المنصورة تحتضن المؤتمر العلمي الأول للتحاليل الطبية.. صور    المحبة المتدفقة.. البابا تواضروس يتحدث عن مؤهلات الخدمة    وزيرة التنمية المحلية الجديدة: مكافحة الفساد وإهدار المال العام أهم أولويات المرحلة المقبلة    المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية على غزة.. ماذا تعني وما أهدافها؟    كوبا أمريكا 2024| نونيز ينقذ ليفربول قبل فترة الإعداد    قتلها قبل صلاة الفجر.. تشييع جثمان سيدة لقيت مصرعها على يد زوجها بالغربية    كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد    جامايكا تستعد لوصول إعصار بيريل بعدما ضرب جزر الكاريبي    لافروف: مفاوضات بوتين مع شي جين بينغ كانت جيدة    تهدف لتحقيق النمو الاقتصادى.. معلومات عن مبادرة " ابدأ " الوطنية (إنفوجراف)    بنى سويف: استكمال مشروعات حياة كريمة    الحكم بالإعدام شنقا لكبابجى لاتهامه بقتل زوجته في القناطر الخيرية    عمرو الفقي ل الحياة اليوم: الهدف من مهرجان العلمين الترويج للسياحة المصرية    نانسي عجرم تستعد لطرح أغنية "من نظرة"    لماذا تسمى الحكومة الجديدة بحكومة "تخفيف الأحمال"؟.. كاتب صحفى يوضح    أحمد سعد يروج لمفاجأة ضمن أولى حلقات «بيت السعد»    القاهرة الإخبارية: انتشال جثامين 14 شهيدا فى مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة    قصواء الخلالي: التشكيل الجديد للحكومة هو الأوسع ويدعو للتفاؤل    أستاذ حديث لقناة الناس: إفشاء أسرار البيوت على الإنترنت جريمة أخلاقية    أمين الفتوى لقناة الناس: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    تعيين عمرو قنديل نائبا لوزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    عضو ب"رجال الأعمال" يطالب وزير الإسكان بتيسير منظومة التمويل العقاري    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    حكم مباراة البرتغال وفرنسا في ربع نهائي يورو 2024    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    حبس شخصين ألقيا مادة حارقة على 5 بائعين في الشرابية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    خالد عبد الغفار: مشروع التأمين الصحي الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسي    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    مجلس الوزراء يحسم موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. الأحد أم الإثنين؟    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    ارتياح فى وزارة التموين بعد تولى شريف فاروق حقيبة الوزارة    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    مجلس نقابة أطباء القاهرة يهنئ خالد عبدالغفار لاختياره نائبًا لرئيس الوزراء    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعلم من اليونان
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 04 - 2010

اقتربت أزمة الدين فى اليونان من نقطة اللا عودة. ففى الوقت الذى تتضاءل فيه إمكانات إقرار خطة للإنقاذ بفضل عناد ألمانيا إلى حد كبير رفع المستثمرون المضطربون أسعار الفائدة على السندات الحكومية إلى حدود قصوى، مما رفع تكلفة الاقتراض فى هذا البلد بشكل حاد. وسوف يدفع ذلك اليونان إلى المزيد من الاستدانة، ويقوض الثقة بدرجة أكبر. وعند هذه النقطة، من الصعب رؤية الطريقة التى يمكن بها لهذا البلد أن ينجو من دوامة الموت هذه التى تدفعه نحو طريق العجز عن السداد.
إنها لقصة مخيفة، كما أنها تقدم درسا عمليا واضحا بالنسبة للآخرين منا. لكن السؤال هو «درس فى أى شىء على وجه التحديد؟»
تدفع اليونان بالفعل ثمن الافتقار إلى المسئولية المالية.. لكن هذه ليست بأى حال القصة الكاملة. ذلك أن مأساة اليونان تكشف أيضا عن الخطر الداهم الذى ينجم عن السياسة النقدية الانكماشية. ونأمل أن يعى واضعو السياسة الأمريكيون هذا الدرس جيدا.
يتمثل مفتاح فهم معضلة اليونان فى أن الأمر لا يتعلق بالإفراط فى الاستدانة فحسب. فبالرغم من أن الدين العام فى اليونان الذى يمثل133% من إجمالى الناتج المحلى يعتبر مرتفعا بالفعل، فإن دولا أخرى استطاعت التعامل مع مستويات مثيلة من الدين دون حدوث أزمات. فعلى سبيل المثال، حدث فى عام1946، حينما كانت الولايات المتحدة قد خرجت لتوها من الحرب العالمية الثانية، أن بلغت نسبة الدين الفيدرالى 122% من إجمالى الناتج المحلى. لكن المستثمرين كانوا فى حالة استرخاء، وكان معهم الحق فى ذلك، لأنه خلال العقد التالى انخفضت نسبة الدين العام إلى إجمالى الناتج المحلى إلى النصف، وهو ما بدد القلق الذى كان ينتاب البعض بشأن القدرة على سداد الديون. وفى العقود اللاحقة، واصلت نسبة الدين العام إلى إجمالى الناتج المحلى الإجمالى، إلى أن هبطت إلى 33% فى عام 1981.
