يرى البعض اختيار مصر كضيف شرف فى مهرجان القاهرة السينمائى جاء وفقا لنظرية طباخ السم الذى يتذوق ما ينتجه وهى عملية أشبه بالنكتة التى كانت تحكى عن أربعة أصدقاء اشتروا سيارة تاكسى فركبوها إيابا وذهابا حتى يطمئنوا على إيرادها! فى حين يرى البعض الآخر أن الاختيار تم وفقا لمبدأ الاكتفاء الذاتى ولضيق ذات اليد ورفعوا شعار جحا أولى وأنتم تعرفون الباقى وما بين هؤلاء وهؤلاء أثار الإعلان ضجيجا لم يكن المهرجان فى دورته الرابعة والثلاثين فى حاجة اليه. وما بين هؤلاء وهؤلاء كان تحقيق «الشروق» حول اختيار مهرجان القاهرة للسينما المصرية كضيف شرف. الناقد يوسف شريف رزق الله أحد أعضاء المكتب الفنى للمهرجان قال: فى البداية أود أن أصحح الخبر الذى تم نشره وهو أن مصر ليست دولة ضيف شرف المهرجان هذا العام وهو خطأ غير مقصود من قبل أحد الموظفين بالمهرجان الذى صاغ الخبر تسبب فى حالة التباس لدى البعض ولكن الحقيقة أن إدارة المهرجان رأت أن تحتفى فى هذه الدورة بمصر فى عيون السينما العالمية وعليه قمنا باختيار 20 فيلما من مختلف أنحاء العالم تعرضت إلى مصر مثل الفيلم البريطانى «طريق القاهرة» ومن الولاياتالمتحدة «كليوباترا» و«وادى الملوك» و«المصرى» و«أرض الفراعنة» و«روبى كايرو» ومن كندا «بتوقيت القاهرة» ومن إيطاليا «نفرتيتى ملكة النيل» ومن بولندا «فرعون» ومن بريطانيا «موت على النيل» و«المريض الإنجليزى» والفيلم الإسبانى «اجورا» وغيرها. وبسؤاله «لماذا لم يتم التعامل مع هذه الفكرة من خلال برنامج مثل برنامج بانوراما الفيلم المصرى الذى كان يقام على هامش المهرجان والإبقاء على فكرة استضافة دولة كضيف شرف المهرجان أجاب: هذه الفكرة لن تمحى فكرة عرض الفيلم المصرى على ضيوف المهرجان فكل عام نختار أفلاما من انتاج نفس السنة ونعرضها على الضيوف خلال فترة إقامتهم فى عروض خاصة لأنه أحيانا يتصادف ألا يأتى الضيوف جميعا فى نفس التوقيت فيكون الحل هو عرض هذه الافلام وفقا لمواعيدهم فهناك من يأتى أول أيام المهرجان وهناك من يأتى فى الأيام الأخيرة لكن فكرة أن يحمل المهرجان «تيمة» «كيف يرى العالم مصر» الغرض منها الاحتفال بمصر فمكانتها وتاريخها وحضارتها أسباب كافية جدا لهذه الاحتفالية. وعما إذا كان هذا الأمر تكرر فى مهرجانات دولية أخرى قال: لا أمتلك معلومة مؤكدة ولكن وفقا لمعلوماتى فهذه هى المرة الأولى الذى يحتفل مهرجان بدولته من خلال فاعلياته ولا يوجد أى مانع أن نكون أصحاب الأفكار المبتكرة. ومن ناحيتها قالت سهير عبدالقادر نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائى: عندما اخترنا أن نحتفى كل عام بدولة لتكون ضيف شرف المهرجان لم نقصد أن يكون هذا قانونا واجبا لازما علينا كل مرة، وعليه عندما فكرنا أن نقدم تيمة مختلفة هذه الدورة ورفعنا شعار «مصر فى عيون السينما العالمية» كنا نسعى للابتكار وعمل أشياء غير مسبوقة فى أى مهرجان آخر فماذا يضيرنا أن نكون أصحاب السبق؟. وأضافت: ظن البعض اننا قمنا باختيار مصر دولة ضيف الشرف وهذا غير صحيح فهذا العام لن توجد دولة ضيفة شرف ولكن فى المقابل نحن اعتدنا الهجوم وهناك من يتصيد الأخطاء ولا يريد الخير للمهرجان فعندما قررنا الاحتفال بالسينما التركية واجهنا هجوما عنيفا واليوم نواجه نفس الهجوم وهو أمر لم يعد مستغربا كثيرا بالنسبة لنا. وعما إذا كان هناك اتجاه لإلغاء فكرة استضافة احدى الدول