حلم الإنجليز «ذهب مع الريح» فى واحدة من گلاسيگيات الگرة العالمية كان أداء ألمانيا أمام إنجلترا وقبله مع استراليا مثل شحنة كهربائية صاعقة أسفرت عن إحراز ثمانية أهداف فى المباراتين، لكن لماذا لم تلعب ألمانيا مع صربيا بنفس الأسلوب، وخسرت بهدف أيضا؟! قبل أن يواجه منتخب الأرجنتين نظيره الألمانى لعل دييجو أرماندو مارادونا يفكر فى إجابة هذا السؤال، فسوف يخرج منه بخطة مواجهة الفريق الألمانى، تاركا الحسم للمهارات الفردية والجماعية للاعبين. من الواضح أن منتخب ألمانيا يجيد تنفيذ الهجوم المضاد، وهذا الهجوم يكون مسموحا به حين يترك المنافس مساحات فى خط دفاعه. وأمام استراليا كان نقص الخبرة التكتيكية وسوء التنظيم وراء الهدف المبكر الذى سجله كلوزه فى الدقيقة الثامنة، وبالتالى كان الهدف سببا مباشرا لتخلى استراليا عن الدفاع وهو ما فتح المباراة وزاد من المساحات فتوالت الهجمات المرتدة والأهداف. أمام إنجلترا ظل الفريق الإنجليزى متماسكا حتى الدقيقة 20 التى سجل فيها ميروسلاف كلوزه الهدف الأول لفريقه من أقصر هجمة فى البطولة، تمريرة من حارس المرمى مانويل نوير، وهى ليست تسللا. واحتفظ المنتخب الإنجليزى بتماسكه ومساحاته الضيقة حتى الهدف الثانى الذى سجله بودولوسكى نتيجة هجمة مضادة صورة طبق الأصل من تلك التى طبقت مع أستراليا، ومع اندفاع الإنجليز للهجوم. اندفع الألمان إلى المساحات، إلا أن فوز ألمانيا لا يرجع فقط إلى الهجمات المرتدة، فهذا فريق مكون من تشكيلة هى الأصغر فى تاريخ المنتخب منذ عام 1934 بمتوسط أعمار (22، 25 سنة). بينما متوسط أعمار إنجلترا مثلا 28 سنة و351 يوما، يقترب من 29 سنة، والفريق الألمانى يضم من الصغار والجدد كلا من بادشتوبر 21 سنة (لم يشارك فى تلك المباراة) وموللر 20 سنة، ومسعود أوزيل 21 سنة، والفريق الالمانى بقدر ما يتميز بمهارات لاعبيه الفردية، يتسم بأداء جماعى متجانس ويكاد يكون مرتبا بدقة. فكلوزه رأس الحربة وبودولوسكى يتحركان كثيرا إلى الطرفين كى يتسع الملعب ويتقدم أوزيل وموللر. وقد يحدث العكس، حيث يفتح اوزيل (وهو من أهم مفاتيح اللعب لأنه لاعب حر فى الوسط) حين يدخل كلوزه الصندوق. وعند الانطلاق فى هجوم مرتد ترسل كرة من الوسط (من شفاينشتايجر أو لام الظهير الأيمن، إلى الطرف ومنه إلى القادم من الناحية الأخرى) (بودولوسكى من الشمال وموللر من اليمين أو العكس فلاقيود على الرباعى الهجومى). فى المقابل، كان كل نجوم إنجلترا فى حالة غير طبيعية. وفى إنجلترا يقولون إن أداء المنتخب برتبط بمستوى جيرارد ولامبارد، والاثنان لعبا أفضل مبارياتهما أمام ألمانيا لكن أين رونى ووبارى وكاريك وجو كول، وأين التمركز الدفاعى الجيد الذى أسفر عن الهدف الثالث؟ أين الابتكار؟! لهذه الأسباب ولغيرها الذى تناولناه كثيرا خسرت إنجلترا أمام ألمانيا ويخسر الفريق الإنجليزى الذى قدم الكرة إلى العالم، ومازال العالم يرفض أن يردها إلى الإنجليز، كما قالت صحيفة «ذى صن». كيف يواجه منتخب الأرجنتين نظيره الألمانى؟ بداية من الطبيعى أن تلعب الارجنتين بندية وبنزعة هجومية مع ألمانيا، فنحن نتحدث عن فريق عريق فى اللعبة يمزج بين الأسلوبين اللاتينى والأوروبى، وسوف يهاجم بالتأكيد متسلحا بنجومه، إلا أنه يجب ألا يترك مساحات لألمانيا. والإجابة عن السؤال، نحصل عليها من أداء منتخب صربيا أمام الألمان، وكذلك من خلال أداء غانا التى نظمت خطوطها دفاعيا أمام ألمانيا، ونسجت خيوطها فى فترات بالاستحواذ. وبالنسبة لصربيا فقد تركت الفريق الالمانى يمتلك الكرة فى ملعبه، مع المدافعين، وضغط الفريق الصربى بثلاثة مهاجمين لمقابلة البنائين الألمان. وفى الخلف ضيقت صربيا المساحات بزحام شديد من اللاعبين، بما قيد من حركة الرباعى الألمانى الخطير كما أثر طرد كلوزه على أداء الفريق. وأخطر ما يقع فيه منتخب الأرجنتين أن يترك المساحات للعدائين الألمان كلوزه وبودولوسكى وموللر، ويترك مسعود أوزيل بلارقابة، وهو بارع فى الهروب من الرقابة خاصة بدون الكرة. الدفاع الأرجنتينى لم يختبر حتى الآن بضغط قوى من هجوم منافس.. وهذا الرباعى هينز، وديميليكس، وبوردوسيو، وأوتانيدى مطالب بتضييق المساحات ومراقبة أطراف ألمانيا القادمة والطائرة مع واجبات مهمة للاعبى الوسط دى ماريا، وماسيكرانو، ورودريجيز لمراقبة شفاينشتايجر وخضيرة، ولام وأوزيل وحرمان هؤلاء من بناء الهجمات وإطلاق تمريراتهم الطولية والعكسية. ليونيل ميسى لم يظهر فى البطولة بعد، كما يلعب فى برشلونة حيث المساحات، وفى المباراة الأخيرة قيدت حريته أكثر حين لعب أمامه تيفيز، ولعله من المناسب أن يتحرك ليونيل ميسى إلى الطرفين وبحرية، فهو لم يحصل بعد على حريته من قيد مارادونا، ونذكر لميسى هدفه الممتع فى نهائى كأس إسبانيا الشبيه بهدف مارادونا فى إنجلترا عام 1986 وكان من الجبهة اليسرى. وإذا كان ميسى يملك موهبة عبقرية فى المرور والمراوغة واللعب فى المساحات الضيقة فهو يجب أن يكون قريبا من صندوق المنافس وليس بعيدا عنه.