تحت عنوان «العنف ضد المرأة» عرض مهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية 12 فيلما خارج إطار المسابقة الرسمية والتى أكدت أنه مهما اختلف الموقع على خريطة العالم فإن النساء يشتركن جميعا فى التعرض لنوع من أنواع العنف، وهذا العنف غير مرتبط بثقافة أو مدى غنى وفقر الدول. وقالت د.عزة كامل المشرفة على العروض إنهم قرروا اتخاذ السينما إحدى وسائل مقاومة هذا العنف بشكل سلمى وراق. ومن ضمن الأفلام التى عرضت 9 أفلام من مصر وفيلم فرنسى وآخر هولندى وآخر جزائرى.. وتنوعت ما بين تسجيلى قصير وروائى وكلها تدور حول العنف ضد المرأة بجميع أشكاله سواء نفسيا أو جسديا أو أى شكل يمكن أن تتعرض له المرأة فى أى مجتمع. وبدأت العروض بفيلم لمياء للمخرج أحمد منيب والذى أنتجه مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف ويدور حول زوجة تعرضت للضرب المبرح من زوجها بواسطة لوح خشبى، وقد تم تصوير الفيلم قبل الحكم فى القضية.. ثم استمر عرض باقى الأفلام المصرية تباعا وجميعها من إنتاج مركز النديم وهى «منال، أم، بعد ايه، مش حاكية، أم خالد، مروة، ولد وبنت، من دقيقة بس، ملك هانم» ثم اختتمت بالعروض الأجنبية من خلال الفيلم الفرنسى خيط الحكاية ثم الفيلم الجزائرى قوليلى الذى حاز احدى جوائز مهرجان الإسماعيلية فى الدورة الماضية ولكنه يشترك هذا العام خارج المسابقة، وانتهت أفلام العنف بالفيلم الهولندى بيوت هريستينا للمخرجة سوزان رايس. ثم عاد المهرجان إلى عروض المسابقة الرسمية من خلال الفيلم التسجيلى «صمود» للمخرج الفلسطينى فيليب رزق والذى سرد معاناة بعض أهالى فلسطين فى بيت حانون مع قوات الاحتلال، فمن خلال كاميرته رصد الحال على جانبى سور معدنى يفصل بين مستوطنات إسرائيلية وبيوت فلسطينية، وشتان الحال على جانبى هذا السور الرقيق، ففى أرض الفلسطينيين ممنوع منعا باتا ترميم البيوت وعلى الجانب الآخر تقدم المنازل مجانا مدفوعة الضرائب لكل زوجين من الصهاينة.. فى فلسطين ممنوع أن تعمل أى آلة أو تدخل أى سيارة إلى القرى والمزارع بحجج أنها منطقة أمنية، فقط مسموح بدخول الجرافات الإسرائيلية إلى مزارع الفلسطينيين لتنتزع أشجار الزيتون من أرض ارتبطت بها ربما منذ مئات الأعوام لتنتشر رائحة الشجر المذبوح فى الأفق حتى اشتمها الجمهور فى صالة العرض كرائحة الدماء الطازجة. تنقلت الكاميرا بين الكهوف والخيام التى يقطنها الفلسطينيون لتستمع لهم بعد أن صم العالم بأسره عن حديثهم، فقالوا واشتكوا وسخروا من حالهم فقال العجوز «بيوتنا مستباحة حتى بيت عباس بتاعنا يقصد أبومازن لا يملكه لأن إسرائيل تستطيع أخذه متى شاءت». وفى ظل هذا لا يمل الفلسطينيون من ممارسة الحياة كما لا تمل الآلة الصهيونية من انتزاعها، فكلما هدموا بيتا بنوه، وكلما قطعوا شجره غرسوا غيرها، حتى إن فتاة ظهرت فى الفيلم تصنع الطوب من الطين والقش وتقول هذا أسهل فإذا هدموه لا نخسر سنبنى غيره طالما بقى لدينا طين وقش. يلقى الصهاينة على الشعب الأعزل القذائف الهاون الضخمة فيجمعها الشباب والاطفال ليصنعوا منها فازات الورد، وفقط يرددون هذه أرضنا وما بنروح. الفيلم حاز إعجاب الحضور خاصة بسبب كاميرا المخرج الحساسة التى تنتقل بخفة بين المشاهد، وأيضا صحبتها موسيقى نجحت تماما فى حمل كل مشاهد العمل إلى وجدان المشاهدين.. ويعتبر من الأفلام التسجيلية القليلة فى مهرجان الإسماعيلية التى خرجت من نطاق الريبورتاج الصحفى واستخدمت لغة السينما التسجيلية، فهو فيلم دون صراخ، يظهر حياة المواطن الفلسطينى الباحث عن الحياة حتى فى كنف الموت والقهر. ثم انتقل المهرجان إلى فيلم «يا مسافر وحدك» وهو روائى قصير للمخرج شادى أبوشادى والذى يحكى قصة شاب يريد السفر إلى الخارج فيطلب منه الإتيان بورقة تخص زوجة أبيه الذى لا يعرف عنها شيئا، فيزورها فيجدها وحيدة تعيش على اغنية يا مسافر وحدك لعبدالوهاب وتدور بينهما الأحاديث والقصص عن والده إلى أن يحين سفره فيتركها وحدها ويرحل ولكنه يتذكر كلماتها فيعود إليها مرة أخرى.. الفيلم حاز إشادة من البعض إلا أنه يحتوى على كثير من التحفظات فى التمثيل والمونتاج على وجه التحديد، فكان هناك حاجة إلى تكثيف بعض المشاهد. ومازال جمهور المهرجان ينتظر عرض فيلم النشوة فى نوفمبر الذى تأجل عرضه من الاثنين إلى الثلاثاء، ثم تأجل من الثلاثاء إلى أجل غير مسمى بسبب عيب فى ماكينة العرض يحتاج إلى اصلاح، مما دفع كثيرا من الحضور مازحين بترشيح الفيلم إلى جائزة احسن فيلم لم يعرض..! والسبب فى انتظار هذا الفيلم والسؤال عنه بشكل دورى يقع أولا لأن بطله هو النجم الكبير محمود عبدالعزيز ومخرجته هى نجلة المخرج رضوان الكاشف «عائدة الكاشف» والتى تعلن عن ميلادها كمخرجة من خلال هذا الفيلم ولهذا ينتظر الجمهور الشبل بعد أن عرفوا الأسد.