يقول محللون إن الجماعات الإسلامية تكثف هجماتها الطائفية في إقليم البنجاب -أكبر وأغنى الأقاليم الباكستانية- في محاولة لإحداث مزيد من زعزعة الاستقرار في الدولة الحليفة للولايات المتحدة التي تخوض بالفعل حربا ضد القاعدة وطالبان. وكثف المتشددون الإسلاميون السنة المرتبطون بالجماعتين المتشددتين على مدى الشهرين الماضيين من هجماتهم على أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى في البنجاب بعد أن تعرضت معاقلهم في جنوب غرب البلاد لهجمات عسكرية مكثفة. ففي مايو الماضي قتل أكثر من 80 شخصا واستهدف المتشددون مسجدين في لاهور للطائفة الأحمدية الذين يعتبرون أنفسهم مسلمين، ولكن باكستان تعتبرهم غير مسلمين. وبعد شهر هاجم المتشددون مزار داتا داربار الذي يحظى بمنزلة خاصة لدى المتصوفة. ويقول محللون إن الهجمات في البنجاب تعتمد على إستراتيجية مشتركة. وتحاول جماعات سنية متشددة استفزاز الطوائف الباكستانية المختلفة في محاولة لإشعال الاضطرابات الأهلية؛ مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة استقرار حكومة تتعرض بالفعل لضغوط من جانب الولاياتالمتحدة وبلدان أخرى لاتخاذ إجراءات متشددة ضد المتشددين الذين ينشرون غالبا عنفهم خارج باكستان. والبنجاب يعتبر قاعدة السلطة للمؤسسة الحاكمة في باكستان التي تعد حليفا حيويا للجهود الأمريكية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان المجاورة، وعليه فإن عدم الاستقرار في البنجاب، ومن ثم في باكستان كلها، مصدر قلق كبير للولايات المتحدة. وقد يؤثر عدم الاستقرار كذلك على العمليات العسكرية ضد المتشددين في الأقاليم الشمالية الغربية على الحدود مع أفغانستان. قال حسن عسكري ريجفي، المحلل الأمني والسياسي: "إنها محاولة على ما يبدو من المتشددين لصرف الانتباه بعيدا عن شمال غرب البلاد بفتح جبهة جديدة يتعين على الحكومة أن تتعامل معها. ويريد هؤلاء المتشددون إضعاف معنويات الناس من خلال هذه الهجمات وزيادة الضغوط على الحكومة كي توقف عملياتها ضد معاقلهم في شمال غرب البلاد". والعنف الطائفي ليس جديدا على باكستان، وخصوصا في البنجاب الذي كان مستنبتا للعداء بين متشددين من السنة والشيعة على مدى عقود من الزمن. وفي التسعينيات قتل مئات في العنف الطائفي بين السنة والشيعة هناك. وتزايدت هذه الحوادث بعد الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة في أفغانستان، حيث ركزت الجماعات المتشددة اهتمامها على محاربة القوات الغربية عبر الحدود، ثم لاحقا ضد الجيش الباكستاني في شمال غرب البلاد.