مع تنامى الحضور السياسى التركى فى منطقة الشرق الأوسط من الوساطة بين إسرائيل وسوريا إلى عرض الوساطة بين الغرب وإيران، حذرت تقارير دولية من تداعيات هذا الحضور على دور أنظمة الحكم العربية وبخاصة ما تعرف بدول محور الاعتدال وفى مقدمتها مصر والسعودية. فمجموعة الأزمات الدولية ترى فى تقريرها أن اللهجة الحادة التى سادت العلاقات التركية الإسرائيلية فى الآونة الأخيرة قد زادت من شعبية القادة الأتراك بشكل غير مسبوق لدى شعوب منطقة الشرق الأوسط، بينما انتاب حكومات المنطقة قلق من تأثير الخطاب التركى العاطفى ضد إسرائيل على شعوبها، أو من المطالب الضمنية لتركيا بتمثيل العالم الإسلامى بأسره. ليس هذا فحسب بل إن مجلة فورين أفيرز الأمريكية ترى أن الدور التركى المتزايد فى منطقة الشرق الأوسط لا يجب أن يثير قلق القوى الغربية. فالمجلة الأمريكية ترى أنه على الغرب الترحيب بسياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا بما فى ذلك تحركاته فى العالمين العربى والإسلامى لأن تركيا بما تتمتع به من احترام وثقة يمكنها أن تلعب دور الوسيط على سبيل المثال بين إيران والغرب، إسرائيل وفلسطين، إسرائيل وسوريا». فى المقابل فإن الحكومات العربية مع علمها بضعفها الجمعى، رحبت فى البداية بالحضور التركى كدولة لها ثقل فى مواجهة إيران وإسرائيل، ولكن أصبحت لا تشعر بالارتياح بعد خطاب رئيس الوزراء التركى المعادى لإسرائيل حيث بدا أنه يسحب البساط من تحت أنظمتها على حد وصف تقرير مجموعة الأزمات الدولية عن الحضور التركى فى الشرق الأوسط. وفى هذا الصدد يقول الدكتور محمد نور الدين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية فى بيروت إن «الدور التركى فى منطقة الشرق الأوسط يمثل قلقا لدى الأنظمة العربية التى توصف بالمعتدلة، فالخطاب السياسى التركى تجاه قضايا الشرق الأوسط كلها من غزة وحماس إلى القدس والبرنامج النووى الإيرانى والعلاقات مع سوريا تتعارض مع مجمل خطاب دول «الاعتدال العربى»، وهو الأمر الذى يشكل عقبة أمام إمكانية إيجاد طريق ممهد أمام هذا الدور». وعلى الصعيد الشعبى يرى نور الدين «إن الخطاب الجديد لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا ينسجم مع تطلعات الشارع العربى ومزاجه السياسى، فتركيا عارضت الغزو الأمريكى للعراق وصيغة تقسيمه إلى فيدراليات وكانت المحامى شبه الوحيد عن حركة المقاومة فى غزة وهى الأكثر انتقادا لممارسة إسرائيل فى الأراضى المحتلة، وهو الأمر الذى أسفر عن أن يلقى الخطاب التركى صدى كبيرا جدا لدى الشارع العربى المثخن بالهزائم والانكسارات».