تكليف إيهاب عبد الصادق بالعمل مديرًا عاماً للإدارة العامة لشئون التعليم والطلاب بجامعة القناة    الدرندلي يزور ثلاثي الزمالك المحتجز في الإمارات    نوري شاهين: لا نسعى للانتقام من ريال مدريد.. ولهذا السبب لم نتدرب على ملعبهم    الأونروا: سكان شمال غزة يعيشون في ظروف مروعة    تعرف على حجم تجارة مصر مع دول بريكس.. زيادة الاستثمارات تتصدر ملفات قمة قازان    إيران: جيراننا أكدوا عدم سماحهم استخدام أراضيهم وأجوائهم ضدنا    أيمن الشريعي: الأهلي المنظومة الأنجح ولكن لا يوجد أنجح مني    مصرع شخص وإصابة آخر إثر اصطدام دراجة بخارية بحوض مياه ري بالمنيا    ضبط 271 مخالفة خلال حملات تموينية مكبرة على المخابز والأسواق بالمنيا    وزير الأوقاف يلتقي رئيس إندونيسيا بقصر الرئاسة بجاكرتا - صور    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    أداء متباين لمؤشرات البورصة في منتصف تداولات اليوم    وزيرة التنمية المحلية ورئيس جهاز تنمية المشروعات الصغيرة يوقعان بروتوكولا لتقديم الدعم    برلماني: إنشاء الميناء الجاف بالعاشر من رمضان نقلة نوعية في مجال النقل    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    مشيرة خطاب: خطة عمل متكاملة عن الصحة الإنجابية بالتعاون مع منظمات دولية    وزير التربية والتعليم يكشف عن إجراءات جديدة لتحسين أوضاع المعلمين وتطوير المنظومة التعليمية في جلسة مجلس النواب    خطفوه وصوروه عاريا .. تفاصيل جريمة منيا القمح    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    احتفالات أبوسمبل.. رقص السائحات خلال تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني| صور    مناقشات للتوعية بالحفاظ على البيئة وتواصل دوري المكتبات في ثقافة الغربية    حفل هاني شاكر في مهرجان الموسيقى العربية الليلة «كامل العدد»    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    وزيرا الشباب والرياضة والتعليم يبحثان التعاون في إطار مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    «الصحة»: إضافة الأمراض النادرة لقانون صندوق الطوارىء الطبية أداة فعّالة لعلاجها    فى اليوم العالمى له، اعرف ماهو التلعثم والتأتأة وأسباب إصابة الأطفال بهما    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    تعرف على أسعار السمك والمأكولات البحرية اليوم في سوق العبور    وزير التعليم للنواب: لا يوجد فصل الآن به أكثر من 50 طالبا على مستوى الجمهورية    رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    أخواتي رفضوا يعطوني ميراثي؟.. وأمين الفتوى يوجه رسالة    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    وزير الشئون النيابية يناقش التقرير الوطني لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    في خدمتك| العمل تحدد شروط شغل 950 وظيفة بالقاهرة    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    رواية الشوك والقَرنفل.. السنوار الروائي رسم المشهد الأخير من حياته قبل 20 عاما    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر التوترات الجيوسياسية
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 05 - 2024

تؤكد الدوائر الاقتصادية الدولية أن التوترات الجيوسياسية، أو أجواء عدم اليقين الجيوسياسى، باتا يتصدران قائمة المخاطر، التى تتربص بالاقتصاد العالمى خلال العام الجارى. حتى إن الخسائر الناجمة عن المخاطر الجيوسياسية، ستفوق أضرار جائحة «كورونا»، التى كبدت اقتصادات العالم خسائر تتخطى ثلاثة تريليونات دولار.
عالميا، ووسط ترقب الأسواق لأصداء التوترات الجيوسياسية فى الشرق الأوسط، اضطربت أسعار النفط والذهب، كما ارتبكت إمدادات الطاقة، وتعطلت سلاسل التوريد، وانكمشت سعة الشحن البحرى بنسبة 20%، وخيم الحذر على العلاقات بين الدول. الأمر الذى ألقى بظلال من الغيوم على مشاريع المستقبل الجيوسياسية المتمثلة فى الممرات الاقتصادية. ولقد شكل هذا المشهد الديناميكى المعقد، تحديًا هائلاً لصناع السياسات، خبراء الاقتصاد وقادة الأعمال فى شتى أصقاع المعمورة. وشرق أوسطيا، أكد صندوق النقد الدولى، أن الاضطرابات الجيوسياسية تضغط على اقتصادات دول المنطقة، التى تمر بحالة، بالغة الخطورة، من عدم اليقين. أما على الصعيد المصرى، فتفيد المؤسسات المالية العالمية بأن التوترات الجيوسياسية ستضاعف الضغوط الداخلية والخارجية على اقتصاد المحروسة. إذ تتوقع وكالة «فيتش» أن تنعكس تلك التوترات، سلبا، على عوائد السياحة المصرية. فيما لا تستبعد مؤسسة «إس آند بى جلوبال»، أن تفاقم اضطرابات الملاحة بالبحر الأحمر، أزمة شح الدولار، التى تخيم على الاقتصاد المصرى، خصوصا فى ظل تراجع عوائد قناة السويس بنسبة 60%.
