ستكون الطريق ممهدة امام هولندا لموقعة ثأرية محتملة مع البرازيل عندما تواجه سلوفاكيا غدا الاثنين على ملعب "موزيس مابهيدا ستاديوم" في دوربن ضمن الدور الثاني من مونديال جنوب إفريقيا 2010. وسيكون المنتخب البرتقالي مرشحا فوق العادة من اجل ان يضع حدا لمغامرة نظيره السلوفاكي الذي بلغ الدور الثاني للمرة الأولى بعد انحلال عقد تشيكوسلوفاكيا، وذلك بعدما جرد المنتخب الايطالي من لقبه بطلا للعالم وتأهل على حسابه بالفوز عليه 3-2 في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة. وقد يرى البعض ان المنتخب السلوفاكي قادر على تحقيق مفاجأة مدوية أخرى يضيفها الى إطاحته بأبطال العالم، لكن واقع الأمور يؤكد بان منتخب فلاديمير فايس ليس بالفريق القادر على تحقيق هذا الأمر وهو نجح في بلوغ الدور الثاني بسبب المستوى المتواضع الذي ظهر به "الازوري" منذ الجولة الأولى أمام الباراجواي، ولو نجح رجال المدرب مارتشيلو ليبي في تقديم المستوى الذي أظهروه في ربع الساعة الأخير قبل ان يقولوا "اريفيدرتشي" للعرس الكروي العالمي، لما كنا نتحدث عن مواجهة هولندية-سلوفاكية في الدور الثاني. وما يعزز فرضية ان الهولنديين سيخرجون فائزين من مواجهة الغد هو ان المنتخب "البرتقالي" الحالي مختلف تماما عن المنتخبات السابقة التي تميزت بأسلوب السهل الممتنع دون ان تنجح في تحقيق النتائج المرجوة كما حصل في كأس أوروبا 2008 عندما اكتسح رجال المدرب ماركو فان باستن الايطاليين والفرنسيين في دور المجموعات قبل ان يودعوا في ربع النهائي على يد الروس. وقد تكون هولندا "اقوي منتخب لم يحرز المونديال"، لكنها كانت قاب قوسين او ادنى من تحقيق أحلام هذه الدولة الصغيرة البالغة مساحتها 41 الف كلم مربع فقط، عندما بلغت النهائي مرتين وخسرت بفارق بسيط أمام المانياالغربية 2-1 عام 1974، والأرجنتين 3-1 بعد تمديد الوقت عام 1978. لطالما كان المنتخب الهولندي يقدم مستويات رائعة واستعراضية، لكنه يعاني من هبوط مفاجئ في مواجهاته الحاسمة ومن ضعف ذهني، لكن هذا لا يمنعه من نيل لقب المنتخب صاحب العروض الأكثر جمالية في القارة الأوروبية، نظرا للعبه الهجومي الصريح الذي تبلور في سبعينيات القرن الماضي في فترة أشراف المدرب الراحل "الجنرال" رينوس ميكلز على منتخب "الطواحين" ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم ان يمنحه لقب "مدرب القرن" عام 1999. لكن فان مارفييك فرض، على اقله حتى الان، معادلة هولندية جديدة أعطت مفعولها في التصفيات عندما كان "البرتقالي" من اول المنتخبات التي حجزت مكانها في النهائيات، ثم في الدور الاول عندما لعب بطريقة واقعية تماما دون المبالغة في الاندفاع الهجومي التقليدي، فتخلص من الدنمارك (2-صفر) ثم اليابان (1-صفر) ثم الكاميرون (2-1). ويأمل الهولنديون ان تعطي الواقعية التي يعتمدها مدربهم فان مارفييك ثمارها وان يتجنبوا سيناريو مشاركتهم الأخيرة في العرس الكروي عندما ودعوا من الدور الثاني على يد البرتغال، وذلك من خلال حسم مواجهتهم الأولى على الإطلاق مع سلوفاكيا المستقلة، علما بانهم تواجهوا مع تشيكوسلوفاكيا خلال الدور الأول من مونديال 1938 وخسروا صفر-3 بعد التمديد، وفي نهائيات كأس أوروبا 1976 و1980 فخسروا في نصف النهائي 1-3 بعد التمديد وفي الدور الأول وتعادلا 1-1 على التوالي. وفي حال نجح المنتخب البرتقالي الباحث عن بلوغ المباراة النهائية للمرة الأولى منذ 32 عاما وإحراز اللقب لأول مرة في تاريخه لمحو صورة الفريق الخارق في الأدوار الأولى والعادي في المباريات الاقصائية، في تخطي نظيره السلوفاكي سيضرب موعدا محتملا في ربع النهائي مع نظيره البرازيلي الذي يواجه