وزير البترول يبحث مع شركة ويذرفورد العالمية خطط التوسع في تطبيق التحول الرقمى    بث مباشر| مؤتمر صحفي للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي بمعبر رفح    تدريبات فنية لحراس الزمالك على هامش مران اليوم    تسريب تشكيلة ريال مدريد أمام سوسيداد.. هجوم مرعب ومفاجأة بشأن زميل روديجر    الإنقاذ البري يبحث عن مفقودين تحت أنقاض عقار الزيتون المنهار.. صور    شيخ الأزهر والبابا تواضروس يدعمان المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان ضمن محاور المشروع القومي للتنمية البشرية    تنسيق المرحلة الثالثة 2024 أدبي وعلمي.. رابط تسجيل الرغبات عبر موقع التنسيق (تبدأ خلال ساعات)    غرامات قطارات السكك الحديدية 2024.. التدخين 100 جنيه    كارت الخدمات المتكاملة 2024.. خطوات الاستعلام عن موعد الكشف الطبي بالرقم القومي    جمهوريون ينتقدون كامالا هاريس بسبب أفغانستان.. وقادة عسكريون يدافعون عنها    أونروا: تقديم الخدمات الإغاثية لغزة من المهام الصعبة للمنظمة    منتخب السنغال يحقق أول فوز فى تصفيات أمم أفريقيا بهدف ضد بوروندى.. فيديو    العاهل الأردني يهنئ الرئيس الجزائري بمناسبة إعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة    لمواجهة نقص المعلمين.. تفاصيل مُقترح بأداء خريجي الكليات النظرية الخدمة العسكرية بالمدارس    رئيسا الطائفة الإنجيلية ومجلس أمناء التحالف الوطني بلتقيان بحضور نائبة وزيرة التضامن    لمدة 4 مواسم.. سيدى نداى يجتاز الكشف الطبى ويوقع عقود انتقاله للزمالك    بين يوفنتوس وباريس.. صراع أوروبي للتعاقد مع محمد صلاح في الصيف المقبل    موعد مباراة السعودية ضد الصين في تصفيات كأس العالم 2026    وزير الري: التصرفات الإثيوبية تتسبب في ارتباك كبير بمنظومة إدارة مياه النيل    ملابسات واقعة عامل دليفري سرق متعلقات من داخل عقار في النزهة    لينك نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني الرسمي.. خطوات الاستعلام عنها فور إعلانها    وزير الثقافة يُكرم 116 مبدعًا من الفائزين بجوائز الدولة آخر ست سنوات    تعرف على أعضاء اللجنة العليا لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي: نطالب بوقف فوري لإطلاق النار بغزة    «ثقافة الإسماعيلية»: بدء مشاهدات نوادي المسرح واستمرار الأنشطة الصيفية    رانيا يوسف تحتفل ببدء تصوير مسلسل "روج أسود"    عروض مهرجان المسرح التجريبي ترفع شعار "كامل العدد" في دورته الحادية والثلاثين    هل يجوز سفر الفتاة مع خطيبها؟ عضو ب«العالمي للفتوى» تجيب    بمعايير عالمية.. جامعة المنصورة تفتتح جناح العمليات المطور بمركز الأورام    محمود توفيق يودع وزير الداخلية السعودي بمطار القاهرة    "الإفتاء" توضح حكم التهادي بحلوى المولد النبوي الشريف    مصرع جزار بسبب مشاجرة مع فكهاني بالهرم    كريستيانو رونالدو يقص الشريط نحو الهدف رقم 1000 في مسيرته الكروية    القنوات الناقلة لمباراة السودان وأنجولا في تصفيات أمم أفريقيا 2025 وترتيب المجموعة    اعرفى السعرات الحرارية الموجودة في حلوى المولد بالجرام    عريس كفر الدوار: "أنا بياع على باب الله وعدم استطاعتي شراء بدلة شيء لا يعيبني"    عاجل | مصر تبحث تنمية التعاون الصناعي مع العراق في صناعات قطاع الكهرباء والمنسوجات والجلود    مساعد رئيس هيئة الدواء يلتقي وفد الحكومة الصينية على هامش مؤتمر "فارماكونكس"    واعظة بالأوقاف: توجه نصائح لكل زوجة" أخد الحق حرفة"    جامعة بنها تستقبل وفدًا من خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية    صور- بيان من جهاز 6 أكتوبر بتفاصيل حملات إزالة الإشغالات ومخالفات البناء    محافظة القاهرة تطلق حملة عينك أمانة للكشف على أمراض العيون مجانا    مارس الرذيلة مع 99 امرأة.. الحكم بإعدام طبيب روض الفرج    عاجل.. تأجيل محاكمة مضيف طيران و6 آخرين في تهريب دولارات للإخوان بالخارج    المشدد 5 سنوات لمتهمين و7 سنوات غيابيا لآخرين لشروعهم في سرقة ماشية من حظيرة بطوخ    انطلقت فعاليات اليوم الثانى والختامى gمنتدى الإعلام الرياضى    انتخابات أمريكا 2024| جورج بوش يستبعد دعم كلا المرشحين بالانتخابات    «المشاط» تؤكد أهمية الاستفادة من تقارير وإصدارات معهد التخطيط القومي    حيثيات إعدام عاطل قتل صديقه داخل مسكنه بسبب خلافات بينهما فى الجيزة    وزير خارجية التشيك: زيارة رئيس كوريا الجنوبية فصلا جديدا في العلاقات الثنائية    سجلت 3 مليارات دولار.. البنك المركزي يعلن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج    وزير الصحة: نعمل على خفض الوفيات بسبب الدرن بنسبة 90% في 2030    برج الدلو.. حظك اليوم الإثنين 9 سبتمبر: قلل التوتر    المشاط: اتفاقية «تمويلي» تُمثل تخارجا استراتيجيا للشركات الحكومية يتسق مع توجه الدولة    عالم: ليس كل أزهري مؤهل للفتوى.. واستحلال الحرام «كفر»    باحث أزهري: الله وعد المؤمنين بشفاعة الرسول يوم القيامة (فيديو)    وزارة الصحة: انطلاق برنامج تدريب المعلمين بمدارس التمريض على المناهج الجديدة    الجيش الروسي يتقدم شرق أوكرانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الدعم النقدى والدعم العينى
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 08 - 2024

المفاضلة بين الدعم النقدى والدعم العينى هى مسألة معقّدة ومقيّدة بسياق اقتصادى واجتماعى وسياسى شديد التداخل. وإذا كان لأحد البديلين ميزة مطلقة على البديل الآخر، لما بقى السؤال يتردد فى مختلف المحافل والأوراق البحثية، عن أنسب أشكال الدعم.
ولأن الحوار الوطنى فى مصر يعتزم طرح تلك المسألة للبحث على مائدة الخبراء والمسئولين وأصحاب المصلحة، فلا بأس أن نكرر بعضا مما ذكرناه فى معرض تناول تلك القضية على مختلف منصات ووسائل التواصل والنشر. على أن يظل الكثير من التفاصيل متاحا للقرّاء الراغبين فى الاستزادة والتعمّق من المصادر آنفة الإشارة.
• • •
فى الحديث عن التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى، هناك عدد من الاعتبارات التى يجب أن يُنظر إليها؛ أولا: يتعيّن علينا إعادة تعريف الدعم، حتى يمكن أن نحدد القدر من التكاليف الذى يمكن أن يوصف بأنه دعم، وذلك القدر الذى يتوزع بين هدر وفاقد وسرقات وفساد وتسرّب خارج منظومة الدعم إلى غير مستحقيه.. يرتبط بهذه النقطة مسألة أخرى تؤثر على هيكل التكاليف وتجعل تعريف الدعم مسألة صعبة. تحرير أسعار بعض المنتجات والخدمات، وترك بعضها ليتحدد وفقا لقوى السوق العالمية تعترضه العديد من العقبات، لكن أبرزها على الإطلاق هو ضرورة تحرير سوق السلعة أو الخدمة قبل تحرير أسعارها. ولأن غالبية السلع والخدمات التى تتحدث الحكومة عن تحرير أسعارها هى محتكرة من قبل أذرع حكومية للدولة، فسوف تظل الأسعار (المحلية) مشوّهة بالقدر الذى يتحكم من خلاله المحتكر فى تحديد الأسعار للمستهلك، وبالقدر الذى تغيب فيه المنافسة عن الأسواق، ويختفى حافز تحسين كفاءة الإنتاج والتوزيع وأحيانا الربح. باختصار، إذا أردنا تحرير الأسعار فلا بد من تحرير الأسواق.
