«اطمئنوا.. ليس هناك ما يدعو للقلق من جهة مرض التهاب الملتحمة الذى يصيب العيون.. فالمرض ليس جديدا على المصريين.. ولا مضاعفات خطيرة تنتج عن الإصابة به.. ولا يحتاج من يصاب به لدواء فى غالب الأحيان».. هذه رسالة واضحة لثلاثة من الأساتذة الكبار فى طب وجراحة العيون بكلية طب قصر العينى استضافتهم «الشروق» فى ندوة حول المرض، الذى أصاب أكثر من 3 آلاف شخص فى الدقهلية وبورسعيد ودمياط، منذ ظهوره قبل أسبوع، وحظى بمتابعة إعلامية واسعة، كانت غير مبررة برأى عدد كبير من الأطباء. الأطباء الثلاثة أجمعوا على أن التهاب الملتحمة يشفى من تلقاء نفسه. د. نبيل الجندى، استغرب فى بداية حديثه من التعاطى الإعلامى الكثيف والمخيف أحيانا مع مرض التهاب الملتحمة الذى يصيب العيون بعد ظهوره فى الدقهلية «المرض بسيط جدا.. إنه لا يستحق كل هذه الضجة المثارة حوله». «الملتحمة هى الغشاء الرقيق المبطن لحدقة العين من الخارج، وتبطن الجفون من الداخل، وهى منطقة تتعرض لالتهابات كثيرة، فأى ميكروب يصيبها بالالتهاب، ولو أصيبت بفيروس من السهل علاجها أيضا، ومضاعفاته التى يخشى منها على القرنية بالذات نادرة»، كما يقول الجندى. د. مصطفى نبيه، يؤكد من جهته أن «الصحف أعلنت أن التهاب الملتحمة فيروسى، لكن نحن لا نستطيع على وجه الدقة معرفة أسباب الالتهاب.. هل هو بكتيرى أم فيروسى أم رمد حبيبى؟ هذا أمر يحتاج دراسات معملية على نطاق واسع». أكثر الناس عرضة للإصابة بالتهابات الملتحمة بحسب د. نبيه الأشخاص الذين يتعرضون للبكتيريا ويهملون نظافتهم الشخصية، وكذلك من يعانون من نقص المناعة، فهم معرضون للالتهابات المختلفة ومنها التهاب الملتحمة بطبيعة الحال.. لكن الميكروب المنتشر حاليا فى بعض المدن المصرية ليس من الأنواع الخطيرة المعروفة. الأعراض وطرق العدوى أعراض التهابات الملتحمة حددها د. خالد منصور، فى حدوث احمرار فى العين، مع إفرازات، وفى حالة الإصابة بفيروس لا يكون الإفراز صديديا، ولكنه يكون عبارة عن سائل فاتح وقليل، مع حدوث ألم ووخز بالعين، وتورم الجفن، ويستمر هذا الأمر لمدة أسبوعين، ولا يشعر المريض بآلام كبيرة إلا فى أيام محدودة من هذه الفترة. د. منصور أكد أن «فترة حضانة الفيروس المسبب لالتهاب الملتحمة تستمر لمدة 4 إلى 10 أيام، وهى فترة لا يوجد فيها أعراض أو أى إفرازات من العين، وفى بعض الأحيان الفيروس يؤدى إلى إصابة المريض بدور برد، ومعه التهاب فى الحلق للجهاز التنفسى العلوى». الأطباء الثلاثة تحفظوا على وصف التهاب الملتحمة الذى ظهر فى عدة أماكن بمصر بالوباء، «المبالغات فيما يخص المرض نراها فى الصحف فقط، أما نحن فى عيادتنا لم نلحظ أى جديد أو أى زيادة فى أعداد المرضى». أسباب انتشار المرض مساعد وزير الصحة للشئون الوقائية د. نصر السيد قال «أرى أن المرض المنتشر فى بعض مناطق الدلتا بسيط ويشفى من تلقاء نفسه دون علاج، لكن على أن أقول إن دخان قش الأرز يؤدى إلى تهيج كيميائى فى سطح العين وحساسية، وهذا موضوع ليس له علاقة والمسألة ليس لها علاقة بدخان قش الأرز». «تغير الفصول له علاقة بانتشار العديد من الأمراض، لاسيما التى تصيب العين، فأمراض الملتحمة البكتيرية تنتشر فى الربيع والخريف؛ لأنهما موسمان يكثر فيهما انتشار الذباب». البعض قال عقب ظهور المرض فى الدقهلية إن المرض جاء لمصر من خلال صيادين كانوا فى رحلات صيد بالقرب من السواحل الصومالية، وهذا ما يرفضه د. منصور بقوله «المرض طول عمره موجود لدينا، وهذا كلام غير دقيق». النظافة.. علاج الأطباء الثلاثة اتفقوا على أن «النظافة الشخصية.. وليس أكثر منها كفيل بتحقيق الشفاء من التهاب الملتحمة، مع الاهتمام بتنظيف العينين باستمرار». لكن د. نبيه قال إنه «فى حالات نادرة قد يحتاج المريض إلى استعمال قطرة كورتيزون، لكن تحت إشراف طبى، لأن الكورتيزون له أعراض جانبية خطيرة، وبالتالى قرار اللجوء إليه لابد وأن يكون تحت إشراف طبى». دعاوى إغلاق الفصول والمدارس التى يطالب بها الكثيرون عند التعرض لأى مرض معدٍ لا يرى د. الجندى أننا بحاجة إليها فى حالة الإصابة بمرض الملتحمة الفيروسى «فالحد الأدنى من التثقيف الصحى العادى كفيل بالقضاء على المرض». د. الجندى شدد أيضا على أهمية «استغلال الفرصة للمطالبة بإرساء نظام للتثقيف الصحى الدائم، بصرف النظر عن ظهور أى مرض.. نظام يؤهل الناس لمعرفة ما الذى يتعين عليهم عمله للوقاية من الأمراض، وما الذى يتعين عليهم القيام به عند إصابتهم». أمراض العيون بمصر سألنا خبراء طب العيون الثلاثة عن خريطة أمراض العيون فى مصر. د. الجندى يؤكد أن «موضوع الإحصاء من الأمور التى توجع أى باحث فى مصر وتعيق عمله.. لأننا نفتقده.. معظم الباحثين حينما يلجأون إلى مكان يعتقدون أنه مصدر إحصاء يكتشفون أن الأرقام متضاربة». لكن بشكل عام «خريطة أمراض العيون لا تختلف عن العالم، فالسبب الرئيسى لفقد الإبصار لم يعد ناتجا عن التهابات العين وتأثيراتها على القرنية.. بل أصبح مرض السكر هو سبب ضعف الإبصار الرئيسى فى مصر، والمياه البيضاء موجودة كما فى أى مكان بالعالم.. لكنها فى مصر تأتى فى سن مبكرة، ربما يكون بسبب الظروف المناخية وكثرة التعرض لأشعة الشمس، والجلوكوما بنوعيها (المياه الزرقاء) وبالذات النوع المزمن البطىء موجودة فى مصر كما فى باقى الدول». يقول د. نبيه.