متى يعلن البرلمان خلو مقعد عبلة الألفي بعد توليها منصب نائب وزير الصحة    ملك تايلاند: الأزهر منارة علمية عالمية لنشر الفكر الوسطي المستنير    سعر الدولار في البنوك صباح اليوم السبت 6 يوليو 2024    أسعار البيض ترتفع اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    محافظ سوهاج الجديد يوجه بوضع خطة لتطوير المنطقة الأثرية بأخميم    سلسلة هجمات دامية تهز بوركينا فاسو تزامنا مع قمة ثلاثي الساحل    وزير الخارجية: تقديم مصر مساعدات إنسانية للسودان واجب وليس منحة    لأول مرة، رونالدو يفشل في زيارة الشباك ببطولة كبرى    اليوم جنايات المنصورة تنظر قضية خطف شاب تحت تهديد السلاح    ضبط مسجل خطر بحوزته 2 كليو وربع حشيش وشابو وسلاح ناري بالأقصر    انتداب المعمل الجنائي للتعرف على سبب حريق في العياط    بالأسماء- مصرع طفلة وإصابة 4 آخرين في حادث بالمنيا    غارات جوية تستهدف المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    مهرجان العلمين 2024، تفاصيل العروض المسرحية في الدورة الثانية    تركي آل الشيخ يكشف عن مهمة جديدة ل "ولاد رزق" في الرياض    جمال شعبان يكشف سرا صادما عن سبب وفاة اللاعب أحمد رفعت    رئيس وزراء بريطانيا الجديد يتعهد من دوانينج ستريت: سنعيد بناء بلادنا    زور توكيل.. تفاصيل القبض على شقيق عصام صاصا في الهرم    انتشال جثمان شاب ثالث غرق في انقلاب سيارة بترعة المنصورية بالدقهلية    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 6 يوليو    «المركزى للتعمير»: 142 مليار جنيه استثمارات تنفيذ 1642 مشروعاً خلال 10 سنوات    أسعار اللحوم اليوم السبت 6 يوليو 2024.. الجملي 320 جنيهًا    هل التهنئة برأس السنة الهجرية الجديدة بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب    اسعار الأسماك اليوم 6 يوليو بسوق العبور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    سرايا القدس: عدم قدرة جيش الاحتلال على مواصلة الحرب ستجبر حكومة نتنياهو على قبول أي اتفاق    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية    انتظام طلاب الثانوية العامة في دمياط لأداء امتحان الكيمياء والجغرافيا    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الأونروا تحذر من خطر القنابل غير المنفجرة بين البيوت في غزة    «جوميز» يُقيم ملف الناشئين في الزمالك لتصعيد بعض اللاعبين للفريق الأول    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    وزير الثقافة الأسبق: دار الوثائق القومية تعرضت لهجوم من الإخوان    رضا سليم يكشف عن حقيقة العروض المقدمة إليه    أبرز تصريحات بايدن في أول مقابلة بعد مناظرته أمام ترامب    توفيت في حادث سير.. من هي لونا الشبل مستشارة بشار الأسد؟    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    6 أعمال احرص على فعلها قبل صلاة الفجر.. تغفر ذنوبك وتوسع رزقك    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 "عاااجل" الدور الأول عبر بوابة التعليم الفني برقم الجلوس    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    قصة تاريخ العام الهجري الجديد.. داعية يوضح    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    حظك اليوم برج العذراء السبت 6-7-2024، على الصعيدين المهني والعاطفي    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    مرض أسماء جلال تسبب في خسارة وزنها خلال أيام قليلة.. تحذير من هذه الأعراض    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دوامة موت دولة الرفاه
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 05 - 2010

ما نراه فى اليونان هو دوامة الموت لدولة الرفاه. ولا تقتصر المشكلة على اليونان وحدها، وهو ما جعل الأزمة تحدث اضطرابا فى الأسواق العالمية وتهدد التعافى الاقتصادى. وتواجه جميع الدول المتقدمة تقريبا بما فى ذلك الولايات المتحدة الاحتمالات نفسها. فقد وُعِد المسنون فى تلك الدول بمزايا ضخمة فيما يتعلق بالرعاية صحة ورواتب التقاعد، فى الوقت الذى لا تكفى فيه الضرائب لتغطيتها بالكامل. وإذا كان يوم الحساب قد حل فى اليونان، فإن هذا اليوم ينتظر معظم المجتمعات الغنية.
