فوجئ أتباع الطريقتين العزمية والشبراوية أمس الأول، بمنعهم من عقد الحضرة المعتادة كل أسبوع بمسجدى الحسين والسيدة زينب، يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين. وأبلغ إداريون بالمسجدين جموع المصلين بأن هناك قرارا من وزارة الأوقاف بإلغاء «جميع حلقات الذكر الخاصة بجميع الطرق الصوفية، فى المساجد التابعة لوزارة الأوقاف على مستوى الجمهورية». وعلمت «الشروق» أن عبدالهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية يجرى اتصالات على كل المستويات لمراجعة القرار مع وزير الأوقاف، محمود زقزوق، وقال القصبى إنه لم يتأكد من وجود قرار رسمى من وزير الأوقاف بوقف الحلقات، «ولكن قد يكون للوزير موقف من بعض الأشخاص الذين يخرجون عن شرعية موالد الذكر». وكان الشيخ القصبى، الذى توجه لمقابلة الوزير بمقر الوزارة صباح أمس، قد أكد ل«الشروق» قبوله للقرار «إذا كان مؤقتا ولأغراض تنظيمية»، رافضا الحديث عن السيناريو المتوقع لمشيخة الطرق إلا بعد مقابلة الوزير، والتأكد من الخبر. وحتى مثول الجريدة للطبع لم تتمكن الجريدة من لقاء الوزير الذى كان يحضر اجتماعا لمجلس الوزراء. وكان موظفو الأوقاف بمسجد السيدة زينب قد أبلغوا أتباع الطرق الصوفية بالقرار قبل حضرة الثلاثاء الأسبوعية فى المسجد بيوم كامل، ورغم ذلك حضر العشرات من طرق مختلفة، خاصة الشاذلية والخليلية ودلائل الخيرات، وتجمعوا لبدء الحضرة فى دوائر منفصلة، عندما أبلغهم أحد موظفى المسجد، كان يصحبه اثنان من أمناء الشرطة، بمنع الحضرة. ورفض أبناء الطرق الصوفية الإذعان للأمر فى البداية، غير أن إدارة المسجد فاجأتهم بإطفاء الأنوار وإخراجهم من المسجد. وتضاربت المعلومات بشأن «القرار» الصادر عن الأوقاف، بين كونه «إشارة تليفونية، أو منشورا ورقيا، أو قرارا وزاريا»، بينما نفى المكتب الفنى لوزير الأوقاف حمدى زقزوق «صدور قرار رسمى ينص على إلغاء حلقات الذكر»، كما نفى الشيخ فؤاد عبدالعظيم وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد علمه بالقرار من الأساس. لكن الشيخ محمد عاشور شيخ الطريقة البرهامية قال ل«الشروق»: إن القرار وصل لمديرية الأوقاف بالقاهرة يوم الاثنين الماضى، عن طريق إشارة تليفونية من مكتب الوزير، تؤكد أن منع حلقات الذكر الخاصة بجميع الطرق الصوفية، بدون تفاصيل عن السبب أو المدة وهل القرار دائم أم مؤقت. وقال الشيخ علاء أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية: إن منع إقامة الحضرة تم بناء على قرار من وزير الأوقاف، «وفقا لمنشور تم توزيعه على المساجد التابعة لوزارة الأوقاف». وقال بعض شيوخ الطرق الصوفية: إن «القرار صادر من وزارة الداخلية لأسباب أمنية». وأضاف عاشور شيخ البرهامية أن «قرار المنع هو الأول من نوعه فى تاريخ الصوفية، وهناك حلقات منذ ثلاثين عاما لم يتم إيقافها نهائيا». وسادت حالة من الغموض والتوتر أوساط أكثر من 20 طريقة صوفية تقيم حلقات الذكر الخاصة بها فى مساجد وزارة الأوقاف، واعتبرها بعض الأتباع «إعلان حرب علينا». وقررت الطريقة البرهامية إلغاء حلقة الذكر المقررة الخميس المقبل بمسجد الحسين، ونقلتها إلى مقر الطريقة مؤقتا، وسط ثورة الرواد الذين طالبوا برفع شكوى لرئيس الجمهورية ومجلس الشعب، طبقا للشيخ عاشور. وقال عبدالخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية ل«الشروق»: إن الطرق فى انتظار نتيجة المفاوضات التى يسعى عبدالهادى القصبى لإجرائها مع وزير الأوقاف، وإن لم تسفر المفاوضات عن عمل إيجابى، فسوف يقوم هو وعشر طرق صوفية باللجوء إلى مجلس الشعب ورفع شكوى لفتحى سرور لإعادة حلقات الذكر للمساجد، «وفى حال عدم الاستجابة، سيتم تنظيم مؤتمر موسع لشرح القضية للرأى العام، يليه خطوات أخرى أكثر فاعلية». وتحظر المادة 42 من القانون رقم 118 لسنة 1976 «إقامة مجالس الذكر بأى مسجد إلا بإذن من مشيخة الطرق الصوفية، وبموافقة من وزارة الأوقاف». وأكد الشيخ أبوالعزايم أن القرار يأتى على خلفية «حدث جلل ومشكلة تمر بها البلد، والتجمعات الصوفية فى الحضرة فى هذه الفترة قد تمثل تحديا أمنيا خطيرا». والصوفيون فى وجهة نظره «مجموعات يمكن توجيهها من المشايخ»، وهنا سبب خطورتهم الأمنية، كما يقول. ويفترض شيخ الطريقة العزمية حدوث مشكلة، «يقرر على إثرها الصوفيون فى 10 مساجد فقط أن يخرجوا إلى الشارع، دى تبقى كارثة»، فالمشاركون بالحضرة الواحدة فى تقديره «قد يتجاوزون الألف تابع، وعدد الصوفيين فى مصر يصل إلى 15 مليونا». اقتراض الشيخ يضعه كاحتمال بعيد التحقق، فهو يرى أن «من مصلحة مصر وأمريكا وأى واحد بيفهم إن الصوفية تنتشر». الانشغال بالذكر والاهتمام بالأخلاق وطاعة أولى الأمر، تضمن مزيدا من الأمن، وهى مميزات لا تستغلها الدولة التى تنظر للصوفية على أنها «شىء مهمش لا تستغله من بعيد وقريب». فى حالة تطبيق القرار بصفة دائمة، يصبح الأمر بالنسبة للشيخ أبوالعزايم بمثابة «نجاح للتحالف بين التيارين الوهابى والعلمانى ضد الصوفية، ودا معناه إن وزير الأوقاف يا إما بقى علمانى أو وهابى».