أصبح جوان وليامز، المحلل فى الإذاعة القومية العامة، الذى فُصل من وظيفته نتيجة تعليق مرتجل حول المسلمين، أدلى به إلى شبكة فوكس نيوز، الضحية الأخيرة لشرطة الفكر. ماذا قال ويليامز؟ قال إنه يشعر بالتوتر نوعا ما عندما يشاهد أناسا يرتدون «زيا إسلاميا» على متن أية طائرة يستقلها. لقد ارتكب خطأ بالفعل. فما كان له أن يتفوه بذلك! ومن ثم، لم يعد ويليامز مرتبطا بالإذاعة القومية العامة، لكنه حصل على وظيفة جيدة فى فوكس كتعويض عما حدث فقد وقع عقدا لمدة ثلاث سنوات فى مقابل مليونى دولار أو نحو ذلك. جاء طرد ويليامز بعد فترة وجيزة من الضجة التى أثارها بيل أوريلى فى برنامج The View، وهو برنامج نسائى، تقوم فيه نساء فى أعمار مختلفة بمناقشة الأحداث الجارية فى مقطوعات متعددة من ثمانية أبيات شعرية، لا يمكن لجنس الرجال إدراكها. فكم عدد الأشخاص الذين استطاع اغضابهم عبر هذا الوصف المرح، والحقيقى فى الوقت نفسه؟ لقد توفرت لدى أوريلى الوقاحة التى جعلته يقول إن المسلمين هاجمونا فى 11 سبتمبر. هذا خطأ بالفعل. ووسط الكثير من الصراخ والهياج (طريقة التهديد الأنثوية) انسحبت جوى بيهار وووبى جولدبرج من الأستوديو احتجاجا على ما قال. وقد نجح أوريلى فى الاحتفاظ بوظيفته، بالرغم من قوله شيئا حقيقيا، ولكن ليس حقيقيا تماما. تعبر هاتان الحادثتان عن الفشل فى معايرة الكلمات. ففى حالة أوريلى، كان يتعين عليه قول «المسلمين المتطرفين» أو «المسلمين الإرهابيين»، لا المسلمين فحسب وقد أوضح ذلك لاحقا. لقد استطعنا التطور بما فيه الكفاية فى هذا البلد كى نفهم أن من يتحمل ذنب الهجوم علينا ليس عموم المسلمين، وأن المسلمين الودودين تجاهنا البالغ عددهم 1.6 مليار شخص لا تجب إدانتهم جنبا إلى جنب مع الأشرار التسعة عشر الذين اختطفوا الطائرات فى 11 سبتمبر. (شكرا للرئيس جورج بوش لأنه سمح لنا باستخدام كلمة «الأشرار» فى أى وقت نشعر فيه بالحاجة إلى ذلك). قد يكون كلٌ من ويليامز وأوريلى قد عجزا عن التفوه بالكلمات الموزونة فى لحظة ما، لكن أيا منهما لا يستحق الإساءة التى تعرض لها. من الواضح أن هجمات 11 سبتمبر قد نُفذَت بواسطة رجال زعموا أنهم يقومون بعملية قتل جماعى وانتحار فى سبيل الله. خمنوا ماذا؟ يعانى أمريكيون كثيرون من الشعور بلحظة من التداعى الحر اللاإرادى، عندما يجلسون فى الطائرة إلى جانب شخص تدل ملابسه على العبارة التالية: «آه، بالمناسبة، إنى مسلم لديه ما يكفى من الالتزام الذى يجعله يلبس وفقا للطريقة التى يأمر بها الله». لكن هذا الشعور لا يصل إلى حد القلق. ربما ما كان يجب علينا استقبال هذه الأفكار، لكننا نفعل ذلك. أمن الأفضل الكشف عن مخاوفنا ومواجهتها، أم قمعها والاحتفاظ بصلواتنا لأنفسنا؟ انتظر. دعنى أعيد صياغة الأمر. دعونا نحتفظ بصلواتنا لأنفسنا، لكن دعونا أيضا نتحدث بصراحة عن مخاوفنا. يسعدنى المراهنة على أن ما قاله ويليامز قد تبادر إلى ذهن 99% من الأمريكيين. ربما كان أفضل ما يمكن القيام به بعد تلك التصريحات أفضل كثيرا من الجلد العلنى التهذيبى هو إجراء الحوار الذى نحن بصدده الآن. أو على الأقل الذى أنا بصدده الآن. وقد يتضمن هذا الحوار توجيه السؤال التالى: لماذا نخشى الذين يرتدون الزى الإسلامى؟ هل يُعتبر ذلك شعورا عقلانيا؟ ماذا نستطيع أن نفعل إزاء هذا الشعور؟ كيف يمكننا تجاوز التصنيف اللاواعى؟ يصعب على البشر العاديين تجاوز طبيعتهم ومخاوفهم وانحيازاتهم التى تستند أحيانا إلى المنطق. وأحيانا تحمى المخاوف حياتنا. وأحيانا تؤدى إلى افتراضات ظالمة. دعونا نتحدث عن ذلك. دعونا نحدد كيف يمكن ألا نخاف وندين البشر المختلفين عنا، لكنهم يشاركوننا هذا الكوكب والطائرات. من حق المسئولين فى الإذاعة القومية العامة فصل ويليامز، لكن رد فعلهم كان مبالغا فيه بصورة واضحة. غير أنه فى هذه الحالة، تُعتبر الإذاعة القومية العامة (التى لى فيها العديد من الأصدقاء!) محور الحساسية. يجلس الناس عادة أمام مكاتبهم متخذين وضعا يشبه وضع اللوتس فى اليوجا، ثم يشعرون دائما بالغضب إذا ما سألت لماذا يتحدثون «بهذه الطريقة». لاحظ أنه ليس هناك قوالبٌ نمطية ولا مزاح. كانت عبارة أوريلى أكثر تهورا وأقل حساسية من عبارة ويليامز لم تكن هناك مفاجآت وكانت نوبة غضب النساء مثل حالة من الترهيب الأشبه بالفانتازيا: أرجوك، اغضب، اغضب بحق، وسر بعيدا وأقسم ألا تتحدث معى ثانية أبدا، خاصة عندما أكون أتحدث فى الهاتف مع المصرفى الذى أتعامل معه. وكما تقول باربرا والترز فى البرنامج، بطريقة أشبه بالترتيل: هذا بالضبط الأمر الذى ما كان يجب حدوثه. الجانب الأخلاقى من الحادثتين هو أننا لن نتقدم فى مسعانا الحميد نحو المساواة والتسامح عندما نقمع التعبير عن الأفكار الأمينة. لم يهاجمنا المسلمون فى 11 سبتمبر (انظر أعلاه)، ويكافح معظم الأمريكيين المخاوف التى تحتاج، وبالرغم من افتقارها إلى العقلانية، إلى المراجعة النزيهة. إذا قمعنا حرية التعبير، فسوف نخاطر بخسارة أفكار عظيمة قد تخرج من فوضى أفكارنا الأقل حذرا.