فى الوقت الذى تصاعد فيه الصراع السياسى بسبب قرب موعد انتخابات مجلس الشعب، فضل حزب الجبهة الديمقراطية خيار المقاطعة تجنبا منه ل«إضفاء نوع من الشرعية على عملية انتخابية سيتم تزويرها»، بحسب أسامة الغزالى حرب، رئيس الحزب.. وفى الوقت الذى يسعى فيه حزب الجبهة إلى وضع آليات لمراقبة الانتخابات، فضلا عن استعداده للعمل بلائحة جديدة أعلنت مارجريت عازر، الأمينة العامة للحزب استقالتها احتجاجا على قرارات الحزب الأخيرة واللائحة الجديدة، ومن هنا كان حوارنا مع أسامة الغزالى: • ماذا بعد استقالة مارجريت عازر؟ اللائحة المؤقتة التى نعمل بها حاليا، تقضى بتولى نائب الأمين العام بصفة مؤقتة منصب الأمين العام إلى أن يتم انتخاب أمين عام جديد بواسطة الجمعية العامة العادية، ولكن لتصادف مجىء الاستقالة ونحن على مقربة من إنهاء اعتماد اللائحة الجديدة، فالأغلب أن اختيار الأمين العام سيتم بناء على اللائحة الجديدة، على أن يقوم رزق الملا نائب الأمين العام وأمين الحزب بالبحيرة بأداء مهام الأمين العام. • ما رأيك فى الانتقادات التى وجهتها مارجريت عازر للائحة الجديدة؟ اللائحة تم وضعها بواسطة 4 من قيادات الحزب لا يمكن التشكيك فى كفاءتهم وهم إبراهيم نوار، خالد سرور، خالد قنديل، محمد نصير، ووفقا للمؤتمر العام التأسيسى وللائحة الحزب المؤقتة لابد من إصدار لائحة جديدة. ولأمر ما اعتبرت مارجريت أن فى اللائحة شيئا موجها ضدها ولم تشارك فى إعدادها، مما أدى لتأخر الحزب فى إصدار اللائحة الجديدة. • لماذا تم الإبقاء على انتخاب رئيس الحزب من الجمعية العمومية مع تعديل آليات اختيار باقى قيادات الحزب؟ هذه اللائحة لها منطق مختلف عن المنطق العام الذى حكم اللائحة الأولى، ثم إنها فى النهاية اجتهاد وشأنها شأن أى لائحة فى الدنيا قد تحوى عيوبا أو مزايا، ولكن الذين أعدوها اجتهدوا واقتبسوا فى إعدادها إلى أفضل ما فى اللوائح الموجودة فى الأحزاب العالمية، وأعتقد أن اللائحة تم وضعها بطريقة ممتازة، وبالتالى فإن المنطق الذى يحكم كيفية اختيار الأمين العام أو رئيس الحزب متّسق مع المناخ العام للائحة، ولا يمكننا أن نصف على الإطلاق هذه اللائحة بأنها جيدة أو سيئة بهذا التبسيط. • هناك مصادر أكدت أن الحزب شهد عشرات من الاستقالات خلال الأسبوعين الماضيين بسبب رفضهم قرار مقاطعة انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟ مش عيب الناس تستقيل عشان الانتخابات، و3 فقط استقالوا من الحزب حتى يشاركوا فى الانتخابات، ولم يزد عدد الاستقالات المقدمة للحزب خلال الأسبوعين الماضيين على 10 أو 15 استقالة، وأغلبهم اتخذ ذلك القرار تضامنا مع مارجريت. وفيما يتعلق بسامح أنطون، نائب رئيس الحزب فهو لم يترك الحزب بعد وفى الأغلب سيجمد عضويته فى الحزب لخوض الانتخابات. • قررتم مقاطعة الانتخابات فأين سيكون حزبكم خلال إجرائها؟ الحزب سوف ينتشر فى كل مكان فى كل المحافظات لرصد عمليات التزوير التى نعلم يقينا أنها سوف تحدث ولرصد العمليات التى تسعى لإظهار الانتخابات وكأنها انتخابات حقيقية أقبل عليها المواطنون. • ما هو تقديرك لما يتردد عن صفقات عقدها الحزب الوطنى مع بعض أحزاب المعارضة يتقاسمون بمقتضاها مقاعد الإخوان؟ ليست عندى أى معلومات محددة، ولكن الصفقات فى السياسة مسألة متصورة رغم ما قاله الإخوان والوفد والتجمع أنه لا صفقات، ولكن لأننى أعلم يقينا أن الحزب الوطنى يتحكم فى الانتخابات وفى نتائجها بنسبة 100% فبالضرورة سيكون هناك نوع من الترتيب المسبق بشكل أو بآخر، وأتصور أن منطق الصفقة أو إشراك قوى معينة بالتأكيد سوف يكون حاضرا فى الانتخابات المقبلة. • هل تتوقع أن يكون للإخوان دور مؤثر فى البرلمان المقبل؟ أعتقد أن مقاعد الإخوان ال88 سوف تتقلص وستوزع على باقى الأحزاب التى أبدت حسن النوايا تجاه الحزب الوطنى وتعاونت معه بشكل أو بآخر وأضفت الشرعية على العملية الانتخابية. • والإخوان؟ ليس بالضرورة أن يكون موثوق فيهم كما هو موثوق فى الأحزاب الأخرى، ربما كانت هناك ظروف حتمت فى انتخابات 2005 الوجود الكبير للإخوان، وهذه الظروف لم تعد موجودة الآن، ومعظم التنبؤات الداخلية والخارجية تشير إلى أنهم لن يحصلوا على هذا العدد فى البرلمان المقبل. • ذكرت أخيرا أنه على النخبة السياسية أن تعيد بناء النظام السياسى فى مصر كيف يتم ذلك من وجهة نظرك؟ فى تقديرى الخاص النظام السياسى فى مراحله النهائية وأنه من الصعب جدا أن يستمر النظام بهذه السمات السلطوية التى تتسم بقدر كبير من عدم الكفاءة بالاستمرار ونحن فى العقد الثانى من القرن 21. هناك العديد من الاعتبارات لكى يتحول النظام السياسى المصرى إلى نظام ديمقراطى حقيقى وأعتقد أن الرأى العام والقوى السياسية لديها وعى بأنه من المستحيل أن يستمر الوضع على ما هو عليه، وبالتالى علينا جميعا أن نتكاتف وأن نضع تصورا للإصلاح، خاصة أننا مهددون فى أية لحظة بتغييرات مفاجئة فى النظام السياسى، الرئيس مبارك أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية لابد أن يفكر فى الوضع بعده، وهذه مسائل بديهية، يجب أن يكون السؤال واضحا: ماذا بعد مبارك؟ • هذا يعنى أن القوى السياسية لم تبدأ بعد فى وضع تصور لمستقبل مصر؟ هذا الموضوع حاضر فى كل اللقاءات والمؤتمرات والأنشطة التى نقوم بها، ولكنى أرى أنه لا يتم بالطريقة المنظمة المطلوبة ولا بالجدّية الواجبة حتى الآن. • وما السبب؟ ربما لأنه لانشغالهم بكثير من القضايا الأخرى، على سبيل المثال الانشغال بالانتخابات مقاطعتها أو المشاركة فيها، الذين يشاركون منشغلون بمرشحيهم والدعاية لهم، والذين يرفضونها مشغولون بتفنيد المشاركة، وفى الحقيقة مستقبل مصر أهم بكثير من ذلك، بالنسبة لحزب الجبهة فنحن ندعو لذلك وأعتقد أننا سنحدث بعض التغيير فى هذا الاتجاه فى الفترة المقبلة. • بما أنك عضو فى الجمعية الوطنية للتغيير من وجهة نظرك ما فائدة الوصول لمليون توقيع على بيان «معا سنغير» وكيف ستستثمرون تلك التوقيعات؟ التوقيعات بالتأكيد لا تلخص كل جهد الجمعية الوطنية للتغيير ولا تعبر عن توجه البرادعى نحو التغيير، إنما قطعا هى أحد المؤشرات المهمة، وهى نوع من تدعيم شرعية هذه الحركة، عندما يقبل مواطن فى ظروف بلدنا التى يخاف فيها الكثيرون من التعبير عن آرائهم السياسية بصراحة على إصدار توكيل رسمى فى الشهر العقارى لشخص ما، هذه ليست سهلة، وبالتالى فمليون توقيع يعنى التعبير عن إرادة 6 أو 7 ملايين مواطن لأن من قاموا بهذه التوكيلات لهم أسرهم وأصدقاؤهم، فالمليون توقيع بالتالى له قوة أدبية، ولكن قطعا لا يمكن الاعتماد عليها لأننا نعرف الظروف العامة فى المجتمع المصرى ولذلك من الخطأ أن نلخص قوة وشعبية الجمعية الوطنية للتغيير فى المليون توقيع. • فى تقديرك، هل يسعى البرادعى إلى تقديم نفسه كزعيم للمعارضة المصرية؟ البرادعى واضح أنه حريص على ألا يحدث نوعا من الاستفزاز للنظام السياسى فى مصر وحريص على ألا تكون القضية أن يكون هو موجودا ولكن القضية هى أن تجد دعوته قبولا لدى الناس وقضيته ليس أن يكون زعيما سياسيا أو مرشحا للرئاسة بقدر ما هو داع للإصلاح، قطعا وجود البرادعى بنفسه فى مصر ممكن أن يحدث زخما أكبر للعملية الإصلاحية ولكن فى النهاية الهدف هو ليس الترشيح للرئاسة. • هل تعتقد أن الرئيس مبارك سيترشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة؟ ليس عندى أدنى شك فى أن مرشح الحزب الوطنى فى انتخابات الرئاسة المقبلة هو الرئيس مبارك شخصيا، وأنا لا أعتقد بل أنا على يقين أن الرئيس مبارك سوف يظل فى منصبه مدى الحياة بالمعنى الحرفى للكلمة، ولن يترك منصبه على الإطلاق، وبالتالى فلا محل لأى حديث جاد عن أى مرشح آخر. • ما الاختلافات التى تراها بين الولاية الأولى للرئيس مبارك والولاية السادسة التى نحن على مشارفها؟ طول مدة أى حكم يتسبب فى نوع من الركود وضعف الفاعلية وعدم القدرة على مواجهة القضايا الجديدة، وأعتقد أن هذا واضح تماما بين سنوات الرئيس مبارك الأولى والآن، قطعا الإنجاز السياسى فى الفترة من الثمانينيات وحتى التسعينيات كان أفضل بكثير من الفترة التالية وهذا شىء منطقى للغاية على الأقل لمجرد طول المدة، وليس أمرا مستغربا على الإطلاق أن يفقد النظام قدرته على مواجهة الأعباء التى ينبغى عليه أن يواجهها، وتقل كفاءته وهذا واضح فى كثير من المجالات فى مصر. • هل تعتقد أن جمال مبارك يصلح رئيسا لدولة بحجم مصر؟ من الناحية النظرية أى شخص لديه كفاءات جمال مبارك بالتأكيد يمكن أن يترشح للرئاسة، ولكن المشكلة الأساسية فى ترشيحه، أن مثل هذا الموضوع سوف ينطوى على انتكاسة أكثر للنظام السياسى المصرى، فإذا حدثت مسألة التوريث سيصبح نظاما عاجزا عن التطور وسيعود أكثر للخلف، وفى النهاية القضية ليست فى جمال مبارك، فهو شخص مثقف معقول وجدى ولا يمكن انكار هذا، ولكن هناك على الأقل نصف مليون شاب مصرى لا يقلون عنه فى هذه الكفاءات، فالقضية ليست الكفاءات والشخصية ولكن القضية هى كيف يمكن وما هى الآلية التى تجعله رئيسا للجمهورية. • هل معنى ذلك أنه لو جاء جمال مبارك رئيسا عن طريق الانتخابات فإنه يصلح للرئاسة؟ من الناحية العملية لن يحدث هذا، مادام والده موجودا بالسلطة، ولا يمكننى أن أتصور أن يأتى ابن الرئيس فى مصر فى هذه الظروف بالذات بأى شكل ديمقراطى موثوق فيه، وهذه مشكلة حقيقية لا يمكن أن نتجاهلها، وهذا فى حد ذاته دليل على تطور سلبى. • فى تقديرك ما هى أسباب تأجيل الحزب الوطنى لمؤتمره العام؟ فى الواقع، سمعت أن الموعد القديم كان سيثير الكثير من المشاكل داخل الحزب حول اختيار المرشحين.. والصراعات الداخلية، إنما بعد الانتخابات «يكون اللى حصل حصل»، وهذا هو التفسير المنطقى إلى حد ما.. الحزب تجنب أن يكون المؤتمر ساحة للصراعات الداخلية للمرشحين، وهذا ما قد يؤدى لحدوث انفجارات وذلك لوجود صراعات حقيقية داخل الحزب حول ذلك. • تردد أنه سيكون هناك اجتماع لمجلس الاتحاد الأوروبى فى القاهرة فى اليوم التالى لإجراء الانتخابات لتقييمها.. فما تعليقك؟ إن كان الخبر مؤكدا فمعناه أن هناك اهتماما من الجماعة الأوروبية للتحقق من نزاهة الانتخابات فى مصر. وأعتقد أن هذا الشىء يفترض ألا يخيفنا وأرحب بذلك.. ولا أريد أن أقول تعبيرات سخفية مثل أن هذا اعتداء على السياسة المصرية، فالذى يجرى انتخابات نزيهة من حقه وواجبه أن يعلن هذا ومن حقه أن يفاخر بها على الملأ وليس أن يقول لماذا تتدخلون فى خصوصياتى؟.. أرحب بالرقابة الدولية «فالحلال بين والحرم بين» إذا كانت هناك انتخابات جادة حقيقية فيجب أن تدعو الحكومة المجتمع الدولى أن يشهد عليها.