لسنتين احتفظ أحمد الجبيلى، طالب بالفرقة الثالثة بكلية العلوم جامعة الأزهر، بترتيبه الأول على الدفعة لكن هذا لم يشفع له للاحتفاظ بمكانه فى المدينة الجامعية، حيث تم استبعاده من التسكين هذا العام لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين. اضطر الجبيلى للدخول فى دوامة البحث عن سكن خارجى ومواجهة مشاكله، حيث يسكن الآن فى شقة يشترك معه فيها 23 شخصا، ينام معظمهم على الأرض. وفى ظل هذه الظروف الصعبة لا يستبشر جبيلى خيرا فى الاحتفاظ بترتيبه الأول. تقول جماعة الإخوان المسلمين إن 135 من طلابها بجامعة الأزهر تم استبعادهم من التسكين لانتمائهم للجماعة. وبعد فشل المحاولات التى قام بها الطلاب لإثناء إدارة الجامعة عن العدول عن قرارها قرروا التظاهر الأسبوع الماضى لكن دون جدوى. بسبب العدد الكبير من الطلبة المغتربين، تضع الجامعة شروطا لتصفية الطلبة المتقدمين للتسكين، ومن بين هذه الشروط، شرط المجموع حيث يشترط الحصول على تقدير جيد على الأقل، والبعد الجغرافى. وطبقا لنظام المدينة الجامعية فإن هناك بعض شروط الإقامة تقتضى مخالفتها توقيع عقوبة على الطالب تتراوح ما بين الإنذار والحرمان من الإقامة لمدة (أسبوع أسبوعين شهر نهائيا) ومن بين هذه المخالفات «تكوين جماعات أو عقد اجتماعات أو توزيع منشورات لها صفة سياسية مخالفة للنظام العام». بسبب ما عاناه باسم طالب بالفرقة الثالثة بكلية الزراعة، من متاعب فى السكن الخارجى فى السنتين الأولى والثانية وعدم قدرته على تحمل نفقات الإقامة اجتهد لاستيفاء شرط التقدير الذى يؤهله للالتحاق بالمدينة وبالفعل تمكن من ذلك بل وحصل على المركز الأول فى قسم الأراضى، لكنه فوجئ بأن اسمه لم يدرج فى كشوف الطلبة المقبولين فى المدينة بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين. أكد عبدالرحمن حسن طالب بكلية الطب وعضو بالجماعة أن الطلبة المستبعدين مستوفون لشروط القبول بالمدينة الجامعية. وأضاف أن الأمن يحاول من خلال استبعاد الطلبة من السكن عزل طلبة الإخوان عن زملائهم، مضيفا «هذا لن يحدث لان الطلبة يحبوننا ويحترموننا بسبب الخدمات التى نقدمها إليهم». فيما قال مصدر مسئول بجامعة الأزهر، رفض ذكر اسمه، إن قرارات الاستبعاد لا تقتصر على طلاب الإخوان المسلمين فقط وإنما يشمل الطلبة الذين لهم توجهات وانتماءات سياسية، لحماية الطلبة داخل المدينة الجامعية من الأفكار المتطرفة والمتشددة على حد قوله. وأشار إلى أن استبعاد بعض الطلبة من السكن أمر معتاد سنويا، ويطبق فى جميع المدن التى تتبع الجامعات المصرية ولا يقتصر على جامعة الأزهر فقط. وقال إن طلاب الإخوان يكون لهم توجهات خارجية وأفكار معادية للنظام داخل الحرم الجامعى مما يؤدى لخلل فى العملية التعليمية، رافضا الاتهامات التى يوجهها طلاب الإخوان للإدارة والحرس الجامعى بأنهم يستخدمون أساليب تعسفية كالفصل والحرمان من تأدية الامتحانات، أثناء قيامهم بأنشطة طلابية. قال عمار طالب بكلية الطب ممن تم استبعادهم «إذا كان الأزهر لا يريد تيارا إسلاميا.. فماذا يريد فى الجامعة»؟! وقال حسام بهجت المدير التنفيذى للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية «نحن ضد استبعاد أى شخص على أى أساس تميزى سواء كان على اساس الرأى السياسى أو الدينى». وأضاف بهجت أن الأمر يكون أكثر اجحافا عندما يكون الاستبعاد من خدمة مدعومة كالسكن والتغذية التى يتقدم لها أكثر الطلبة احتياجا من أقاليم ومن خلفيات اجتماعية يجعلهم أكثر احتياجا للدعم الحكومى ولا توجد أمامهم بدائل أخرى. وأكد بهجت أنه فى حالة انتماء الطالب لتنظيم سياسى، وهذا أمر وارد، فإن الإدارة يمكنها أن تضع ضوابط دون المساس بحقوق الطلاب. أما عبدالرحيم على مدير المركز العربى للبحوث والدراسات أكد أن جماعة الإخوان المسلمين تولى أهمية قصوى بالنشاط داخل جامعة الأزهر نظرا لمكانة الأزهر ومن ثم تسعى الجماعة إلى تجنيد أكبر عدد من علماء الأزهر حتى يعطوا مصداقية ورواجا لأفكارها. «الإخوان يريدون السيطرة على هذه المؤسسة الكبرى التى تمثل القوة الناعمة لمصر، فعلماء الأزهر يكتسبون مكانة خاصة ولا يجوز التشكيك فى آرائهم لأنه تشكيك فى الأزهر وأى شخص ينطق باسمه فهو مصدق». ويشير إلى أن الأزهر يكتسب أهمية أخرى وهى وجود الطلبة المبعوثين وهو ما يتيح للجماعة نشر الدعوة فى العالم كله من خلال قسم خاصة بها للطلبة الدوليين، كما أنهم يتولون طلبة الإخوان القادمين من دول أخرى ويقومون بتدريبهم. وتابع عبدالرحيم «على هذا الأساس تكون المدينة الجامعية مكانا خصبا لتجنيد الطلبة الجدد»، مضيفا أن هؤلاء الطلبة الذين يأتون من الأقاليم يكونون بحاجة إلى من يحتضنهم ولا يجدون إلا جماعة الإخوان التى توفر لهم خدماتها سواء للطلبة المحتاجين ماديا من خلال توفير فرص عمل تساندهم على نفقات المعيشة أو من خلال توفير المذكرات الدراسية. ويؤكد أن الاستبعاد لا يطول كل الطلاب ولكن الطلبة الفاعلين فقط الذين ثبت قيامهم بأنشطة تتعدى كونه طالبا.