ثانيا: يجب بناء نماذج قياسية تساعدنا على تقييم كفاءة التحول إلى الدعم النقدى. بشكل نظرى، الدعم النقدى هو الأكفأ والأسرع وصولا إلى مستحقيه، لكن فى التطبيق العملى هناك عدد من الشروط التى يتوقف عليها تحقق كفاءة الدعم النقدى. أهم تلك الشروط هو أخذ معدلات التضخم فى الاعتبار. من ناحية، يتسبب التوسّع فى التحوّل إلى الدعم النقدى فى خلق موجة تضخمية جديدة، ناتجة عن زيادة المعروض النقدى فى الأسواق؛ فوزارة المالية عادة لا تلجأ إلى إعادة تخصيص المصروفات لصالح الدعم، على سبيل المثال، لن تلجأ إلى تخفيض الاستثمار الحكومى بنسبة 30% وتوجيه تلك النسبة لمستحقى الدعم. ونظرا لأن الحكومة لا تملك مساحة مالية كبيرة بالموازنة العامة، نظرا لاستهلاك خدمة الدين العام للجانب الأكبر من استخدامات تلك الموازنة (أكثر من 60%) فغالبا ما سيتم تمويل الدعم النقدى عبر سحب من البنك المركزى (على المكشوف) أو عبر إصدار أدوات دين قصيرة الأجل، سيمولها القطاع المصرفى أيضا، بما يزيد من الضغط على معدلات التضخم. كذلك ومن ناحية أخرى، يجب أن يؤخذ فى الاعتبار ارتفاع معدلات التضخم العام فى مصر عن رقمين فى الأجل الطويل (أى أعلى من 10%). وبعيدا عن المستهدف غير الواقعى لمعدلات التضخم، فإن تلك المعدلات تدور اليوم حول 27% سنويا، مما يعنى أن التحوّل إلى الدعم النقدى ما لم يرتبط بآلية لتعويض مستحقى الدعم عن معدلات التضخم السنوية، فإن هذا الدعم سيتآكل بشكل سريع حتى يصبح غير ذى قيمة.
أما إذا انتبهت الحكومة إلى ذلك، وقامت بوضع آلية للتعويض، فإن نسبة الدعم إلى إجمالى المصروفات سوف تزداد بوتيرة متسارعة، أشك أن الحكومة ستكون قادرة على مواكبتها بالهيكل الحالى للموارد. فالمتأمل فى الدعم عبر السنوات يلاحظ أنه تراجع من كونه يمثّل 25% من حجم الموازنة العامة طوال عقود، إلى مستوى لا يزيد على 11,5% من استخدامات موازنة 2024 /2025 شاملا الامتيازات الاجتماعية كلها، ومستحقات أصحاب التأمينات التى تردها المالية إليهم، نتيجة لأخطاء اكتوارية قديمة ومتراكمة ولأسباب أخرى يضيق بها المقال!.. وإذا أرادت الحكومة أن تطارد التضخم فى قيمة الدعم النقدى، فإن نسبة الدعم لابد أن تزيد بشكل مستمر. واهم إذن من يتصوّر أن الدعم النقدى يعنى حصر قيمة الدعم العينى فى تاريخ، ثم تحويل القيمة إلى نقود، ثم صرف النقود دون زيادة طيلة سنوات، خاصة مع سرعة تراجع قيمة العملة الوطنية. وإذا وقع هذا، فهو مرادف لإلغاء الدعم أو تحويله إلى شئ رمزي، لا يختلف فى أثره عن معاشات تقدّمها النقابات المهنية تبلغ قيمة بعضها 50 جنيها شهريا، يعنى ما يزيد قليلا على دولار واحد!!