فكيف استطاعت الحكومة الأمريكية إذن تسديد ديون الحرب؟ فى نهاية عام 1946، كانت الحكومة الفيدرالية مدينة بما قيمته271 مليار دولار. وبحلول نهاية 1956، ارتفع هذا الرقم قليلا ليبلغ 274 مليارا. وانخفضت نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى، ليس بسبب انخفاض الدين، بل نتيجة ارتفاع إجمالى الناتج المحلى بالدولار الذى تضاعف تقريبا خلال عقد من الزمن. وكان ارتفاع إجمالى الناتج المحلى بالدولار يعود بدرجة متساوية تقريبا إلى كل من النمو الاقتصادى والتضخم، حيث تزايد كل من الناتج المحلى الإجمالى والمستوى الكلى للأسعار بنحو 40% فى الفترة بين 1946 و1956.
غير أنه لسوء الحظ، لا يمكن أن تتوقع اليونان أداء مشابها. لماذا؟ بسبب اليورو.
فإلى وقت قريب، كانت عضوية اليونان فى منطقة اليورو تبدو كأمر إيجابى، حيث جاءت لها بالقروض الرخيصة وتدفقات رأس المال الكبيرة. لكن هذه التدفقات أدت أيضا إلى التضخم، وعندما توقفت، وجدت اليونان التكاليف والأسعار لديها فى وضع غير متوافق مع الاقتصادات الأوروبية الكبيرة. ومع مرور الوقت، سوف تضطر الأسعار فى اليونان إلى التراجع. ويعنى ذلك أنه بخلاف الوضع فى أمريكا بعد الحرب حينما زال جزء من الدين بفعل التضخم سوف يتفاقم عبء الدين لدى اليونان بفعل الانكماش.
لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، حيث يعتبر الانكماش عملية مؤلمة تؤثر سلبيا على النمو والتوظيف. ولذلك لن تستطيع اليونان الإفلات من الدين. بل على العكس، سيكون عليها التعامل مع الدين فى ظل اقتصاد راكد فى أفضل الأحوال.
ومن ثم، فإن الطريقة الوحيدة المتاحة أمام اليونان كى تسيطر على ديونها هى تقليص الإنفاق بدرجة كبيرة إلى جانب زيادة الضرائب، وهى إجراءات سوف تؤدى فى حد ذاتها إلى ارتفاع معدلات البطالة.. وليس مستغربا إذن انعدام الثقة فى أسواق السندات، واندفاع الموقف إلى حافة الهاوية.
فما الذى يمكن عمله؟ توصلت البلاد الأوروبية إلى صفقة تضمن بمقتضاها ديون اليونان، فى مقابل اتباع الأخيرة إجراءات مالية قاسية. ويمكن أن ينجح ذلك. لكن دون دعم ألمانيا، لن تنجح هذه الصفقة.
ويمكن لليونان التخفيف من بعض المشكلات عبر الانسحاب من منطقة اليورو وتخفيض العملة. لكن من الصعب تحقيق ذلك دون حدوث تهافت مفجع على سحب الودائع من النظام المصرفى هناك. وفى حقيقة الأمر، بدأ المودعون القلقون فى سحب النقود من البنوك اليونانية. ولا توجد إجابات جيدة هنا بل الواقع أنه ليست هناك إجابات غير مروعة.
لكن ما هى الدروس التى يجب أن تتعلمها أمريكا؟ إن علينا بالطبع التحلى بالمسئولية المالية. غير أن ذلك يتطلب مواجهة القضايا طويلة الأجل، وعلى رأسها تكاليف الرعاية الصحية، مع عدم الإفراط أو التقتير فيما يخص الإنفاق قصير الأجل الهادف إلى تقديم العون للاقتصاد المتعثر.
غير أن الأمر المساوى فى أهميته هو أنه لابد لنا من تجنب الانكماش، بل وتجنب السعى المفرط إلى الحد من التضخم. وبخلاف اليونان، لسنا رهن عملة الآخرين. لكنه كما أظهرت حالة اليابان، فإنه حتى الدول التى لها عملة خاصة بها يمكن أن تقع أسيرة لمصيدة الانكماش.
ولعل الأمر الذى يقلقنى أكثر من غيره فيما يتعلق بالولايات المتحدة هو تعالى صراخ صقور التضخم الذين يريدون من بنك الاحتياط الفيدرالى رفع معدلات الفائدة (وأن تتراجع الحكومة الفيدرالية عن حزم الحوافز الاقتصادية)، بالرغم من أن معدلات التوظيف لم تتحسن سوى بدرجة هزيلة. وإذا حقق هؤلاء ما يريدون، فإنهم سيتسببون فى الإبقاء على ارتفاع معدلات البطالة. لكن هناك شيئا آخر، هو أنه يمكن إدارة الدين العام الأمريكى إذا ما عدنا بالفعل إلى النمو النشط والتضخم المعتدل. لكنه إذا سيطر الداعون إلى تضييق الائتمان، فإن ذلك لن يحدث، ولن تتحقق أى من النتائج المرجوة.
New York Times


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.