يكره الأمريكيون لفظ «دولة الرفاه» ويستعيضون عنه بكلمة «استحقاقات» الأكثر لُطفا. لكن المفردات لا تغير من الحقيقة. فلا يمكن لأى بلد الاستمرار فى الإنفاق والاقتراض بما يتجاوز طاقته إلى الأبد. وعندما تُرجئ الحكومات اتخاذ القرارات الصعبة بشأن الإنفاق والضرائب، فهى تخدع نفسها وتصل إلى طريق مسدود. ولا شك فى أن المأزق الذى تواجهه اليونان عادة ما يوصف باعتباره أزمة أوروبية، خاصة فيما يتعلق باليورو، تلك العملة المشتركة لست عشرة دولة. ويعد هذا الوصف صحيحا إلى حد معين.
بدأ العمل بعملات اليورو المعدنية والورقية فى عام 2002. ومن الواضح أن هذه العملة لم ترق إلى مستوى التوقعات. إذ كان مفترضا أن يؤدى اليورو إلى تسارع النمو عبر التخلص من التكلفة والارتباك الناتجين عن التحويل بين العملات الوطنية. ولعل الأمر الأهم هو إمكانية التشجيع على الوحدة السياسية بين الدول الأوروبية. وفى ظل العملة الموحدة، يشعر الناس أنهم «أوروبيون»، حيث تنصهر هوياتهم كألمان وإيطاليين وإسبان تدريجيا فى هوية القارة.
لكن أيّا من ذلك لم يحدث. إذ بلغ متوسط النمو الاقتصادى فى «منطقة اليورو» (أى البلدان التى تستخدم هذه العملة) 2.1% فى الفترة بين 1992 2001 و1.7% من 2002 إلى 2008. ولم يكن تعدد العملات قط عقبة كبرى فى طريق النمو، بل كان العقبات هى الضرائب المرتفعة والإفراط فى القوانين والإعانات السخية. وفيما يخص الوحدة السياسة، فقد أصبح اليورو الآن مصدر انقسام بين الأوروبيين. وبينما يقوم اليونانيون بأعمال شغب، تشعر الدول الأوروبية التى قدمت ما قيمته 145 مليار دولار كقروض لليونان خاصة ألمانيا بالاستياء من تكلفة خطة الإنقاذ. ولم يعد فى الإمكان لعملة واحدة أن تحل محل الهويات الوطنية، مثلما لا يؤدى شرب الكوكاكولا بالناس إلى أن يصبحوا أمريكيين. وإذا ما لاقت بلدان أخرى فى منطقة اليورو (كالبرتغال وإسبانيا وإيطاليا) مصير اليونان أى فقدان الحكومات لثقة السوق وعجزها عن الاقتراض فى ظل معدلات معقولة فسوف يتسع نطاق الأزمة.
لكن القضية الأساسية ليست هى اليورو، حتى إذا كانت اليونان غير قادرة بسبب العملة الموحدة على تخفيض عملتها من أجل تخفيف حدة المشكلة الاقتصادية. ويمثل عجز الموازنة والديون المشكلة الأساسية، وهذه بدورها ترجع إلى المزايا المتعلقة بالرفاه (كالتأمين ضد البطالة والإعانات المقدمة إلى كبار السن والتأمين الصحى) التى وفرتها الحكومات الحديثة.
تعانى الحكومات فى كل مكان من عجز كبير فى الموازنة. بل تزايد هذا العجز بفعل الركود. وتمثل اليونان حالة استثنائية فقط فيما يتعلق بحجم العجز، حيث بلغ 13.6% من إجمالى الناتج المحلى (وهو ما يعد مؤشرا على حالة الاقتصاد)، وكذلك فيما يتعلق بالدين الذى بلغ 115% من إجمالى الناتج المحلى.