للاحتفال بها فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دوراته القادمة قالت: لا أعلم وهذا أمر سابق لأوانه، خاصة أننى لست صاحبة القرار إضافة إلا أننا هذه الدورة لم نلغ الفكرة فلقد كنا نحتفى بدولة واحدة كل عام لكن هذه الدورة نحتفى بأكثر من دولة أنتجت أفلاما عن مصر فى المكسيك وبريطانيا وأمريكا وإسبانيا وكندا وهى فكرة أتصور أن تلقى قبول الناس جميعا وكيف أن دول العالم تعرضت لمصر فى أفلامها اخترنا منها فقط 20 فيلما. على الطرف الآخر، لم تلق هذه المبررات قبولا لدى النقاد الذين ظلوا على موقفهم متهمين إدارة المهرجان بالقصور فى الفكر وعدم إدراك تبعيات ما يفعلونه. الناقد مصطفى درويش قال: سواء أعلنوا أن مصر ضيف شرف المهرجان أو أن مصر فى عيون السينما العالمية الأمر لا يزال واحدا فهذا يعنى أن المهرجان والذى ترعاه الحكومة يقدم دعاية لنفسه وهذا أمر غريب وغير مقبول ويدل على حالة التخبط والإفلاس وعدم القدرة على الاتصال مع الدول التى تهتم بصناعة السينما والاستسهال، فهناك من لا يرى سوى دول بعينها هى التى تتمتع بصناعة حقيقية للسينما رغم وجود تجارب تستحق أن نحتفى بها ونتعرض لها مثل السينما الكرواتية والصربية والبلغارية والبرتغالية وقد ننجح فى عمل تواصل كبير بيننا وبينهم لكن للأسف المسئولين عن المهرجان ليس لديهم الوقت لكى يفكروا ويبحثوا وأصابهم حالة من الترهل والغريبة أنه لا يرحل احد من مكانه وكل راسٍ فى مقعده رسو الجبال. وعن سر اعتراضه فى الاحتفال بمصر فى عيون الآخر فقال: لا اعترض على الفكرة وكان من الممكن ان نتقبلها لو كان برنامجا من ضمن برامج المهرجان يرفع هذا الشعار مع الإبقاء على فكرة استضافة دولة ضيف شرف المهرجان. أما الناقد أحمد يوسف فله وجهة نظر مختلفة تماما عندما قال: لقد تحول المهرجان السينمائى إلى مهرجان سياحى ولا أستبعد أن يكون صاحب الفكرة أحد رجال الأعمال الراعيين للمهرجان الذى يعمل فى مجال السياحة ويسعى لاستغلال المهرجان فى انتعاش عمله خاصة ان هذه الفكرة لا يمكن أن تخرج من أحد الفاهمين الواعيين بالسينما فالأفلام التى اختارها المهرجان ليعكس صورة مصر فى عيون السينما العالمية هى أفلام تسىء لصورة مصر وتظهر المصريين مجموعة من النصابين واللصوص ويعيشون فى خيم ويركبون الجمال وهى كارثة بكل المقاييس استثنى منها بعض الافلام مثل الفيلم الكندى «بتوقيت القاهرة» وهو فيلم رائع يعكس واقع القاهرة بدون مجاملة أو تزييف والفيلم البولندى «فرعون» الذى كان مخرجه استاذا للمخرج الراحل شادى عبدالسلام والفيلم الاسبانى «اجورا» الذى لى تحفظ عليه فمع تأكيدى أنه فيلم رائع لكن اختياره فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به مصر وحالة الاحتقان الطائفى بين المسلمين والاقباط اختيار خاطئ خاصة انه يظهر كيف كان المسيحيون فى مصر متعصبين وكيف اضطهدوا الوثنيين بشكل بشع. وأضاف يوسف: اذا كانت هذه فكرة المهرجان فهى فكرة خائبة لتشويه صورة مصر وتدل على ان أصحابها لم يجهدوا أنفسهم لانتقاء الأفلام التى تعبر عن الواقع الحقيقى لمصر بدون تجميل او تشويه وكان أولى بهم أن يحتفوا بروائع أفلامنا الأبيض والأسود والألوان وبمخرجينا الرواد ووصولا إلى محمد خان ورأفت الميهى ليرى ضيوف المهرجان ان مصر تتمتع بسينما حقيقية فأنا أتحدى أن هؤلاء يعلمون أن بمصر سينما حقيقية ومبدعين أفنوا حياتهم فى هذا المجال.