اعتبر محمود المصرى، الأمين السابق للحزب الوطنى بدائرة تلا بالمنوفية، أن «الحزب يقتل كوادره»، بقرار منع التنظيميين من الترشح لمجلس الشعب. وروى المصرى ما يراه «تاريخا مشرفا» مع الحزب الوطنى، حيث تولى أمانة تلا منذ 4 سنوات، تمكن خلالها من حشد أعضاء الحزب لتأييد التعديلات الدستورية وانتخابات مجلس الشعب فى 2006، وإقامة مؤتمرات حزبية مكثفة فى قرى المنوفية 2007، واكتساح أعضاء الحزب لانتخابات المجالس المحلية فى 2008، وفوز مرشح الوطنى فى انتخابات نقابة المحامين العام الماضى. «خلال هذه الفترة، ربينا كوادر جديدة، وأصبح لنا ارتباط بأعضاء الحزب فى كل مكان»، وهو ما يراه الدكتور محمود مسوغا كافيا لأن يصبح التنظيميون على رأس قائمة مرشحى الحزب لبرلمان 2010، «أو على الأقل أن يكون من حقهم دخول المجمع مثلهم مثل غيرهم».كان الحزب الوطنى قد أعلن فى الأشهر الماضية قراره بعدم أحقية أمناء الدوائر والتنظيميين، مثل أمناء القرى وأمناء الشباب وغيرهما من المناصب الحزبية، فى التقدم للمجمع الانتخابى تمهيدا لترشحهم لمجلس الشعب. الدكتور على الدين هلال، أمين عام الإعلام بالحزب الوطنى، قال فى اتصال هاتفى مع «الشروق» إن قرار الحزب ليس عشوائيا بل له أسبابه، «وأولها هو أن المسئولين التنظيميين فى الحزب عليهم خدمة جميع مرشحى الحزب فى المحافظة، فى حين أن دخول التنظيمين للانتخابات يجبرهم على تخصيص أغلبية أوقاتهم وجهودهم لخدمة دوائرهم فقط». «السبب الثانى ان نزول التنظيميين للانتخابات فى الماضى أوجد حالة من الريبة بين الهيئة البرلمانية والقيادات الحزبية»، فعضو البرلمان بدلا من أن ينظر للحزب كداعم ونصير له فى المعركة الانتخابية، أصبح ينظر له كمنافس، على حد وصف أمين الإعلام بالحزب. يقول هلال إن مرشحى الحزب فى الماضى كانوا يعتمدون على أسرهم ومعارفهم فى إدارة حملاتهم الانتخابية، أما الآن، فإن الحزب قد صار مكرسا لخدمه مرشحيه والفوز بمقاعدهم بعد أن تفرغ التنظيميون لهذه المهمة. تنظيميو الحزب فى المنوفية وزعوا بيانا حصلت «الشروق» على نسخة منه يستنكرون فيه القرار ويصفونه بأنه إجبار للتنظيميين على «الرهبنة السياسية» التى ستجبر الأعضاء فى المستقبل على الابتعاد عن المناصب الحزبية. «الناس دلوقتى بتقول الله يلعن اليوم اللى بقينا فيه أمناء قرى وأمناء محافظات»، والحديث الغاضب لسامى أمين، الأمين السابق للحزب بدائرة شبين الكوم بالمنوفية. يقول سامى إن القيادات الحزبية قد أصيبت بالحسرة والإحباط من ضياع أملهم فى مساندة الحزب بعد القرار الذى يصفه بأنه «سيسبب أزمة وانشقاقات وضعفًا حقيقيًا للحزب». هلال يؤكد أن القرار ليس حديثا، بل يرجع إلى 2005، وأن جميع القيادات التنظيمية كان لها حرية الاختيار ما بين التركيز على ترك مناصبهم للتفرغ للانتخابات وبين الاستمرار فى مواقعهم القيادية داخل الحزب. لكن التنظيميين ينكرون علمهم بالقرار إلا خلال الأربعة أشهر الماضية، «من سنة 2009، والسيد أحمد عز بيتكلم عن احتمال منع التنظيميين من الانتخاب فى بعض اللقاءات الخاصة»، يروى المصرى أن أحاديث عز لم تتعد الاحتمالات والترجيحات ولم تتم مناقشته فى المؤتمرات العامة للحزب، «ما فيش قرار واحد مكتوب ينص على الكلام ده». وأكد أنه فوجئ بقرار الحزب بإقالته عن منصبه كأمين دائرة تلا بعد أن أصر على تنفيذ رغبته فى ترشح نفسه للانتخابات. ويتساءل المصرى: «لماذا يترشح عز للانتخابات؟ ألا يحتل هو أيضا منصبا تنظيميا؟». يؤكد المصرى وأمين أنهما سيترشحان فى الانتخابات المقبلة كمستقلين، رغم حزنهما الشديد لإضطرارهما لمواجهة أعضاء حزبهما، «لكن الطاعة العمياء دى تنفع تنظيم زى الإخوان، مش فى الحزب الوطنى» على حد تعبير المصرى. أمين الإعلام فى الوطنى يستبعد حدوث انشقاقات فى الحزب «لأن الأقوال شىء والأفعال شىء آخر»، فهلال يرى أن الكثير من الذين يهددون بترشيح أنفسهم كمستقلين سيتراجعون عن قرارهم لحظة الحسم، «وديسمبر القادم سنخير التنظيميين بين الاستمرار أو نزول الانتخابات». أما التنظيميون الذين سيرشحون أنفسهم كمستقلين هذا العام، فالدكتور هلال يتوعدهم بتوقيع «جزاءات تنظيمية» عليهم، عقابا لهم على «الخروج من الالتزام الحزبى». وهو ما يرد عليه المصرى وسامى بأن أقصى ما يستطيع أن يقوم به الحزب هو تجميد العضوية أو الفصل من الحزب، «وهى عقوبات أقل قسوة من قرار الحزب بحرماننا من حقنا فى دخول المجمع الانتخابى».