تشيلي في الدور الثاني، وذلك في إعادة لنصف نهائي مونديال 1998 عندما فاز "سيلسياو" بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي في طريقه الى النهائي حيث خسر امام فرنسا المضيفة صفر-3، وربع نهائي 1994 عندما فاز "سيليساو" ايضا 3-2 في طريقه للفوز باللقب على حساب ايطاليا. من المؤكد ان هولندا تبحث عن نسيان مشاركتها في مونديال المانيا 2006 ومواجهتها الدموية مع البرتغال، وإخفاق كأس أوروبا 2008 انطلاقا من بوابة سلوفاكيا، وسيتمكن فان مارفييك من الاعتماد مجددا على النجم المميز اريين روبن الذي استعاد عافيته بعد الإصابة التي تعرض لها ق قبيل انطلاق المونديال في مباراة ودية امام المجر، وشارك في أواخر الشوط الثاني من مباراة الجولة الأخيرة امام الكاميرون. وعلق روبن المتوج بثنائية الدوري والكأس الالمانيين مع بايرن ميونيخ على عودته الى المنتخب البرتقالي، قائلا في حديث لموقع الاتحاد الدولي "انا سعيد، سعيد جدا. اعتقد بانكم تعلمون الجهد الذي بذلته من اجل تحقيق ذلك، وبالتالي فان خوضي المباراة كان امرا مميزا بالنسبة لي. كانت تجربة رائعة ومتعة كبيرة ان أشارك في نهائيات كأس العالم. شعرت باني شفيت تماما وكنت جاهزا لخوض هذه المباراة فوق المستطيل الأخضر، لم اشعر بالإصابة إطلاقا. انا جاهز للمساهمة في خط الهجوم". وتحدث روبن عن المفاجأة التي حققتها سلوفاكيا على حساب ايطاليا "ربما شكل هذا الأمر مفاجأة بالنسبة لكثيرين، لكن سلوفاكيا تملك منتخبا جيد جدا. لقد أثبتت ذلك في السابق، وكررت هذا الأمر هنا. كما ان المنتخبات الصغيرة أثبتت بأنها لم تعد كذلك في عالم كرة القدم. لقد كسب المنتخب السلوفاكي احترام الجميع، وليس واردا على الإطلاق ان نستخف به. لقد كنا صريحين منذ بداية البطولة بأننا سنقارب كل مباراة على حدة، والان سنركز جهودنا على سلوفاكيا وسلوفاكيا وحدها. أنا أتطلع لهذه المواجهة". اما زميله رافايل فان در فارت فرأى بان بإمكان المنتخب الهولندي ان يذهب حتى النهاية، مضيفا "سلوفاكيا فريق جيد وستكون خصما صعبا. نحن فزنا بمجموعتنا وحصلنا على تسع نقاط ونحن سعداء بما حققناه. انا أؤمن بأننا سنصل الى النهائي". وفي المعسكر الاخر، فمن المؤكد ان سلوفاكيا سطرت اسمها في سجلات العرس الكروي بالدولة المسئولة عن إقصاء أبطال العالم، وهو انجاز كبير لرجال فلاديمير فايس الذي قال بعد التأهل الى الدور الثاني: "انه احد أجمل الأيام في حياتي، انا فخور جدا لما حققه لاعبو فريقي، لقد قدموا مباراة رائعة". وأضاف "الشعب السلوفاكي بأسره سعيد، انه يوم رائع بالنسبة الينا. قبل المباراة كنا تحت ضغط قوي ولقد تحضرنا جيدا مع الجهاز الفني واللاعبين. بعد ولادة ابني، هذا اليوم هو الأسعد في حياتي، اشكر جميع أنصار المنتخب السلوفاكي الذين قدموا الى جنوب إفريقيا لمؤازرتنا. انا فخور جدا بفريقي لقد لعب جميع أعضاء الفريق بمستوى عال جدا طوال 80 دقيقة خصوصا اننا كنا نواجه أبطال العالم. عانينا من ضغط كبير في ربع الساعة الأخير لكننا خرجنا فائزين في النهاية". وتمكن لاعبو المنتخب السلوفاكي من التفوق على أنفسهم لانتزاع بطاقة التأهل إلى الدور الثاني، ولعب روبرت فيتيك دور البطل بتسجيله هدفين من اصل اهداف بلاده الثلاثة في مرمى الايطاليين، وهو علق على ما حققه قائلا لموقع الاتحاد الدولي "انه انجاز عظيم. لقد تخطينا حدود امكانيات الكرة السلوفاكية، لم نجرؤ على الحلم بهذا الأمر. انا سعيد جدا. لقد أثبتنا قدرتنا على تحقيق أشياء كبيرة. لا يهم عندي ادائي، وحده المنتخب يهمني". ويبقى ان نرى اذا ستستمر افراح سلوفاكيا وفايس الاب والابن، او ستنتهي المغامرة عند حدود المد "البرتقالي".