على الرغم من أن مصر كانت من أسرع عشرين دولة فى السعى لتطبيق سياسات تنموية خلال الفترة من 1970 حتى 2010، إلا أن برنامج الأممالمتحدة الانمائى يصنف حالة التنمية فى مصر ب«المتوسطة» واضعا إياها فى المركز 101 من بين 165 دولة، بحسب تقرير التنمية البشرية الذى يتم اطلاق النسخة العشرين منه اليوم. ويرجع رصد التقرير لحالة التنمية البشرية على مدار الثلاثين عاما الماضية الى رغبة معدى التقرير فى تقديم صورة واضحة عن اتجاهات التنمية فى العالم والتى تستغرق سنوات طويلة حتى تظهر آثارها على الواقع، حسبما أوضح خوسيه بيندا، أحد معدى التقرير، فى مؤتمر صحفى بالقاهرة، ورصد التقرير تطور معدل التنمية البشرية فى مصر من 0.393 نقطة عام 1980 الى 0.620 درجة عام 2010. وتصدرت عمان قائمة الدول الأسرع تقدما فى التنمية البشرية خلال الثلاثين عاما الماضية تليها الصين، وتأتى تونس فى المركز السابع من هذه القائمة والجزائر فى المركز التاسع والمغرب فى المركز العاشر، بينما تأتى مصر فى المركز السابع عشر. فقر متعدد الأبعاد تطور التنمية خلال ثلاثة عقود كشف عن ضعف الارتباط بين التقدم فى عملية التنمية البشرية وتحسن النمو الاقتصادى فى دول العالم المختلفة، حسبما أضاف بيندا خلال المؤتمر. وربما لهذا السبب كان اتجاه تقرير التنمية البشرية لهذا العام لإعادة النظر فى منهجية مؤشراته، حيث يقدم التقرير الصادر تحت عنوان «الثروة الحقيقية للامم»، دليلا جديدا للتنمية البشرية «معدل بعامل عدم المساواة»، بهدف تقديم صورة أعمق عن المؤشرات الكلية لتحسن التنمية وتوضيح الى أى مدى يتساوى الافراد فى الاستفادة من هذه التنمية، وبناء على المؤشر الجديد تراجع المركز المصرى 7 مراكز وانخفضت قيمة النقاط الممنوحة لمصر فى دليل التنمية البشرية ب27.5% لتصل قيمته فى المؤشر المعدل الى 0.449 نقطة «لقد استوحينا اسم التقرير من كتاب أبوالاقتصاد آدم سميث ثروة الأمم، لنعطى رسالة عن أن البشر هم هذه الثروة الحقيقية». كما أعد التقرير مؤشرا جديدا عن عدم المساواة بين الجنسين فى الاستفادة من التنمية، ووضع هذا المؤشر مصر فى المرتبة 108 على العالم، ليمنحها 0.714 نقطة. وبحسب التقرير فإن 6.4% من السكان فى مصر يعيشون فى «الفقر متعدد الابعاد» وهو المؤشر الجديد ايضا الذى يقدمه التقرير هذا العام، الذى يقدم صورة أعمق لحالة الفقر بناء على درجة الافتقاد للخدمات الاساسية، وبحسب هذا المؤشر فإن نسبة السكان الذين يعانون من اوجه الحرمان الشديد من خدمات التعليم 18% والخدمات الصحية 16.9%، كما أن 40.4% من السكان فى مصر معرضون لخطر الفقر متعدد الابعاد. وتكشف المقارنات التى تقدمها بيانات التقرير عن احوال التنمية بين البلدان المختلفة عن التفاوت الكبير بين مصر ودول نامية أخرى فى بعض مجالات التنمية، ففى مجال الانفاق على الصحة يصل نصيب الفرد من هذا الانفاق فى مصر الى 310 دولارات سنويا، بحسب بيانات عام 2007، بينما يرتفع هذا المعدل الى 463 دولارا فى تونس و677 دولارا فى تركيا، وبالطبع تتسع الفجوة مع البلدان المتقدمة فى هذا المجال لتصل الى 3.709 دولارات فى فرنساوالولاياتالمتحدة الى 7.285 دولارا سنويا. تراجع جودة الحياة وفى مجال جودة الحياة، فقد ازداد نصيب الفرد فى مصر من انبعاثات ثانى اكسيد الكربون من 1.4 طن سنة 1990 الى 2.2 طن سنة 2006، وتبلغ معدلات الوفاة فى مصر بسبب تلوث الماء والهواء 345 فردا لكل مليون نسمة. أما عن مؤشرات العمل اللائق فى مصر، فبحسب بيانات التقرير 24.8% من المصريين يعملون فى وظائف غير مستقرة، وتصل نسبة الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار يوميا فى مصر الى 2.7% من العمالة، الا أن السلبيات التى تظهر فى بعض اوجه التنمية فى مصر، تقابلها حالة من الرضا لدى أغلب المصريين عرضها التقرير فى مؤشرات الرضا عن الرفاهة التى اعتمدت على استطلاعات للرأى اجرتها شركة جالوب العالمية، فبسؤال المصريين عن درجة رضاهم عن الحياة، كانت الاجابة ب5.8 درجة وهى نقطة وسط بين صفر التى تعبر عن عدم الرضا و10 التى تعبر عن الرضا الكامل، وقال 84% من المصريين، بحسب الاستطلاعات المعروضة بالتقرير، إنهم راضون عن وظائفهم، و86% قالوا انهم راضون عن صحتهم الشخصية و86% قالوا انهم راضون عن مستوى معيشتهم، بل إن 90% منهم قالوا إنه تتم معاملتهم باحترام، بينما فى دولة متقدمة مثل الولاياتالمتحدة صنفها التقرير ضمن الدول التى تتمتع بمعدلات تنمية بشرية مرتفعة للغاية فإن 75% فقط من المستطلعين كانوا راضين عن مستوى المعيشة، و89% قالوا انهم يتلقون معاملة محترمة، إلا أن معدلات رضا المصريين تنخفض فى مجالات الخدمات العامة، حيث إن 61% منهم راضون عن جودة التعليم والصحة، و39% فقط راضون عن مستوى تدبير السكن فى مصر، وبسؤال المصريين هل تشعرون بالأمان عندما تسيرون بمفردكم ليلا 73% فقط منهم قالوا نعم.