الصعود الكبير فى أسعار الذهب خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أحدث تغييرا واضحا لم يتركز فقط فى حالة العرض والطلب فى السوق ومكاسب محال المصوغات الذهبية؛ لكنه ساهم أيضا فى تحول أذواق المستهلكين إلى الفضة لتكون بديلا لحلى السيدات رغم ارتفاع أسعارها أيضا، لكن الأمر لم يصل إلى ذروته بعد، كما يوضح أحمد سيد صاحب محل الفضيات والتحف بوسط المدينة الذى يشير إلى ارتفاع المبيعات بنسبة 30% خلال الفترة الماضية، متوقعا زيادة بنسبة 100% قريبا. يقول سيد «السعر اللى كان الواحد بيدفعه فى الخاتم الفضة دلوقتى وخصوصا الفضة الإيطالى كان بيدفعه من 5 سنين تقريبا فى الخاتم الذهب»، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة زيادة أكثر فى الطلب على الفضة كبديل عن الذهب مع ارتفاع أسعار الأخيرة لما يقرب من 200 جنيه للجرام. لكن الأمر ليس كله مكسب بالنسبة لسيد كما يتخيل الكثيرون، حيث يوضح أن ارتفاع الذهب صاحبه أيضا زيادة فى أسعار الفضة التى وصل الجرام منها بدون عمولة التصنيع والضرائب إلى 280 قرشا وإلى نحو 12 جنيها بالنسبة للفضة الإيطالى، ومع هذه الزيادة يصبح من الصعب وضح هامش ربح كبير كما كان الحال من قبل. «يمكن تكون المبيعات زادت لكن كمكسب زمان كان أحسن طبعا لأن قبل كده كان سعر الجرام 50 قرشا وكان ممكن يكون فيه هامش زيادة كبير وأحقق مكسبا معقولا، لكن دلوقتى لو رفعت السعر جدا الزبون هيهرب منى»، هذا السبب الذى ساقه سيد، الذى يعمل فى مجال بيع الفضة مع التحف ة منذ نحو 20 عاما، ليوضح أن ارتفاع الأسعار ليس دائما فى صالح البائع. ومن وجهة نظر سيد فإن الزيادة فى أسعار الذهب والفضة ترجع إلى زيادة المضاربة على المعادن فى الأسواق العالمية، مما جعل الأمر لا يرتبط بالعرض والطلب فى السوق كما كان الحال من قبل. يشار إلى أن المستثمرين ينظرون للذهب وبعض المعادن الأخرى كملاذ آمن فى أوقات التقلبات فى البورصات وأسواق البترول، وتراجع الدولار أمام العملات الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المعدن النفيس بنسبة 24% خلال عام 2009 فى بورصة لندن، فى الوقت الذى هبط فيه الدولار أمام اليورو، و5 عملات أخرى، بنحو 6.4%. وفى محل سيد هناك نوعان من الفضة ينقسمان بين نوعين من الزبائن، فهناك الفضة الفلكلورى أو البدوى الداكنة ذات التشكيلات ة التى يقبل عليها أكثر الأجانب والمنتمين «للطبقة الأرستقراطية»، كما يصفهم سيد، والذين يعرفون قيمة هذا النوع من الفضة. أما النوع الثانى فهى الفضة الإيطالية التى تشبه الذهب الأبيض والبلاتين فيفضله الزبون المصرى العادى «فهو يعوضه عن الذهب بلمعته القوية وأشكاله الشعبية من ورود وقلوب». محل سيد الذى يعمل فيه مع والده الذى ورث هذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما يقع فى شارع جانبى من شارع قصر النيل، مما يجعله غير ملحوظ بشكل جيد، إلا أنه لا يشعر بالقلق بهذا الشأن لأن زبونه يعرفه من زمان ويأتى له خصيصا للشراء من عنده. تأثير ارتفاع أسعار الذهب لم تقف عند بائعى الفضة فقط بل انتقلت إلى ورش صناعتها أيضا، كما يوضح سيد، حيث بدأت بعض الورش فى تصنيع حلى من النحاس وطلائه بطبقة من الفضة ليصبح شكله فى النهاية مماثلا للحلى الفضية، مع تعريف المستهلك بحقيقته. ويوضح سيد أن هذا الاتجاه بدأ مع ارتفاع أسعار الفضة أيضا، وقلة المستورد منها، فلجأ المصنعون إلى النحاس لرخص سعره وإمكانية إنتاج كميات أكبر منه، مضيفا أن عمولة تصنيع الفضة لا تختلف عن النحاس. ويحكى سيد عن أمثلة شاهدها من محال ذهب تحولت إلى الفضة بعد الركود الذى شهدته السوق فى الفترة الأخيرة، أو بدأت فى وضع الفضة بجانب الذهب فى نفس المكان للاستفادة من إقبال المستهلكين عليها.