فى تقريرها الأخير حول توقعاتها إزاء الاقتصاد العالمى للعام الجارى؛ حذرت منظمة التجارة العالمية من أن النزاعات والتوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين فى السياسات الاقتصادية، تشكل مخاطر جمة على التوقعات. كما سلط التقرير الضوء على انكماش التجارة العالمية، بنسبة 1.2% خلال العام 2023. فمع استمرار التوترات الجيوسياسية، التى كان أحدثها أزمة البحر الأحمر، الذى يحتضن 15% من إجمالى التجارة العالمية، ثم تعليق الحركة الجوية فى بعض الدول العربية، نتيجةً للتصعيد الإيرانى الإسرائيلى، واصلت حركة التجارة الدولية تراجعها خلال العام الجارى. وحالة استمرار ذلك الوضع المتأزم لفترة طويلة، ستتعاظم أضراره على سلاسل الإمداد والتوريد خلال الفترة المقبلة، كما ستنخفض التوقعات المستقبلية لمنظمة التجارة العالمية، مقارنة مع توقعاتها السابقة فى أكتوبر الماضى. فلقد أفضى ارتباك مسارات السفن بالبحر الأحمر، إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، ومن ثم، تنامى أسعار السلع. فيما انعكس قرار تعليق حركة الطيران فى بعض الدول العربية، جراء الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، سلبا، على السياحة، الطاقة وسلاسل الإمداد.
يرى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن تواصل هجمات الحوثيين على السفن التجارية فى البحر الأحمر والمحيط الهندى، وما يستتبعه من تعطيل للملاحة فى قناة السويس، إلى جانب الاضطرابات فى البحر الأسود، بجريرة استمرار الحرب فى أوكرانيا. بالتزامن مع انخفاض منسوب المياه الناجم عن الجفاف فى قناة بنما، اشتداد وطأة العدوان الإسرائيلى على غزة ، واحتدام الخلاف الإثيوبى الصومالى بشأن أرض الصومال، ستخلف جميعها تداعيات مخيفة على قطاعى الشحن واللوجستيات عالميا. كما تتمخض عن اضطرابات مزعجة بسلاسل التوريد العالمية، وتسفر عن تداعيات سلبية على مسارات وطرق التجارة الرئيسة. بما يستوجب إعادة التفكير فى حماية سلاسل الإمداد العالمية، لتعزيز الاستدامة والمرونة فى وجه المخاطر الجيوسياسية والمناخية. وفى تقريره الأخير، أكد برنامج الأغذية العالمى، أن النزاعات، انعدام الأمن، الصدمات الاقتصادية، التغيرات المناخية، باتت تشكل جميعها فى عام 2023، مسببات محورية لانعدام الأمن الغذائى الحاد، الذى بات أضحى يهدد حياة ما يربو على 300 مليون إنسان حول العالم.
