجة المستمرة»، دون أن يراوح احد مكانه، ولن نخرج منها إلا إذا قررنا أن هذه الطريقة فى الحياة خاطئة، بحسب تعبيره.