وفى إسبانيا، بلغ العجز 11.2% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى، بينما تمثل نسبة الدين 56.2%. وفى البرتغال بلغت كل من نسبة العجز والدَّين إلى إجمالى الناتج المحلى 9.4% و76.8% على التوالى. وبالمقارنة بالولايات المتحدة، تختلف النسب اختلافا طفيفا، حيث بلغت 9.9% و53% على التوالى.
وبالرغم من عدم وجود قواعد صارمة بشأن ما يمكن اعتباره معدلات كبيرة إلى حدود مفرطة، فإن الأسواق المالية البنوك والمستثمرون ممن يشترون سندات حكومية تشعر بالقلق. ويجعل تزايد نسبة المسنين الصورة أكثر سوءا. ففى اليونان، من المتوقع أن ترتفع نسبة السكان ممن هم فى عمر الخامسة والستين فصاعدا من 18% عام 2005 إلى 25% عام 2030. وفيما يتعلق بإسبانيا، سوف ترتفع هذه النسبة من 17% إلى 25% فى الفترة نفسها.
وتظهر دوامة الموت لدولة الرفاه على النحو التالى: تنذر معظم السياسيات التى تتخذها الحكومات فيما يخص الموازنة بنتائج سيئة، كالتباطؤ الاقتصادى أو الركود. وبفعل تضخم العجز الناتج عن هذه السياسات، نصبح إزاء خطر الأزمة الاقتصادية، لأن المستثمرين فى يوم ما لا يعلم أحد متى سوف يتشككون فى قدرة الحكومات على خدمة ديونها، ومن ثم لن يقبلوا الإقراض إلا فى ظل أسعار فائدة باهظة، مثلما حدث فى اليونان. وسوف يؤدى تخفيض المزايا الخاصة بالرفاه أو زيادة الضرائب إلى إضعاف الاقتصاد، على الأقل مؤقتا. والأمر الأسوأ أن ذلك سوف يجعل من الاستمرار فى الوفاء بالمزايا المتعلقة بالرفاه أمرا أصعب.
توضح حالة اليونان هذه الصلة. فلكى تستطيع اليونان الحصول على قروض من الدول الأوروبية الأخرى وصندوق النقد الدولى، فقد أقرت موازنة متقشفة، حيث سينخفض متوسط المعاشات بمعدل 11% وتنخفض رواتب العاملين فى الحكومة بمعدل 14%، وسوف يرتفع ضريبة القيمة المضافة من 21% إلى 23%. وسوف تغرق هذه الإجراءات اليونان فى ركود عميق. وفى 2009، بلغت نسبة البطالة نحو 9%، بينما يتوقع بعض الاقتصاديين أن ترتفع إلى نحو 19%.
وإذا اقتصرت هذه المشكلات على عدد قليل من الدول، فسوف يكون الحل سهلا، حيث سيتوجب على البلدان سيئة الحظ تقليص موازناتها ومعاودة النمو عبر التصدير للدول التى فى وضع أفضل. غير أن البلدان المتقدمة تمثل نحو نصف الاقتصاد العالمى، ومعظمها تمثل دول رفاه عليها التزامات تفوق طاقتها. وربما تقوم هذه الدول بتقليل حدة الأخطار عبر تقليص المزايا الاجتماعية فى المستقبل بطريقة تُطمئِن الأسواق المالية. لكنه على الصعيد العملى، لم تقم تلك الدول بذلك.
وفى حقيقة الأمر، أدى برنامج الرئيس أوباما للرعاية الصحية إلى زيادة المزايا الاجتماعية. فما الذى سيحدث إذا أصبحت جميع هذه الدول فى وضع اليونان؟ توجد إجابة واحدة هى حدوث انهيار اقتصادى آخر، وهو ما يبين أن تضييع الوقت يمثل خطرا شديدا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.