ضربت السيدة فيروز أكثر من عصفور فى ليلة عودتها للغناء خلال الحفل الذى أحيته مؤخرا فى بيروت. وأثبتت أن التاريخ الذى صنعته لم يذهب هباء. والدليل هذا الحضور الجماهيرى فى الحفل، والمبيعات الكبيرة التى حققها الCD الجديد لها. والشىء الأهم هو أن المطربة الكبيرة فيروز رفضت الاستسلام والخضوع للتهديدات والنزاع القضائى الذى دائما ما كان يلوح به أبناء شقيق زوجها عاصى «غدى وأسامة ومروان» عند كل حفل يقام لها.. وغنت فيروز ما يحلو لها من أغانٍ قديمة، فى حفلها الأخير الذى أقيم فى ليلة السابع من أكتوبر، الحفل أظهر للعالم أن فيروز لم تخضع للخلافات مع ورثة شقيق زوجها على حقوق الملكية الفكرية للأعمال الفنية المشتركة للأخوين الرحبانى وهو ما عاق وقوفها على المسرح لتقديم مسرحية «يعيش يعيش» التى كانت عرضتها مسبقا عام 1970، حيث أعادت فيروز أغانى الأخوين رحبانى ومنها «وطى الدوار» و«يا ليت أنت وأنا بالبيت» و«الطاحونة» و«بيت وأوضة منسية» و«حمرا سطيحاتك» و«بعدنا» و«قلتلك شى» و«أمى نامت ع بكير». وهو الأمر الذى طمأن جمهورها إلى أن نجمته المحبوبة ألقت بالمشاكل خلف ظهرها، وتفرغت لإمتاع الحاضرين. الحفل أعاد للمنطقة العربية الكثير من وقارها الغنائى المفقود على يد مجموعة كبيرة من مغنيات العصر. لذلك جاء حفل السيدة فيروز لكى يثبت أن للغناء العربى رموزا من الممكن أن تواجه تلك الموجات المتلاحقة من التراجع الغنائى. السيدة فيروز فى هذا الحفل فتحت الطريق لعودة كبار النجوم الذين أحيلوا للمعاش مجبرين بسبب سياسات المكسب والخسارة التى أصبحت تنتهجها القنوات التليفزيونية والمؤسسات الغنائية فى عالمنا العربى والتى فتحت أبوابها لكل ما هو هابط من أجل استقطاب مشاهد أو زيادة الربح المادى. فيروز حضر حفلها 7 آلاف مشاهد من كل أنحاء الوطن العربى يمثلون كل شرائح المجتمع. وهو ما يؤكد أن المغنى سيظل بخير طالما أن الكبار قادرون على الغناء. وزير السياحة اللبنانى قال لوكالات الأنباء «إن فيروز صنعت موسما سياحيا خاصا بها فى هذا التوقيت الذى تشهد بيروت فيه دائما حالة من الركود السياحى كل عام». حالة الرواج الفيروزى لم تمتد فقط للسياحة اللبنانية لكنها امتدت أيضا على مستوى الألبوم الجديد «إيه فى أمل» الذى طرح فى نفس توقيت الحفل. حيث حقق مبيعات خيالية على المستوى العربى والغريب أن القراصنة تخوفوا أن تصيبهم لعنة فيروز ولم ترصد خلال الأيام الثلاثة الأولى من طرحه أى حالة نسخ من الcd الأصلى اللهم إلا أغنيتين كانت بعض الإذاعات قد أذاعتهما وتمت عملية السرقة من خلالهما وهذا واضح من خلال ذكر التنويه الذى كان يصاحب الأغنية على إذاعة راديو مصر. لكن بعد الأيام الثلاثة الأولى طرح على الانترنت. لكن بعد فوات الأوان حيث كان الألبوم قد نفدت الطبعات الأولى منه. المبيعات التى حققها الألبوم لها عدة أسباب الأول هو فن فيروز والثانى هو غيابها الطويل عن تسجيل أغانٍ جديدة والثالث هو حرص الناس على اقتناء CD أصلى لفيروز والرابع هو الدعم المعنوى لهذه السيدة التى آثرت الساحة الغنائية. والجميل فى الأمر أيضا أن الألبوم طرح فى توقيت ميت بالنسبة لسوق الأغنية. وهذا فى حد ذاته ظاهرة تستحق الدراسة. لأننا اعتدنا أن هناك مواسم لهذا السوق صحيح جميعها الآن أصبح مضروبا وغير مجدٍ، لكن مازال البعض حريصا على التمسك بها مثل موسم الصيف ورأس السنة والأعياد كنوع من التفاؤل. ظهور فيروز الأخير غير كل مقاييس الساحة الغنائية.. صمت العالم العربى ساعتين إلا فيروز التى جعلت الجميع ينصت لها. وقهرت كل الظروف التى حاولت النيل من الغناء الجاد فى عالمنا العربى.