حصلت «الشروق» على وثيقتين تكشفان الاختلاف بين تصور الحكومتين المصرية والأمريكية لمستقبل المعونة، أولهما وثيقة قدمتها الحكومة المصرية لنظيرتها الأمريكية يوم 17 أغسطس الماضى، والثانية رد وزارة الخارجية الأمريكية على الاقتراح، والذى لم ترسله حتى الآن للحكومة المصرية. كانت «الشروق» قد انفردت، فى فبراير الماضى، بالكشف عن وجود مفاوضات بين الحكومتين المصرية والأمريكية فيما يتعلق بالاقتراح الذى تقدمت به مصر بإنشاء «صندوق وقف» أو وديعة مشتركة، يتم تمويلها من الطرفين، كبديل عن المعونة الاقتصادية على أن تستخدم هذه الأموال فى أغراض تنموية. وحصلت مصر على معونة اقتصادية من أمريكا قدرها 815 مليون دولار سنويا، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وحتى عام 1998 حينما تم الاتفاق على تخفيضها بنسبة 5% سنويا، فوصلت إلى 415 مليون دولار عام 2008، غير أن الإدارة الأمريكية قامت بتخفيضها بأكثر من 50% فى موازنة عام 2009، لتصبح 200 مليون دولار. وتبعا للطرح المصرى، فإن الصندوق سيبدأ فى عام 2011، وسيتم تمويله من عدة مصادر، أولها المعونة الأمريكية، والتى ستبدأ بمبلغ 350 مليون دولار فى 2011 وتنخفض سنويا بنسبة 10%، ليكون آخر مبلغ للمعونة هو 35 مليون دولار فى 2020، وليبلغ بذلك إجمالى ما تحصل عليه مصر منها 1.9 مليار دولار. أما المصدر الثانى فهو قيمة أقساط القروض المستحقة على مصر للحكومة الأمريكية، ويذكر أن مصر تسدد حاليا لأمريكا مبلغ 150 مليون دولار سنويا، وهى أقساط لديون قديمة، حيث لم تحصل مصر على قروض فى إطار المساعدات منذ عام 1983، وتبعا للمقترح المصرى سيبلغ إجمالى قيمة أقساط القروض والفوائد المستحقة عليها 1.67 مليار دولار. وبالإضافة لما سبق ستودع مصر فى الصندوق ما يوازى مجموع المبلغين السابقين (1.9مليار و1.67 مليار دولار، أى 3.57 مليار ولكن بالجنيه المصرى). وجاء رد الإدارة الأمريكية، كما ظهر فى الوثيقة التى سترسلها الخارجية الأمريكية للجانب المصرى، مختلفا حيث قام على أساس أن تقدم واشنطن مبلغ 50 مليون دولار سنويا فى الصندوق لمدة خمس سنوات، ليصل إجمالى ما تدفعه، إذا ما توفر التمويل اللازم لذلك، إلى 250 مليون دولار تضع الحكومة المصرية فى مقابلها عبر الخمس سنوات ما يصل إجماليه إلى 45 مليون دولار. واقترحت الخارجية الأمريكية فى التقرير أن يتم تقييم أداء الصندوق فى نهاية فترة السنوات الخمس لتقرر الحكومتان مدى فاعليته، وتحديد ما إذا كانا سترفعان أو تخفضان قيمة مساهماتهما فيه، كما تقترح الحكومة الأمريكية أن يتولى إدارة الصندوق شركة أمريكية أو دولية غير هادفة للربح، وان تكون خاضعة للمراجعة المعتادة وان تكون العملة بالدولار لتقليص مخاطر تغيير سعر العملة. «هناك فجوة واسعة بين التصورين المصرى والأمريكى، سواء فيما يخص حجم المبلغ أو هيكل الصندوق وكيفية إدارته، وبالتالى فإن التفاوض بين الحكومتين للتوصل إلى حل وسط سيكون صعبا وسيأخذ وقتا طويلا، قد يتجاوز الستة أشهر»، كما يرى أشرف سويلم، المدير العام لمنتدى مصر الاقتصادى الدولى، «ولكن هذا تصور مبدئى للحكومة الأمريكية، وهى تعلم جيدا أن مصر لن توافق عليه، ولكنها وضعته مؤقتا حتى ترى ما ستسفر عنه الانتخابات المزمع عقدها الفترة المقبلة فى مصر»، بحسب تعبيره. ويرى سويلم أن «الإدارة الأمريكية لا تريد إلزام نفسها بمبلغ معين أو بفترة محددة قد لا يوافق عليها الكونجرس الأمريكى، فيما بعد، خاصة أن هناك عدة أصوات فى الكونجرس معترضة على فكرة إنشاء الصندوق، على أساس أنه يحد من قدرته على التأثير والتدخل فى شئون مصر السياسية والاقتصادية».