«لا توجد حركة بيع ولا شراء لليورو» يقول محمد الأبيض، رئيس شعبة الصرافة، صبيحة انخفاض سعر العملة الأوروبية عالميا لأدنى مستوياتها منذ 18 شهرا مقابل الدولار الأمريكى، مشيرا إلى أن من يملكون اليورو يخشون بيعه حتى لا يحققوا خسارة، ومن يريدون شراءه يفضلون الانتظار متوقعين أن ينخفض أكثر. وأكد هذا الاتجاه خمسة مكاتب للصرافة سألتهم «الشروق» حول آخر تطورات التعاملات باليورو فى السوق المصرية. ويشير الأبيض إلى أن المستثمرين يشعرون بمخاطر أكبر للاستثمار فى اليورو مقارنة بالدولار «لأنه عندما ينخفض اليورو ينخفض بقوة». وقد تراجع سعر اليورو مقابل الجنيه بنحو 3.9% منذ بداية الشهر الحالى. وكان الاتحاد الأوروبى قد وافق الأحد الماضى على خطة لدعم العملة الأوروبية الموحدة قيمتها نحو 750 مليار يورو (975 مليار دولار) لمساعدة الاقتصادات التى تعانى من وطأة الديون الضخمة، إلا أن العملة تراجعت نتيجة التخوف من انعكاس مشكلات تلك الاقتصادات الأضعف ماليا، اليونان وإسبانيا والبرتغال، على مجمل الاقتصاد الأوروبى. وفى الوقت الذى أحجم فيه المواطنون عن تداول اليورو، اتجه حائزو الدولار إلى بيعه نظرا لارتفاع سعره فى الوقت الحالى. ويقول محمد فهمى، أحد العاملين فى شركة صرافة، إن ارتفاع سعر الدولار أمس إلى 5.62 جنيه دفع الناس إلى البيع لجنى الأرباح، نظرا لأنهم اشتروه بأسعار أقل خلال الأسابيع الماضية. وقد سجل الدولار ارتفاعا بنحو 0.9% أمام الجنيه منذ بداية شهر مايو. وتتأثر حركة الاقتصاد بارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام العملة المحلية، خاصة عملات الدول التى يتربط بها بعلاقات تجارية قوية، فارتفاع قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، يعنى زيادة قيمة صادرات مصر والتى يتم شراؤها بالجنيه، وبالتالى تفقد السوق المصرية ميزتها التنافسية من حيث انخفاض الأسعار. لذلك يقول هانى جنينة، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار فاروس، إنه فى حالة استمرار انخفاض اليورو أمام الجنيه، يتطلب الأمر تدخل البنك المركزى بضخ المزيد من العملة المحلية فى البنوك، لإضعاف قيمة الجنيه، حتى تظل السلع المصرية محتفظة بتنافسية أسعارها فى الأسواق الأوروبية، الشريك التجارى الأكبر لمصر. وتشير سالى ميخائيل، محلل مالى أول ببنك استثمار النعيم، إلى أن إيرادات السياحة المصرية من دول الاتحاد الأوروبى ستتأثر سلبا بانخفاض العملة الأوروبية. وترجح ميخائيل، أن ينخفض سعر اليورو عالميا بأكثر من معدلاته الحالية، وأن لم يكن بشكل كبير، على أن يستقر سعره على المدى المتوسط على المعدلات المنخفضة التى يشهدها حاليا، معتبرة أن موقف اليورو سيكون ضعيفا فى مقابل العملة الأمريكية نظرا لتوقعات التعافى الاقتصادى الأسرع لأمريكا عنه فى أوروبا من آثار الأزمة المالية. وعلى المستوى الدولى لم يقتصر تأثير أزمة مديونية اليونان، التى دفعت سعر اليورو للانهيار، على الأسواق الأوروبية التى أغلقت منخفضة 3.4% فى المتوسط خلال تعاملات أمس الأول، ولكن تأثيرها امتد للبورصات الأمريكية حيث تراجع مؤشر داو جونز يوم الجمعة بنسبة 1.51% وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز بنسبة 1.88%، بالرغم من أن البيانات الحكومية الأمريكية أظهرت، يوم الجمعة، ارتفاع مبيعات تجار التجزئة فى الولاياتالمتحدة أكثر من المتوقع فى أبريل، مدعومة بزيادة مفاجئة فى مبيعات السيارات، وهو سابع شهر على التوالى ترتفع فيه مبيعات التجزئة. كما ساهمت الأزمة الأوروبية فى هبوط أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكى أمس الأول بنحو 4%، حيث سجل سعر عقود الخام الامريكى الخفيف ببورصة نيويوك، سعر 71.61 دولار للبرميل، وتعلق ميخائيل بأن أسعار البترول هى مؤشر لتوقعات النمو الاقتصادى العالمى، ومن المنتظر أن تقوض أزمات المديونية الأوروبية من النمو الاقتصادى لأوروبا فى الفترة القادمة، ليس فقط على مستوى الدول المدينة ولكن أيضا على الدول التى ستقدم المساندة المالية، وهو ما سينعكس سلبا على مستقبل سعر اليورو.