تفضى الحروب الاقتصادية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، إلى إعادة تشكيل ديناميكيات التجارة والاستثمارات الدولية. إذ تتسبب الحواجز التجارية التى يفرضها الجانبان تبادليا، فى تعطيل سلاسل التوريد العالمية. كما ينعكس تأثيرها السلبى المضاعف فى الاقتصادات المتشابكة معهما، على الصناعات والأسواق العالمية. ففى منتصف الشهر المنقضى، حذرت رئيسة البنك المركزى الأوروبى، كريستين لاجارد، من التداعيات السلبية بعيدة المدى للصراع الأمريكى الصينى. إذ سيضر بصناعة السياسات النقدية من جانب البنوك المركزية، ويتسبب فى اضطرابات محتملة بسلاسل الإمداد، تعطيل التجارة، إضعاف النمو وارتفاع التضخم بنسبة 5% . فضلًا عن جنوح الدول لإعادة توجيه سلاسل توريدها نحو الداخل، وهو التوجه، الذى يأتى ضمن سياق السياسات الصناعية الجديدة. فعلى عكس السياسات الاقتصادية الانفتاحية التى تبنتها فى العقود السابقة، تتجه الصين نحو المزيد من الاعتماد على الذات والتحول إلى الداخل؛ مع مواصلة إخضاع اقتصادها لسيطرة الدولة، توجيه الاستثمار فى قطاعات معينة، مثل التكنولوجيا؛ بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليص الاعتماد على الدول الغربية. وهكذا؛ تدفع الإجراءات المقيدة للتجارة من قبل واشنطن وبكين، نحو تسريع وتيرة انقسام الاقتصاد العالمى إلى كتل متنافسة، وحصر التكامل والتعاون الاقتصادى بين الحلفاء أو الدول الصديقة، التى تتبنى نفس السياسات والتوجهات. الأمر الذى سيخلف ارتدادات سلبية على الاقتصاد العالمى، مرونة سلاسل التوريد، أمن الغذاء والطاقة، كما يلحق الضرر بتوليد المعرفة والابتكار. كذلك، سيكون للتصعيد الصينى الأمريكى آثاره الضارة غير المباشرة على الاقتصادات الناشئة؛ لجهة إعاقة تدفقات رأس المال، كونه سيضعها تحت ضغوط جيوسياسية متزايدة من قبل القوى الكبرى المتنافسة.
مكنت التوترات الجيوسياسية شركات الدفاع العالمية، من زيادة إنتاجها وتعظيم أرباحها، واختبار وتطوير أنظمتها التسليحية؛ خصوصا مع طول أمد هذه الصراعات والحروب. فبينما دخلت حرب غزة شهرها الثامن، دلفت حرب أوكرانيا عامها الثالث، ما استتبع توسعا لافتا فى استهلاك الأسلحة والذخائر، ومن ثم زيادة الطلب عليها، رغم ارتباك سلاسل التوريد ونقص العمالة. ورصد تحليل أجراه معهد ستوكهولم لأبحاث السلام SIRPRI، لأكبر 100 شركة دفاعية، زيادة فى الإنفاق العالمى على التسلح خلال العام 2023 بنسبة 6.8%، ليبلغ تريليونين و443 مليار دولار؛ بسبب اندلاع الحروب، أو الخشية من انفجارها، وهو ما يعكس مدى تدهور الأمن والسلم والدوليين. فبحسب تقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، لامست دفاتر الطلبيات لكبريات شركات الدفاع العالمية، مستويات قياسية، بعد نموها بأكثر من 10% خلال عامين، بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية، لاسيما حرب أوكرانيا. وقد انتزعت 42 شركة أمريكية تتصدر قائمة أكبر 100 شركة لإنتاج الأسلحة عالميا، نصيب الأسد من الأرباح؛ بعدما احتكرت نسبة 51% من إجمالى المبيعات. فعلى وقع الحرب فى أوكرانيا، العدوان على غزة، التصعيد الإيرانى الإسرائيلى، بالتزامن مع التوترات الجيوسياسية بالبحر الأحمر، تنامى الطلب على الأسلحة، فى وقت كانت الشركات الدفاعية تعمل بطاقة إنتاجية محددة، فى ظل ارتباك سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف الإنتاج. الأمر الذى أتاح لموردى الأسلحة الشرق أوسطيين تحقيق أرباح هائلة، إثر قيامهم بسد فجوة إنتاج المصانع الغربية.
تتطلب الاستجابة الوطنية للتوترات الجيوسياسية المقلقة، مبادرات خلاقة، تتيح تحقيق المرونة الاقتصادية، وبناء أنظمة قادرة على الصمود والتكيف مع التحديات الآنية والمستقبلية. كما تكفل معاودة صوغ الرؤى، السياسات والأيديولوجيات المختلفة؛ خصوصا فيما يتصل بكيفية إدارة الاقتصادات الوطنية، وهيكلة التفاعلات داخل الأسواق الدولية. بما يفضى، فى نهاية المطاف، إلى إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية، وهندسة الشراكات على الصعيدين الإقليمى والدولى. كذلك، يستوجب الأمر، استنهاض اقتصادات البلدان النامية الصغيرة، غير الساحلية؛ والتى ستكابد انخفاضا مروعا فى تدفقات المساعدات الحيوية، جراء الانكماش الاقتصادى الحاد بالدول المانحة. وحستا فعل «المنتدى العالمى لسلاسل التوريد»، أن يعكف على التماس السبل الكفيلة ببلورة حلول مبتكرة لبناء شبكات إنتاج وتوزيع عالمية، أكثر اخضرارا، وأشد كفاءة ومرونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.