مع تزايد حالة الحراك الاجتماعي والسياسي المصري باتت العلاقة بين الحقلين السياسي والإعلامي علاقات متعددة تتنوع بين العداء والتكيف وتبادل المصالح في بعض الأحيان، والصدام في أحيان أخرى، حيث يرى أعضاء كل من الفريقين أنهما يحميان الوطن من التدخلات، وأنهما مدافعان عن الحريات والديمقراطية. وزادت حدة التخوفات بشأن تحول الصحف إلى مجرد أبواق للسلطة أو للأحزاب ونسيان آلام الشارع المصري المطحون، في ظل حالة المواجهة المباشرة. معركة ضمير بداية يري الزميل مجدي سلامة، الصحفي بجريدة الوفد، و "المسئول عن صفحة قداس الأحد، وهي صفحة متخصصة في الشأن القبطي"، أن علاقته بحزب الوفد كمالكة للجريدة لا تؤثر بأي حال من الأحوال على ضميره ومبادئه الصحفية، مؤكدا أنه ليس هناك اشتراط أن يكون عضوا بالحزب، مضيفا أنه في الوقت ذاته يصر الحزب علي وضع صحفيين بعينهم متوافقون مع الخط السياسي للحزب في مواقع القيادة كرئيس للتحرير ورؤساء الأقسام السياسية والبرلمانية والأخبار، بحيث يستطيع من خلال عمله مساندة الحزب صحفيا. ضغوط ويضيف الزميل فؤاد الشاذلي، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية: "أنه من المفترض أن تكون الصحف القومية حيادية وتتصف بالموضوعية، ولكن ماذا نقول إذا كان رئيس التحرير معينا من رئيس الجمهورية، عن طريق صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة، فطبيعي أن نرى ما نراه في صفحات تلك الصحف". تأميم ويؤكد خالد يوسف، رئيس تحرير جريدة الشعب الإلكترونية الناطقة باسم حزب العمال المجمد، أن السلطة منذ ثورة يوليو عام 1952 نجحت في أن تكون الصحافة إحدى أدواتها للتحكم والسيطرة علي الناس، وظهر ذلك في تأميم الصحافة، كما حدث مع جريدة الشعب الورقية عندما هاجمت فساد الحكومة والوزراء، حيث توقفت الصحيفة ومصادرة مقر الجريدة وكل تجهيزاته الإلكترونية وإيقاف العديد من الصحفيين عن عملهم، ونتج عن ذلك كله أن حدث قتل معنوي ومهني للعاملين ، ورغم صدور 14 حكما قضائيا مناصرا لموقفهم، فإن الجريدة لم تصدر بعد. مصالح ويؤكد ذلك الزميل عمرو بدر، الصحفي بجريدة الدستور، قائلا إن الحياد الصحفي معناه حرص المحرر على إثبات الحقيقة فقط، دون انحياز لطرف علي حساب طرف آخر، مضيفا أن الصحفي في كثير من الأوقات يتأثر بخط جريدته، ولكن ذلك التأثر من الضروري أن يكون نابعا عن قناعة، مثل توحده مع جريدته في مطالب الحريات والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وضد إسرائيل. ويري عبد اللطيف وهبة، الصحفي بجريدة الأهالي التابعة لحزب التجمع، أن إيمانه بمبادئ الحزب هو الذي يدفعه إلى تقديم رؤية صحفية للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأحداث، عبر الأشكال الصحفية المتنوعة من تحقيقات وتقارير وأخبار. التزام ومن جهتها، تؤكد الدكتورة إيناس أبو يوسف، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة،" أن ما يحكم العلاقة بين الصحفي وجريدته هو العقد المبرم بينهما، وما دام ارتضى الصحفي أن يعمل في جريدة ما فعليه أن يلتزم بمبادئها، وميثاق الشرف الصحفي يلزم الصحفي بالالتزام بسياسة الصحيفة التي يعمل بها، وإلا فليتركها إلي جريدة أخرى". وأضافت: "الصحفيون الآن يعملون في أكثر من صحيفة دون الاكتراث بسياستها، وأصبح الصحفي مثل "الصنايعي"؛ يكتب أي حاجة طالما هناك فلوس، فمثلا صحفي يعمل بالتليفزيون المصري وجريدة خاصة، وهو ما يغلق الطريق على أجيال شابه من الصحفيين، مؤكدة أنه لا بد للصحفي أن يعمل في الجريدة التي يؤمن بمبادئها، وعليه أن يبحث على التيار الذي يتوافق مع اتجاهاته".