«الجامعة العربية تراجعت عن خطة كانت قد تبنتها العام الماضى لملاحقة مجرمى الحرب الإسرائيليين بسبب عدم الاهتمام الرسمى. الموقف مؤسف، ولا يمكن أن يستمر، العالم العربى فى صمت على الجرائم الإسرائيلية، لأن هذه دعوة لإسرائيل للاستمرار فى جرائمها»، هكذا قال مصدر حقوقى عربى ل«الشروق». المصدر قال ل«الشروق»: إن خطة الجامعة العربية بتكليف فرق قضائية دولية مستقلة للذهاب إلى قطاع غزة وجمع معلومات وأدلة حول قضايا بعينها لجرائم الحرب التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين الفلسطينيين بغرض مقاضاتهم دوليا «يتم قتلها بصورة متدرجة ولكن حاسمة». وكانت الجامعة العربية قد كلفت القاضى المستقل ريتشارد دوجارد ترأس لجنة مستقلة قامت بإعداد تقرير شامل عن جرائم الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة المحاصر إسرائيليا فى نهاية 2008 وبداية 2009، دون أن يحظى هذا التقرير باهتمام عربى رسمى واضح. ورغم أن التقرير أشار إلى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب فى قطاع غزة فإنه لم يعد ملفات لقضايا محددة يمكن على أساسها ملاحقة كبار المسئولين الإسرائيليين، الذين كانوا فى الحكم خلال العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، أمام عدد من المحاكم الأوروبية فى الدول التى تطبق حق الاختصاص الدولى. ويعطى هذا التفويض القانونى الحق لمحاكم أوروبية أن تطلب توقيف ومقاضاة مسئولين إسرائيليين يتم اتهامهم. كان دوجارد، الذى عقد لقاءات الخريف الماضى مع مسئولين فى الجامعة العربية لتقديم النصح القانونى حول التحرك المحتمل قد قال ل«الشروق» : إن إرسال فرق قانونية إلى قطاع غزة يتطلب أن تقوم الجامعة العربية بتوفير ميزانية كبيرة لتشكيل هذه الفرق وتفعيل عملها بصورة سريعة وكفؤة. المصدر الحقوقى الذى تحدث ل«الشروق» قال: إن هناك إحساسا بالإحباط من تقاعس الدول العربية عن المضى قدما فى الجهد القائم على الاستفادة من القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى لمجابهة إسرائيل، التى مازالت تحاصر قطاع غزة. المصدر ذاته اتهم دولا عربية وصفها «بحلفاء وأعوان إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية» بالعمل على إيقاف الحركة القانونية التى كان يمكن لها أن تجبر المسئولين الإسرائيليين على الأقل فى التفكير جيدا قبل الإقدام على المزيد من الجرائم البشعة بحق الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال. هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام، نفى أن تكون الجامعة العربية قد تراجعت عن مشروعها القانونى. يوسف قال ل«الشروق»: إن الأمر كان محل دراسة من قبل وزراء الخارجية العرب فى اجتماعات جرت فى سبتمبر الماضى بمقر الجامعة العربية ثم فى مطلع شهر مارس وأخيرا من قبل وزراء الخارجية العرب فى الاجتماعات التحضيرية لقمة سرت الأسبوع الفائت. «كانت هناك مناقشة حول سبل متابعة هذا الأمر، ورأى وزراء الخارجية العرب المجتمعون أن يرجأ البت فى الأمر للنقاش فى اجتماعاتهم القادمة فى شهر سبتمبر من هذا العام». ورفض رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية الالتزام بموعد محدد لبدء التحرك فى تشكيل الفرق القانونية أو موعد لرصد الميزانية المطلوبة لهذه المهمة. وفى حين اتهم المصدر الحقوقى فى حديثه ل«الشروق» «مصر» بالوقوف وراء «المماطلة فى هذا الأمر، لأنها لا تريد أن تكون مسئولة أمام إسرائيل أو الولاياتالمتحدة» بالسماح لفرق قانونية بالدخول إلى قطاع غزة لجمع الأدلة الخاصة بملفات القضايا التى سيتم على أساسها ملاحقة مسئولين إسرائيليين بعضهم سابق وبعضهم حالى بارتكاب جرائم حرب، قال مصدر دبلوماسى مصرى: إن الأمر لا يتعلق بمصر وحدها، لأن هناك شعورا عربيا عاما بأن هذا التحرك لن يجدى فى شىء، وأن الوقت الراهن ليس بالضرورة الوقت الأمثل للدخول فى مواجهة قانونية مع إسرائيل. الدبلوماسى المصرى أضاف أن السلطة الفلسطينية تسعى الآن، بدعم من مصر ودول عربية أخرى، للاستفادة من رغبة أمريكية فى الضغط على إسرائيل للتحرك الجاد نحو الدخول فى مفاوضات الحل النهائى. ويأتى إرجاء التحرك العربى لملاحقة مسئولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال بعد أقل من أربعة أسابيع من إرجاء المجلس الدولى لحقوق الإنسان النظر فى تقرير المقرر الخاص لحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بناء على طلب السلطة الفلسطينية.