ثالثا، قبل اتخاذ قرار بالتحوّل إلى الدعم النقدي، يجب أن تعرف ما هو الهدف من الدعم؟ هل الهدف هو تحقيق المساعدة فقط؟ أو المساهمة فى خفض معدلات الفقر؟ أو تحقيق أهداف أكثر تحديدا مثل تحسين وضع الأمن الغذائى (بالنسبة للدعم الموجّه إلى عدد من المنتجات الغذائية الهامة)؟
الأمن الغذائى هو عنصر هام من عناصر الأمن القومى لأى بلد، والدول التى تدعم المنتجات الغذائية منتشرة حول العالم. هناك صور للدعم العينى متمثّل فى كوبونات الغذاء فى الولايات المتحدة، بخلاف دعم منتجات زراعية كالحبوب بشكل عام دون استهداف فئة من المستهلكين، وذلك بتوجيه أشكال مختلفة من الدعم لمنتجى تلك السلعة، وهذا موجود أيضا فى منتجات الوقود التى يتم دعم منتجيها مع مراقبة تأثير ذلك على السعر للمستهلك. وهناك عدد من التجارب الآسيوية لدعم المنتج الغذائى الأهم فى أندونيسيا وماليزيا، وأشهرها برنامج «راسكين» الذى يقدم الأرز المدعّم للفقراء ومن هم بالقرب من خط الفقر فى أندونيسيا. وتمتلك الهند شبكة كبيرة من المنافذ التى تقدّم منتجات غذائية مدعّمة للمواطنين.
فإذا كان الهدف من تقديم الدعم هو تحقيق الأمن الغذائى، فربما كان التحوّل الكامل إلى الدعم النقدى غير فعّال. تخيّل معى وجبات الأطفال فى المدارس لو استبدلات بنقود ينفقها الأطفال على ألعاب إلكترونية، فهل يحسّن هذا من صحة الطفل ويقلل من احتياجه للرعاية الصحية؟! أو تخيّل وجبات العمال فى المصانع ذات التعرّض الكبير للتلوّث لو استبدلت بنقود، فهل يحقق هذا المستهدف من توافر الحد الأدنى من الوقاية ضد الأمراض وتحسين إنتاجية العامل فى الأجل الطويل؟!
صحيح أن النقود فى أيدى الفقراء أو المحتاجين مطلوبة دائما، وتلبّى احتياجاتهم التى لا يحق لأحد أن يفرض وصاية عليها أو يحدد لهم أولويات إنفاقهم.. لكن الدولة أيضا يجب أن يكون لها أولويات فيما يتعلق بالأمن الغذائى وتحديد مستهدفاته، وفيما ينعكس إيجابا على الصحة العامة للمواطنين، ويقلل من فاتورة الرعية الصحية (بفرض أننا نتبع منهجا شديد البرجماتية يخلو من الاعتبارات الإنسانية). هنا يكون استمرار الدعم العينى ولو جزئيا مفيدا وضروريا.
• • •
كذلك يمكن أن تكون هناك خطوة انتقالية من الدعم العينى إلى النقدى، كما يحدث فى التعامل مع نقاط الغذاء ونقاط الخبز على بطاقات السلع التموينية. هذه النقاط يمكن أن تكون قابلة للتحويل إلى نقود فى حدود معينة. بمعنى أن النقاط السلعية يمكن لحاملها شراء سلع معينة من منافذ محددة، ويمكن استبدال جانب من تلك النقاط بنقود عبر ماكينات الصرّاف الآلى. تلك آلية ممكنة وقابلة للتطبيق فى بطاقات التموين والخبز فى مصر، وأعرف من واقع عملى السابق مساعدا لوزير التموين والتجارة الداخلية، أنها ميسّرة من الناحية التقنية واللوجستية.
كاتب ومحلل اقتصادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.