منذ أكثر من 3 سنوات والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تحاول القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وشأن السلطة الفلسطينية في ذلك شأن دول عربية حاولت لعشرات السنين القيام بالأمر ذاته مع جماعة الإخوان المسلمين، التي خرجت حماس من عباءتها، فهذه الدول تمكنت من إضعافها لكنها لم تتمكن من محوها من الوجود. وشأنها أيضا شأن الحكومات العربية التي حاولت التعامل مع تلك الحركات في الماضي، فإن السلطة الفلسطينية تغامر بمواجهة عواقب ذلك. وحذرت حماس من رد فعل عكسي وهددت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة بالرد على أي إجراء يتخذ ضد مقاتليها. اعتقالات جماعية واحتجاز تعسفي وتعذيب، هي كلها وقائع وثقتها جماعات فلسطينية لحقوق الإنسان، إلى جانب إجراءات عقابية أخرى في الحملة التي تشنها السلطة الفلسطينية على حماس. وتقر حماس بأنها لم تعد كسابق عهدها في الضفة الغربيةالمحتلة، فبينما تحكم قبضتها على قطاع غزة، تقول، إنها لم يعد لها وجود يذكر كمنظمة سياسية في الضفة الغربية، لكن لم يكتب عليها الموت بعد، ومن العوامل المساعدة لذلك الجانب الأيديولوجي للحركة. وتأتي الحملة التي تشنها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ردا على ما فعلته حماس مع حركة فتح في غزة عام 2007 عندما سيطرت على القطاع، ويريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يلقى تأييدا سياسيا وماليا من دول غربية القضاء على أي احتمال ولو بعيد في تكرار هذا في الضفة الغربية. وتقول القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، إن حماس ما زالت تتآمر على إدارة عباس. وقال عدنان الدميري، المتحدث باسم القوات الأمنية، إنه في الشهر الجاري تم الكشف عن مخبأ للأسلحة تابع لحماس، مضيفا أن أي لجوء للتعذيب الذي يحظره القانون الفلسطيني يحدث في إطار حالات فردية، يلجأ إليها المحققون بشكل غير مشروع؛ ولكنها ليست سياسة عامة. وفي الضفة الغربية، أصبحت حماس مستهدفة على جميع المستويات من القاعدة إلى القمة، وربما يؤدي اكتشاف انتماء شخص ما لحماس إلى أن يفقد وظيفته، وتقول الحركة إن السلطة الفلسطينية أقالت المئات والكثير منهم من المدرسين؛ بسبب وجود صلات حقيقية أو مشتبه بها مع حماس. وترى حماس أن هناك محاولة لمحوها من خلال تقويض مصادر شعبيتها التي ساهمت في انتصارها في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2006، والتي كانت آخر انتخابات يجريها الفلسطينيون. وقال عمر عبد الرازق، وهو قيادي آخر من حماس: "ممنوع أن تقوم بأي نشاط تتواصل فيه مع الناس". وفي الإطار نفسه، ما زالت إسرائيل القوة المحتلة في الضفة، وتتخذ إجراءات ضد حركة حماس إذا رأت ذلك، وفي الثامن من أكتوبر الجاري، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية عضوين من كتائب عز الدين القسام، يشتبه أنهما قتلا 4 مستوطنين يهود. وشارك آلاف من أنصار حماس في جنازتي القتيلين، في ملمح نادر لإظهار القوة، وتقول حماس إن القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية استدعت العشرات في وقت لاحق لاستجوابهم. وناشدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في بيان صدر يوم 20 أكتوبر، السلطة الفلسطينية التحقيق في حالتي تعذيب في حق اثنين يشتبه في صلتهما بحماس، تم الإبلاغ عنهما مؤخرا. كما أن إجراءات أخرى -بما في ذلك اللجوء إلى المحاكمات العسكرية لمحاكمة المدنيين- أثارت مخاوف من أن السلطة الفلسطينية بدأت تنزلق نحو نوع الحكم الذي تمارسه أنظمة غير ديمقراطية في دول عربية أخرى، تخوض معارك مماثلة مع حركات إسلامية.