انتقد تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى عن مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2010/ 2011، والمعروض بالمجلس أمس الأول، السياسة الضريبية فى مصر، والتى تجعل المساهمة الحكومية فى الضرائب أكبر من مساهمة القطاع الخاص، بالرغم من أن الوظيفة الأساسية للحكومة هى جمع الإيرادات لتنفيذ السياسات العامة. ويشير تقرير مجلس الشورى إلى أنه وفقا لمشروع الموازنة العامة للعام المالى المقبل فمن المتوقع تحصيل ضرائب عامة قدرها 106.5 مليار جنيه، تسهم الحكومة فيها بنحو 48% ممثلة فى الضريبة على جهات حكومية مثل الهيئة العامة للبترول وهيئة قناة السويس التى تخضع ضريبيا، تليها أرباح الشركات، عامة وخاصة، بنحو 20%. ومن ناحية أخرى، تبلغ مساهمة الموظفين والعمال فى صورة ضريبة الرواتب بنحو 11 مليار جنيه بما يمثل 10.3% من مجمل الضرائب العامة، وهى أكثر من مساهمة نشاط المنشآت التجارية والقطاع المهنى (متمثلا فى أصحاب المهن الحرة كالأطباء والمهندسين) مجتمعين بحسب التقرير، كما يتفوق إسهام ضريبة الرواتب على الضرائب المفروضة على عوائد الأذون والسندات الحكومية، أما النشاط المهنى فلا يكاد يسهم فى الضريبة إلا بأقل من نصف مليار جنيه. واعتبر التقرير أن هذه الأرقام تكشف عن حقيقة التفاوت فى توزيع الأعباء الضريبية بما لا يتلاءم مع مقدرة الممولين «كما يبين إلى أى مدى تعتمد الحصيلة الضريبية على الحكومة ذاتها وكأنها الدائن والمدين فى آن واحد» بحسب تعبير التقرير. ويوضح أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب والاستثمار، أن مساهمة الدولة فى الحصيلة الضريبية ترجع إلى أن نحو 80% من الإيرادات الضريبية تأتى من كبار الممولين وهم يتمثلون فى الشركات القابضة العامة والبنوك العامة وجهات عامة أخرى. وطالب التقرير بفرض ضريبة متغيرة على نشاط الاستثمار فى البورصة تبعا لأوضاع سوق المال الذى يتعرض أحيانا لاضطرابات اقتصادية تقلل من أرباحه، وضرب مثالا على هذه الاضطرابات بأزمة جنوب شرق آسيا فى تسعينيات القرن الماضى. ويؤيد فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع، فرض ضريبة على أرباح بيع أسهم الشركات المقيدة بالبورصة «ليس طبيعيا أن تكون هناك أرباح ولا يفرض عليها الضرائب». إلا أن عبدالغنى يعارض مثل هذا الإجراء لأنه سيؤدى إلى تقليل تنافسية سوق المال المصرية وتدفق الاستثمارات إليها. ويرى عبدالفتاح أنه حتى فى حال فرض ضريبة على صافى أرباح البورصة بنهاية العام المالى سيحقق المستثمرون أرباحا أكبر من سعر الفائدة البنكية، وستظل سوق المال مكانا جاذبا للاستثمار. ويشير عبدالغنى إلى أنه من الممكن تحقيق إيرادات ضريبية أكبر عن طريق مكافحة التهرب الضريبى بدلا من فرض ضرائب جديدة «هناك حالات تهرب كثيرة تحدث فى مجالات كبيع العقارات والأراضى من الممكن توليد إيرادات ضريبية كبيرة عن طريقها». ويضيف عبدالغنى أنه بالرغم من أن قانون الضرائب على الدخل لسنة 2005 كان يستهدف ضم القطاع غير الرسمى للمجتمع الضريبى، فإن مصلحة الضرائب لم تنجح فى تحقيق هذا الهدف بالكفاءة المتوقعة. ويرى سمير مرقس، محاسب قانونى وخبير ضريبى، أن هناك نحو 3.5 مليون ممول من المنشآت الصغيرة والحرفية غير مدرجة فى ملفات مصلحة الضرائب، معتبرا أن رفع كفاءة الحصر الضريبى وإنشاء قاعدة معلومات تغطى جميع الممولين سيسهمان فى زيادة الإيرادات الضريبية. وكان تقرير لوزارة المالية العام الماضى قد رصد زيادة عدد الممولين من 1.4 مليون ممول عام 2004 إلى أكثر من 3 ملايين ممول بنسبة نمو 114%.